الجمعة، سبتمبر 26، 2014

الذبح مع التكبير؛ دعوة بالحسنى ، أم تشهير رقمي حي؟!

حملة تشهير مركزة باستخدام أحدث تقنيات المعالجة الإعلامية، وخلال مدة فصيرة، وبتوزيع جغرافي ماكر، حيث اتخذ بعضها الشرق العربي الإسلامي مكانا وعنوانا له، واتخذ البعض الآحر المغرب العربي الإسلامي ساحة لعملياته. 

وحتى تحقق هذه الحملة غايتها فإنها حرصت على تركيز سميتها في ملامح الحملة الأكثر ظهورا، وهو الاسم المستهدف بالتشويه ، حيث كان أحدها  يحمل اسم الدولة الإسلامية، وثانيها يحمل اسم جند الخلافة، وكلا الاسمين ينفذان مباشرة إلى غاية مخرج هذه الحملة دون مواربة أو تأويل.

أما مادة الحملة فقد اكتظت بالمشاهد والإشارات المرعبة؛ من رقبة صحفي أوروبي طويلة لامعة حاسرة ، وسكين طويل مشحوذ نلوح به يد جزار، يصطف  خلفه كومبارس محترف!

" الله أكبر" ! ، العبارة الأكثر شهرة للقوم المستهدفين بحملة التشهير،  والتي  حرص رعاة الحملة على مزجها بمشهد تيار دم الضحية، وهو يتدفق بغزارة  من شرايينه المقطوعة، وكذا مشهد ارتماء جثته على التراب وهي مربوطة اليدين والرجلين، ثم يكتمل المشهد بخاتمته وعقدته الدرامية الأخيرة: جز الرأس، والعبث به !!!!!

حتى ذبح الحيوانات بهذه الطريقة مما تشمئز منه النفوس وتنكره القلوب، فما بالك بصحفي يتمتع بتعاطف الجميع!

ليس صعبا الحكم بتجريم هؤلاء القتلة، ونفض اليد منهم، ولكن الصعب حقا هو  
إفهام الكثير منا ممن أسكره الحماس المنفلت بشرعية ما يفعل هؤلاء!

شهيد وشاهد

شهيد، وشاهد، وراوي !


الشهيد المهدي لياس أحد أبناء طبرق ليبيا، أعدمته فرق الشنق الثوري السبتمبري، وبطقوس معدة ليس فقط لكسر رقبة جسم ضعيف أوهنته سياط السجانين الشاذين نفسيا، وإنما لجعل هذه الطقوس تشبع نهم الدكتاتور الشاذ الذي لا ينشيه مجرد مشهد قتل إنسان وإزهاق روحه وكفى، وإنما ينتشي بمضاعفة جرعة الموت تلك، والتي لا يمكن مضاعفتها إلا بمضاعفة أعداد المشاهدين من أقارب وأصدقاء القتيل  لهذه التراجيديا المخزية ، وحيث يجلب هؤلاء قسرا  لمشاهدة قتل من يحبون.



وفي مهرجان القتل ذلك، يتبارى القتلة ويتنافسون أيهم الأقدر على إيصال نشوة قائدهم إلى الذروة وهم يستلون روح الضحية المسكين الذي لا يسمحون له بالموت حتى يفرغون في سكرات موته كل ما لديهم ولدى قائدهم من نزعات انتقام وتشفي!

الراوي هو سعد المنصوري، ابن طبرق، والذي كان ضمن الصبيان المدعوين لعرس القتل، حيث لم تتسع ذاكرته الصغيرة آنذاك إلا بما تسمح به قامته المحشورة بين قامات من يكبرونه من الحاضرين؛ جلادين، ومدعوين.


الشاهد الأكثر قربا من خشبة السلخانة الجماهيرية، كان أحد أقارب الراوي، والذي سمحت له قامته وذاكرته الأكبر من قامة وذاكرة الراوي بتوثيق إحدى حلقات مسلسل العنف الجماهيري، والذي يرجع إليه كل الفضل في ظهور وتطور أجيال متتابعة من العنف الليبي، ربما أحدثها هو ما نراه الآن من عنف غير مبرر يمارسه ورثة العنف الجماهيري !



المشهد الأكثر غرابة، هو ما تؤكده إفادة الشاهد، بأن أفرادا من فرقة قتل الشهيد المهدي لياس لا زالت ترتع وتمرح، بل وتنصب نفسها الآن، بما تدعيه من ولاء لثورة فبراير، ولية دم الشهيد المهدي لياس، ودماء أخرى كثيرة غيره، لا زال لونها ورائحتها عالقين بأيدي ووجوه هذه الزمرة القذرة التي، وكما اغتالت يوما شهداء الوطن، ها هي الآن تطور لعبتها الخبيثة لتغتال الوطن بأكمله!

الأحد، سبتمبر 21، 2014

حالات فيسبوكية

حالات فيسبوكية !

لمن تعزف المدونات، ولمن يغني المدونون؟

باعتباري أحد المدونين الليبيين، وصاحب مدونة "ربيع ليبيا" ،تصلني من حين لآخر إشارات من جهات إعلامية خارجية تعبر عن اهتمامها بما أكتب، والتي كان آخرها من مجلة بولندية تعكف حاليا على محاولة إيجاد علاقة فيما بين ما جرى في دول الربيع العربي، وما يجري في أوكرانيا !
أقول هذا فقط لأقارن بين اهتمام مجلة غربية بما يكتبه كويتب مغمور مثلي في شمال أفريقيا، وبين اهتمام حكومتنا وجهاتنا الفكرية والإعلامية بما نكتب!
نعم؛ زمار الحي لا يطرب، وذلك لا لعيب في ألحان هذا الزمار المسكين، وإنما لأن آذان وأذهان أهل الحي في إجازة !
ولكن من قال أن المدونين الليبيين غير مهمين؟
ألم يتربصوا بأحدهم يوم الجمعة الماضبة، وأردوه قتيلا؟!

............................................................................................................................................

في ليلة اغتيال نبيل ساطي !

في مثل هذا الوقت من الليلة الماضية، ﻻبد وأن نبيل ساطي عاوده شعوره اليومي الحزين تجاه المقتولين غدرا من مواطني بنغازي ليبيا فبراير، وﻻبد إنه استرسل في شجونه، محاولا تحويل هذه الشجون إلى خطط من أجل إيقاف نزيف دم بنغازي !
في ذات الوقت ، وفي مكان قد ﻻ يبعد كثيرا عن المكان الذي كان فيه نبيل ، ﻻبد أن مقاول إرهاب بنغازي، كان يقوم بتحرير المستخلص رقم (س نبيل) ، ليقدمه ﻷصحاب مشروع إرهاب بنغازي ومﻻكه ومموليه، حيث يقوم هؤﻻء الملاك بتسليم المقاول الدفعة المقدمة ، على أن يتم سداد الباقي بعد التشطيب!
الليلة تم التشطيب، واستلم المقاول القذر باقي مبلغ أقذر مقاولة ، مقاولة قتل إنسان غدرا . وفي هذه الليلة، تحرك الرقم المسلسل لمغدوري بنغازي صعودا بمقدار واحد يحمل الرمز س نبيل!
تكرر هذا المشهد المأساوي بزمانه ومكانه ومقاوله ومغدوره مئات المرات خﻻل العامين الماضيين، وتكرر وبنفس العدد تسجيل أشنع جريمة كونية، قتل إنسان ظلما، وتسجيل هذه الجريمة الكبرى ضد مجهول !
وفقا لكل قواعد المنطق والحساب واﻹحصاء، ووفقا لنظرية اﻻحتماﻻت، وكل نظريات علم النفس، وعلم القانون، وكذا نظريات القتل من زمان هابيل إلى زمن نبيل، وحتى وفقا لطﻻسم السحرة والمشعوذبن ؛ وفقا لذلك كله، ﻻ يمكن لبنغازي؛ أحجارا، وترابا، وماء، وهواء، فضلا عن بنغازي المليون نسمة من البشر المدركين العاقلين، أن تتواطأ مع قاتل أبنائها، وتتستر عليه! حقا ﻻ يمكن!
مقاول قتل أبناء بنغازي، في ضوء شمس نهار بنغازي، ﻻ يمكن أن يكون مجهوﻻ! إنما المجهول والغائب الحقيقي في هذه اﻷوقات العصيبة، هو ذلك الكيان المعنوي الصافي النقي لروح وذات المواطن الليبي، تلك الذات التي تعرضت لأبشع عمليات السحق والمحق، وحتى المسخ من قبل دكتاتور، حرص أن يكون شره حيا موجودا بيننا حتى بعد موته وانعدام وجوده المادي.
قاتل نبيل ساطي معروف وموجود ، ولكننا ﻻ نستطيع جلبه، حتى نتمكن من استرجاع ذاتنا المرهونة لدى ورثة الدكتاتور.
الذين قتلوا نببلا، هم أنفسهم الذين دأبوا على جعل المواطن اللببي ممسوخا مسحوقا ذليلا !
..........................................................................................................................................
ما عدا السهو والخطأ !

أهواؤنا، وقناعاتنا، وأفكارنا، ودعواتنا، وحتى مواقفنا، وأفعالنا؛ ليست جسما متحدا متناسقا موقعا عليه بالتمام والكمال، دون سهو أو خطأ أو فساد!
يا ليتنا نذيل قائمة العناصر السابقة، عندما نقوم بتقديمها للآخرين، بالعبارة المشهورة: " ما عدا السهو والخطأ "! ، وهي العبارة التي نذيل بها الفواتير المالية، وغيرها من القوائم التي تحمل التزامات نتبادلها مع الغير. 
.........................................................................................................................................
قبل الفيس بوك

لا أدري كيف كان حال الناس قبل أن يمنحهم الفيس بوك فرصة البوح والتعبير عن
حالاتهم؟!
وهل فرصة البوح هذه فرصة صادقة غير معيبة وخالية من الأضرار الجانبية؟!
ستكون هذه الفرصة مثالية، عندما تتقدم تقنية الإفصاح عن الحالات الفيسبوكية،
وتظهر في مكان أيقونة الحالة الموجودة حاليا أيقونة أخرى، يكفي مجرد وضع الأصبع
عليها لرصد حالة صاحب ذلك الأصبع !
عند ذلك تختفي وإلى الأبد حالة النفاق الفيسبوكي !
........................................................................................................................................
يتيم !

عقود من الحمل المجهد الثقيل ! عام من المخاض الدامي !
المولود أذهل العالم، أو هكذا غنوا يوم مولده!
أصبح الطفل صبيا !
من يخبرني باسم هذا اليتيم؟!
......................................................................................................................................
حالة نفسية !!!!!!

في زمن الدكتاتور كنا ندفع العمر مقابل الأمل !
رغم الألم ، إلا أن حلاوة انتظار الأمل كانت تطغى على مرارة كل ألم !
الآن يمنحوننا الأمل كل يوم، ولكنه الأمل المغلف بالألم !
استمرأنا الألم !
نسينا الأمل !
الحياة كلها بازت !!!
.......................................................................................................................................
هرمون معربد !

أول وزير مسلم يؤدي القسم على القرآن الكريم في دولة غير مسلمة، اسمها استراليا؛ قالت صديقتي الفيسبوكية. وقبل استيعابي الصدمة اللذيذة، طلبت مني صديقتي التعليق !
أنت لا تريدين التعليق، ولكنك تريدين التشخيص الدقيق ! أجبت صديقتي.
أجل التشخيص الدقيق لحالة هرموناتنا الدينية التي تزيد أحيانا من جرغة عربدتها في عقولنا حتى تكاد تخرجنا منها !
لم تجبني صديقتي، وانخرطت تضبط غطاء رأسها !
............................................................................................................................................
دماء جديدة !

هم ينادون بحقن الدماء الجديدة ؛ الحياة عندهم تزهو وتتجدد !
نحن ننادي دائما بحقن الدماء؛ الحياة لدينا تذوي وتبلى !
هل المشكلة في رقم اﻷوكتان، أم في فصيلة اﻹنسان؟!
..........................................................................................................................................
محمد عبد الله الشيباني


الأربعاء، سبتمبر 17، 2014

حالات فيسبوكية 3


حالات فيسبوكية 3

الإرهاب، والخيانة!
أﻻ يوجد مكان بين الحدين المتطرفين؛ اﻹرهاب، والخيانة، يمكنني الوقوف فيه؟!
اﻹرهابي من وجهة نظر الخائن، والخائن من وجهة نظر اﻹرهابي؛ كﻻهما الآن يخوض حربا مفتوحة ضد اﻵخر، وكلما طال أمد الحرب، طال أصبع اﻻتهام، وتوسعت رقعته من كلا الجانبين تجاه الكتلة المحايدة الكبيرة، والتي فضلت أن تقف موقف الحياد في حرب إخوة الوطن والدين والمصير !
اﻹرهاب، والخيانة، هما سقفان عاليان، يتحمل مسؤولية وضعهما وإعﻻئهما ذاك الذي بادر بإطﻻق هاتين التهمتين من هذا الجانب أو الذي يقابله، وإن أي تكريس لهاتين التهمتين من شأنه أن يكرس هذه الحرب ويوسعها إلى مدى غير محدود أو محسوب العواقب.
صمام أمان هذه الحرب هم أولئك الباقون على الحياد، وقد آلمهم ما آل إليه حال الوطن الذي مزقته حرب مدمرة كان يمكن تﻻفيها بجلسة حوار صادق بين إخوة الوطن. هؤﻻء المحايدون هم من يعول عليهم اﻵن ﻹنهاء هذه المأساة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
أما من يحاول الدفع بالحرب نحو أقصى مدى، ويحاول جاهدا تقليل سمك الطبقة المحايدة، فهو يغامر من حيث ﻻ يدري بمصير الوطن كله !
الحياديون اﻹيجابيون، هم رجال إطفاء حريق الوطن، فلا تنكروا عليهم حيادهم!
..........................................................................................

هل تراهم يعلمون؟!

ﻻبد أن الفريقين الوحيدبن المتنافسبن والمتحاربين بشتى أنواع اﻷسلحة المتوفرة لديهم، يدركون اﻵن، وأكثر من أي وقت مضى، ما يلي:
# أن طول أمد المعركة ببنهما يعني تساويهما غلا وحقدا، وعتادا وعددا !
#  أن أحدهما سيفني اﻵخر ويسحقه ﻻ محالة، وذلك ﻷن المنهزم ليس له وطن آخر يعود إليه !
# سيؤدي طول أمد المعركة إلى مزيد من اﻻستقطاب، وانقسام الليبيين إلى شطرين، وربما إقليمين !
# كل بوم بمر من أيام الحرب الداخلية هذه، سينقص من حجم الكيان الليبي ككل معنوبا وماديا، وهو ما يغري اﻵخرين المتربصين بليبيا !
# أن غالبية الليبيين يدركون اﻵن بأن هذه الحرب التي يخوضها الفريقان المتحاربان ليست بسبب خﻻفهما على خطط تنمية، أو بسبب انتهاج كل فريق لسياسة اقتصادية أو تعليمية أو صحية تخالف اﻵخر، وإنما هي بسبب عدم قدرة الفريقين على التواصل والحوار فيما بينهما !
# أحسن نتائج هذه الحرب هي انتصار طرف على اﻵخر، وتحميل الليبيين جميعهم تكلفة حملته الحربية. أما أسوأ ننائج هذه الحرب فهي خسارة الفريقين المتحاربين كليهما، وهو اﻷرجح، وتحمل الليبيين جميعهم التكلفة المضاعفة لهذه الحرب، والتي قد تساوي قيمة كل ليبيا؛ قبائل، وأيديولوجيات، وناسا !

............................................................................................

*** النظرية العالمية الرابعة ***

# ﻻ ديمقراطية بدون حرب أهلية !
# التطرف والحماسة، ﻻ التعقل والكياسة، هما من يصنعا السياسة !
#  طبرق، أو نغرق !
#  رومي والله نكسر قرنك !
....................................................................................
1500  كيلومتر، فقط، لا غير !
أﻻ توجد على الخط الطويل جدا البالغ 1500 كيلومتر ، والواصل بين طرابلس وطبرق منطقة وسطى، يمكن أن تتسع لعدد مائتي نائبا، فيلتقون فيها؛ أم أن المسافة بين متلاصقات القلوب، باتت أبعد بكثير من المسافة، بين متباعدات البقاع والدروب؟
..........................................................................................

يا ليت قومي يعلمون!

فال لي صدبقي: ﻻ أمل في هذا البرلمان! 

قلت: أو ﻻ نرممه؟ 
فال: بل نهدمه! 
قلت: وبعد! 
قال: نصنع غيره. 
فلت: هل تضمن أن يكون أفضل من سابقه الذي هدمته؟ 
قال: ﻻ أضمن، بل أظنه سيكون أسوأ! 
قلت: ماذا فعلت؟ قال: ﻻ شيء!!!!!!
قلت: إذا فلنرمم هذا، ونلعن الشيطان الذي شتتنا!
قال: كيف؟ 
قلت: نكمل شطر البرلمان القائم ، ونقيمه على رجليه! 
قال: المشكلة في طبرق، إذ هناك سيتعرض بعض النواب للضغط، وربما يكرهون على اتخاذ قرارات ليست في صالح ليبيا!
قلت: المؤتمر السابق، مارس أعماله تحت ضغط مشابه، ولكن المقود الديمقراطي ظل هو المسيطر. ثم إن التصويت والمعارضة من على مسافة ألف وخمسمائة كيلومتر أضعف بكثير من ممارسة هذه المعارضة من داخل قاعة المؤتمر، مهما كانت حالة تلك القاعة.
قال: لون جماعة طبرق هو المسيطر، وقد يغلب لونهم على قرارات المؤتمر!
قلت: هذه هي الديمقراطية، ثم إنه مهما بلغت عتامة لون جماعة طبرق، فإنها لن تكون بعتامة الأفق شرقه وغريه والذي تكلل بسواد التدخل العسكري! 
قال: وماذا عن الذين لديهم عمى ألوان، ولا يستطيعون التمييز بين درجات اللون الأسود؟
قلت: نأخذهم إلى الجفرة حيث صفاء الصحراء، وامتداد الأفق، والرطب الجني الشهي!
قال: ماذا تقصد؟
قلت: أرضنا واسعة، ولا فرق بين مدينة ومدينة.
قال: والله فكرة!
قلت: هل تراهم يقبلون؟
قال: من؟
قلت: الليبيون.
قال: يا ليت قومي يعلمون!
............................................................................................................................
الموت جوعا من أجل رأب صدع الوطن!

جسمنا البرلماني، وقصر حكومتنا، وتاج رأسنا ، متشظ اﻵن إلى ثﻻث قطع تكاد تكون متساوية شكﻻ وقالبا، مختلفة ومتباعدة جدا جوهرا وقلبا !

أﻻ ينبري من كل كتلة من هذه الكتل المتباعدة رجل فذ، يهب نفسه لهذا الوطن، وينكر على كتلته ما هي عليه من استسﻻم واستمراء لحالة التشظي هذه، ويشكل مع نظيريه في الكتلتين اﻷخريين مفرزة فدائية تأخذ على عاتقها مسؤولية جمع هذا الجسم المتناثر، وذلك بكل وسيلة ممكنة!

شرف عظيم لهذه المفرزة الفدائية أن تمارس كل وسائل اﻹقتاع والضغط من أجل هذا العمل التاريخي العظيم؛ إنقاذ ليبيا!
وبكل تأكيد ستجد هذه المفرزة من يدعمها، ويقف إلى جانبها من داخل البرلمان وخارجه.
وحتى وإن سدت الطرق المعروفة أمام هذه المفرزة، وحالت الحوائل بينها وبين تحقيق غايتها النبيلة، فﻻ ضير من قيامها بتجييش الشارع ضد دعاة التشتت مهما كانت مبرراتهم، إذ ﻻ مبرر يمكن أن يقدمه أي أحد مهما تقدس رداؤه، والوطن على هذا الحال الذي نراه!
حتى ممارسة طرق اﻻحتجاج السلبي، من مثل اﻹضراب عن الطعام، يمكن لهذه المجموعة أن تمارسه، وسيسجل لها التاريخ هذا الصنيع المجيد:
الموت جوعا من أجل رأب صدع الوطن!
من أين لليبيا بهؤﻻء اﻷفذاذ الثلاثة؟!

لو كنت نائبا لفعلت ذلك!
.............................................................................................
فرنسا تدعو  للتدخل العسكري في ليبيا، وتحفز دول الجوار على ذلك!

بات واضحا وقوع أعناقنا ، نحن الليبيين، بين فكي كـُلاب متصلتين مباشرة بذراعين، وبحيث كلما اتسعا هذان الذراعان وتباعدا، كلما ضاق الخناق على رقبتنا النحيلة الغضة، وقلت تبعا لذلك فرصتنا في النجاة من المتربصين بنا محليا وإقليميا!
بحسن نية، أو بسوئها، تجمعت قيادات وعناصر نشطة تمثل تيارات جهوية وأيديولوجية مختلفة محدودة الانتشار مجتمعيا حول هذين الذراعين، وظلا يحفران في ذلك الحيز العادي بينهما، حتى تجاوز ذلك الحيز المدى الآمن، وتجاوز فكا الكلاب تبعا لذلك الخط الأحمر بيننا وبين الهلاك!
إن الرقبة التي تئن تحت وطأة الكلابين وتتألم ليل نهار، والممثلة في الكتلة الصامتة الكبيرة، تفتقد، بسبب خلل بنيوي في تركيبها، إلى وسيلة التواصل مع الفاعلين على الأرض المتحكمين في الكلابين، وتفتقد بالتالي القدرة على تحسيسهما بدرجة انقباض فكي الكلاب عليها.
هذه الكتلة الشعبية الكبيرة التي دفعت ضريبة الدكتاتورية الباهظة العقود الطوال، ودفعت بعدها فاتورة الحرب على هذه الدكتاتورية، ها هي تدفع المسكينة ضريبة تصارع التيارات الإقليمية والأيديولوجية على مدى ثلاثة أعوام ما بعد الثور، وستدفع، لا قدر الله، ضرائب الحرب الأهلية التي تدفع في اتجاهها تلك التيارات المتصارعة.
أخطر ما يمكن أن يلاحظه المطلع على المشهد، هو حالة رداءة، وربما انعدام التواصل، بين أطراف المشهد الثلاثة؛ جمهور الناس، من جهة، وطرفي الصراع من الجهة المقابلة، وهو أمر في غاية الخطورة، ويشابه إلى حد كبير حالة المريض الذي بلغت درجة سرطانه المرحلة الأخيرة، وهو في غيبوبة الغفلة، أو نشوة المسكنات المؤقتة!
 فرنسا تدعو  للتدخل العسكري في ليبيا، وتحفز دول الجوار على ذلك! هو خبر تصدر أخبار هذا اليوم، وهو وحده يكفي لانتشالنا من غيبوبة الغفلة مهما كانت عميقة، ومن نشوة المسكنات مهما كانت فعاليتها!

.............................................................................................
محمد عبد الله الشيباني