السبت، فبراير 23، 2013

مركز طرابلس الطبي


مركز طرابلس الطبي؛ كائناته الحديدية، ومخلوقاته البشرية!

تكلم الدكتور خالد وريث مدير مركز طرابلس الطبي عبر مداخلة هاتفية مع إحدى القنوات التلفزيونية الليبية عن هذا المركز؛ فوصفه بأنه أكبر مركز طبي في شمال أفريقيا بناء، ولكنه ليس كذلك جودة وأداء. وبرر مدير المستشفى ذلك بالمفارقة الصارخة بين تكاليف تسيير هذا المستشفى كما قدرها أطباء أمريكيون متخصصون عاينوا المستشفى، وما هو مخصص فعليا لهذا المستشفى من قبل الحكومة المالكة والمسيرة له.

الرقمان الصادمان هما على الترتيب: 1000000000 دينار و 11000000 دينار!!!

أي 1000000000 / 11000000

وبتعبير حسابي بسيط، فإن الذي يجب أن يصرف على المستشفى أكثر بحوالي مائة مرة من المصروف عليه فعليا، فقط لا غير!

وبتعبير إداري وفني؛ فإن المركز يشتغل بأقل من واحد على مائة من طاقته المثلى!

ويزداد هذا الرقم بشاعة عندما نأخذ في الحسبان تحميل هذا الفيل الكرتوني بأكثر من طاقته من سكان وزوار محليين ومغتربين لعاصمة ليبيا المليونية!

يصبح هذا الرقم مريعا عندما تفقد إدارته، ولأسباب كثيرة خارجة عن إرادتها، القدرة على السيطرة عليه.  

من الصعب استيعاب ما أدلى به الدكتور، كما أنه من الصعب تخيل مرفق صحي على هذا المستوى من القصور وانعدام الثقة فيه وفي كائناته الحديدية والبشرية، يستطيع أن يفلح في إشفاء مريض على الوجه المطلوب؛ ذلك أن مركب الثقة الذي يقدمه الشخص المداوي، أهم بكثير مما في كفيه من بلسم كيماوي.

وإذا ما استطعت التغلب على نواتج الصدمة المنطقية لهذه المعادلة الحسابية المريعة المذكورة، فإنه بكل تأكيد سيموت إحساسك وتتبلد مشاعرك وأنت تعاين مشهدا فظيعا من أفلام الرعب، وهو يقع حقيقة وواقعا في مركز طرابلس الطبي، وذلك عندما يتحول أحد المصاعد العملاقة العاملة بالمركز إلى مقصلة تعبث جنازيرها وكلاليبها بمريض متهالك مربوط إلى سريره الطبي، حيث تقلبه هذه الآلة المجنونة رأسا على عقب، تماما كما تفعل الرافعات الحديدية في السلخانات بالعجول عند تهيئتها للذبح والسلخ، ولينتهي المشهد المفرط في تراجيديته بتحطم عظام جمجمة هذا المريض المسكين، وبتحول الصندوق الحديدي للمصعد من أداة حمل تعين وتسند إلى حفرة تقبر وتلحد!

الأمر في منتهى البساطة، وبلغة الشارع "ما تعدلش"؛ فالمحركات الكهربائية الجبارة لمصاعد مركز طرابلس الطبي تنفلت من حين إلى آخر من عقالها وتعربد كما شاءت في تلك الآبار السحيقة، وتأخذ في فتح أبوابها وغلقها تبعا لإيعازات الهرمونات الكهرو فولاذية التي تسكنها!

ليت الانفلات والعربدة والتمرد يقتصر فقط على جمادات ذلك المرفق من مصاعد وأجهزة رنين مغناطيسي وأجهزة طبية مختلفة؛ إذن لأمكن تدارك ذلك والسيطرة عليه من قبل الكائنات الآدمية الحية، ولكن المصيبة الكبرى تكمن في انفلات وعربدة وتسيب وإهمال الكائنات البشرية نفسها من مسيرين لهذا المرفق وزائرين.

واجه مذيع القناة التلفزيونية المذكورة مدير المركز المذكور بالسؤال البسيط جدا:

لماذا لا تتخذ إدارة المركز الإجراءات الضرورية من أجل تلافي " الغلط والعوج" الذي يعم هذا المرفق؟ ولتسهيل الأمر على الدكتور المسؤول ضرب المذيع مثلا للغلط والعوج بظاهرة التدخين التي تتبعك من مدخل المركز، ودار دار، وكارادوري كارادوري، حتى توصلك إلى غرف العناية المركزة!

رد الدكتور بجواب أبلغ منه السكوت!

قال الدكتور: لا نملك السيطرة على الذي في المركز يدور!

أما أنا فليس لدي ما أقول إلا:

اللهم ألطف بي، ولا تمتني في مركز طرابلس الطبي!

ولكن، وحتى يحين أجلي، لا بأس من المساهمة في تصور حل ما لهذه المشكلة المعضلة.

ببساطة أقترح مناقشة فكرة الشريك المالي الفني للمشاركة في تسيير مثل هذه المرافق.


محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com

الجمعة، فبراير 22، 2013

القادمون، والجاهزون؛ جميعهم خاسرون!



القادمون، والجاهزون؛ جميعهم خاسرون!

أبرز ما عكر صفو احتفالات الشعب الليبي بالعيد الثاني لثورته ضد الاستبداد والدكتاتورية وحكم الفرد الأخرق وعائلته، ذلك التنابز السمج السخيف بين طائفة تقذف من بعيد بكراة الفتنة والإثارة الرخيصة تحت عنوان :"نحن قادمون"، وفئة أخرى وتحت تأثير هذه الإثارة مارست ردة فعل مباشرة غير مسؤولة، وردت بقولها: " نحن جاهزون".

أبرز أصوات دعاة هذه الفتنة ومتصدرهم هو أحد الذين رهنوا أنفسهم ومصائرهم بوجود حاكم ظالم تبرأت منه الدنيا بأكملها وأعلنت الحرب عليه وقذفت به إلى سلة مهملاتها ومستودع زبالتها الحاوي لتجار المصائب والنكبات وأعداء البشرية والحياة، حيث قام هذا الصوت النشاز بنشر رسالة مسموعة على اليوتيوب بعنوان: " حسم الأمر"، مرهقا مسامعنا بما عرفناه منه من خطاب بائس حاقد، وذلك إبان ممارسته طقوس عبادته للدكتاتور عندما كان يتقيأ عبارات تنز حقدا وكراهية، وتسيل انتقاما وعدوانية.

قال هذه المرة، وبعدما حسم أمره: نحن قادمون!

لو اكتفى هذا المواطن أيا كان اسمه بهذه العبارة لكان أبلغ المتكلمين وأكرم السائلين. ذلك أنه لا أحد يجرؤ أن يمنع مواطنا ليبيا يريد العودة إلى بلده مهما كانت دوافع مغادرته وصحائف سوابقه؛ إذ أن حق المواطنة قبل وبعد كل حق آخر.

كلا لم يكتف صاحبنا بتبشيرنا لنا بعودته والانضمام إلى بني وطنه والالتصاق بحضن أمه التي لابد أنها افتقدته وناجته على بعد بوجدها، مستخدمة أبجدية لغة لا تتقنها إلا الأم، ولو كانت بلهاء بكماء، ولا يتعلمها الولد، مهما بلغت عبقريته إلا من هذه الأم.

صاحبنا هذا وقبل أن يبشرنا بعودته أنذرنا بالويل والثبور، وعظائم الأمور، وحمامات الدم، وسراديب الغم والهم!

لماذا فعل هذا، ومن على شاكلته، كل هذا؟

لأن هذا المأزوم لا يريد أن يرجع بصفته مواطنا عاديا له حقوقه وواجباته كأي مواطن آخر، ويذعن لاختيار الأغلبية، بل السواد الأعظم من الليبيين الذين تجاوزا مرحلة الحرب المرعبة، واستأصلوا كل ذيولها، وأقاموا على أنقاضها وأطلالها المريعة المحزنة صرحا ديمقراطيا يشق طريقه نحو العلو السمو، ويغرس جذوره في أرض الوطن المحرر من براثن الاستبداد والتسلط والعتو.

كل الليبيين إلا بعضهم منهمكون، وبمجهود فردي تكافلي مبهر في الإعداد للذكرى الثانية لحربهم المقدسة ضد الطغيان، وكلهم يترنمون بنشيد وإيقاع واحد يحمل في تضاعيفه كل ما تحمله الحرية من معان التحرر والانعتاق، ومضامين الصعود والانطلاق، وإشعاعات المعرفة والاستنارة والإئتلاق.

في مواجهة تيار العرس الشعبي المليوني الجارف، قذف صاحبنا هذا بنفسه، وهو يمارس لعبة أشبه ما تكون بالانتحار؛ يؤيد ذلك تكراره وإصراره على تلوين كل خطابه بلون الدم، وهو مبدأ ومنهج وسلوك تعلمه وتفنن فيه إبان تتلمذه في المدرجات الخضراء التي تخرج منها، وفي إذاعة الجماهيرية التي لم تكن لتتسع خلال عمرها البائس الطويل إلا لألسنة وأبواق من هذه الطينة الشيطانية الماردة.

بائع الفتنة هذا يعتمد في ترويج بضاعته وتسويقها على سوقين؛ أحدهما خارجي يرعاه طابور المتورطين والمنتفعين من النظام الفاسد السابق، كما تتشكل معظم كتلته من مواطنين عاديين قذفت بهم رياح الحرب السابقة خارج وطنهم، وأوقعهم تباطؤ وربما إهمال الحكومة القائمة في منطقة كسوف سياسي واجتماعي مريب .. وسوق داخلي تتشكل كتلته من ضحايا حقبة التغرير التي طالت وتمددت حتى بلغت مضاعفات علتها نخاع الكثير من الليبيين البسطاء.

في مساحة ما من هذه السوق الداخلية التي يستهدفها دعاة الفتنة بدعوتهم المشئومة، "نحن قادمون"، وجدوا من استخفته هذه الدعوة المثيرة، فتسرع بإبداء ردة فعل مباشرة غير مدروسة، وقال على حسن نية: " نحن جاهزون"!

بائع الفتنة اليائس من تجارته التي لا يتعدى رأسمالها أكثر من التضحية بمستقبل شخص او أشخاص معدودين هاربين من العدالة، سوف لن يخسر كخسران من تجارته أمن البلد بكاملها.

لابد أن جميعنا يعلم بأن غاية ما يطمح إليه دعاة الفتنة ليس ما يعبر عنه ظاهر خطابهم من حلم إعادة عقارب الساعة إلى الوراء والنفخ في رميم الدكتاتور وإعادة جماهيريته التي ابتلعها ثقب مقبرة الطغاة الأسود إلى غير ما عودة، بل غاية مرادهم هو نشر الفوضى في البلاد وتأليب الناس على بعضهم حتى يعم الخسران الجميع قاطنين ونازحين.

تأكد لنا الآن فراغ وهوان الملوحين بعبارة "نحن قادمون" المشحونة بالحقد والبغضاء وريب المنون، كما تبين لنا تكلف من قابل هذه الدعوة بردة فعل مباشرة بسيطة، وردد بصوت عال: نحن جاهزون.

وطالما أننا نباشر بناء وطن ونؤسس لمرحلة رشيدة جديدة، فلابد أن نتخطى هذه المرحلة بكل ما حملت من أخطاء، على أن نتخذها أحد الدرجات الصاعدة بنا في مدارج السلم الاجتماعي الحجر الأساس لكل تطور ورقي.

الجاهزية التي يجب أن نعتمدها في معاملة إخوة الوطن أيا كان رأيهم، هي الجاهزية الناعمة الذكية، لا الجاهزية الغبية الخشنة والتحدي الغريزي الرخيص الذي يملأ الوطن رعبا مجانيا يتجرعه المقيمون قبل النازحون، ويهزم الجاهزين قبل القادمين.

محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com


الأحد، فبراير 17، 2013

وشهد شاهد من أهلها



وشهد شاهد من أهلها!

شاهد شعبية الثورة الليبية ليس مجرد شاهد واحد من أهلها، كذلك الشاهد المريب اليتيم الذي قاد انقلابا عسكريا، ثم طوره زورا إلى ثورة، وظل العقود الطوال ينعق كاذبا بشرعية ما اقترف. كلا إن شاهد ثورة ليبيا الحقيقية هم السواد الأعظم من الليبيين الذين هبوا من كل حدب وصوب ليشهدوا على شرعية ثورتهم في ذكرى يوم عرس ثورتهم الثاني؛ 17 فبراير 2013.

قبل يوم 15 فبراير الجاري نعقت أصوات مشبوهة من هنا وهناك، وهي تحرض على الخروج اللاسلمي، ملوحة بشعارات وقراءات موغلة في السوداوية، بل وصل الحال ببعضها إلى إعلان الحرب والتبشير بثورة أخرى تلتهم سابقتها.

وبالفعل أخذت الجهات الرسمية هذه الدعوات مأخذ الجد، واستعانت بما لديها من قوة متواضعة حصنت بها بنيان الدولة الوليدة.

الله سلّم، وتفضل علينا سبحانه بمرور يوم 15 فبراير على خير، ولم يتحقق للفئة الباغية ما كانت تطمح إليه من سوء.

هل هذا الدليل كاف على بوار أفكار ومشاريع دعاة الفتنة وتجار الدماء؟

قضاة التاريخ لم يكتفوا بهذا الدليل، وانتظروا ما تأتي به الأيام التالية ليوم 15 فبراير من أدلة براءة أو قرائن إدانة لهذه الثورة الشعبية بامتياز.

إن الشعب الليبي الذي ظل يمارس طقوس أعياده الوطنية وحتى الدينية وفق إيعازات تصدر من الدكتاتور شخصيا طوال عقود أربعة حتى تكلست عضلاته وصدأت مفاصله، ها هو اليوم يتجاوز كل ذلك، ويخرج بقضه وقضيضه في تلقائية وعفوية منقطعة النظير، قائلا لكل ذي عقل: حُسِم الأمر!

أجل الشعب كله هذه المرة وفي كل مرة هو الذي يحسم الأمر، وليس كما ادعى المبطلون الناعقون من وراء الحدود بأن الأمر قد حسم لصالحهم!

"الراجلْ يقرع"، إنه مثل شعبي ليبي يعرفه كل الليبيين، وهو يعني ببساطة الدعوة إلى عدم التعنت، والتوقف عن حجب بريق الشمس المبهر بالغربال.

"وشهد شاهد من أهلها"، جملة بليغة زاجرة، وهي كافية بأن يجعلها قضاة التاريخ المذكورين ديباجة منطوق حكمهم على براءة الثورة الليبية من تهمة عدم شعبيتها، وبأنها ثورة قام بها الغير نيابة عن الليبيين!

أجل إن كل أهل الثورة الليبية تقاطروا من كل حدب وصوب إلى قاعة المحكمة التاريخية التي انعقدت ليلة 17 فبراير الجاري ونهارها في كل ميادين وشوارع المدن الكبرى، وفي مقدمتهم طرابلس وبنغازي، ليقذفوا بألف دليل ودليل على العلاقة الشرعية القاطعة بينهم وبين ثورتهم التي كلفتهم عشرات ألوف الأرواح الزكية من فلذات أكبادهم.

يجب على كل" راجل أن يقرع"، وإلا ففي رجولته شك!

وإذا لم "يقرع" بعض الرجال بكل ذلك، ولم تقنعه أمواج البشر المحتفلين على سجيتهم بما حققوه من انتصار على الدكتاتور، فلا أقل من أن ينظر هؤلاء الرجال إلى ما عندهم من حجج وهم ينتصرون لحاكم قضى عمره يزني اغتصابا بصبيات بني شعبه، كما صرح بذلك طابور ضحايا الدكتاتور المهووس!

إنني وإذ أعقد هذه المحكمة افتراضا، فإنني افترض دائما أنني أخاطب الرجل الذي " يقرع"، وليس غيره!

لا أظن أن أقل الناس ذكاء وأفترهم رجولة وأضعفهم دينا، وهو يستمع إلى شهادة الفتاة "ثريا" وما نالها على يد "القائد" الذي يتباكى عليه بعض الرجال وربما أشباههم مشنعين على ضحاياه المساكين استعانتهم بالأجنبي عليه، سواء كان ناتو أو غيره، لا أظن أن هذا الرجل يرضى بأقل من الحكم الذي أطلقه الشعب الليبي كله على حاكم دكتاتور دأب على قتل الرجال واغتصاب النساء!

وغالب الظن أن الكثيرين ممن لا يزالون مفتونين بحب القائد، ومستكثرين على الليبيين ما فعلوه اضطرارا، لا يعلمون بفضائح هذا القائد الهمام!

وإذا تأكد ذلك، وهذا ما أرجوه، فإنني أستطيع أن أتيقن بأن أي من أولئك المتباكين الآن على القذافي ونظامه لن تطاوعه عيناه على البكاء بعد اليوم على زعيمه ونظامه البائد، وذلك بعدما رأى بأم عينيه دموع ثريا وأخواتها تبلل جلباب ذلك الوحش المهووس جنسيا والمختل عقليا، وكذا دم بكارتهن مسفوحا على فراشه النجس.

أفئدة الملايين تلهج بتلقائية بحياة ثورة الشعب، وقلائل مبعثرون هنا وهناك يحنون إلى أطلال العار المحزنة المخزية.

أما أنا ومعي  قضاة التاريخ وسواد الليبيين فقد حزمنا جميعا أمرنا وقلنا: شهد شاهد من أهلها، و"الراجل فقط هو الذي يقرع"، أما أشباه الرجال فسيظلون عبادا للدجال!

محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com

الجمعة، فبراير 15، 2013

رباعيات الثورة



رباعيات    الثورة
 https://www.youtube.com/watch?v=XxsMPOUTcHo

ألم     تر     كيف      طردنا      الكَرى
وليلاً         ثقيلاً        سَجى       أدهرا

لسبعٍ       وعشرٍ        ليالٍ         خلتْ
                              لفبراير        العزِّ        نورٌ        سرى    

لمحناهُ       حُلماً        بليلِ      العصور
وجدناه       صُبحاً       سميعاً       يرى

يُزحزحُ       عنّا        ركامَ       الدهورِ
ليخبرَ       عنا         جميعَ        الورى

******************

ألم      ترَ     كيف     استجابَ     القدرْ
وبدَّد         يأساً          صباحٌ        أغرْ

مكثنا      عقوداً         نروحُ      ونغدو
وفي   السرِّ   بوحٌ     وفي  البوحِ    سِرْ

نَمدُّ      العيونَ        تِجاهَ      الوميضِ
                     لعل     الوميض       يتيحُ        الشَّررْ

ونَطرُقُ     سِرّاً      بيوتَ        السماءِ
فردَّ       البشيرُ        استجابَ      القدرْ

****************

ألمْ     ترَ    كيف      صدقنا    الخطابَ
وصُغنا      سؤالاً       جوابُهُ       غابَ

لطيفاً      بسيطاً        بريءَ      النوايا
كَسُؤلِ       اليتيمٍ          ولياً       أنابَ

فنحنُ     اليتامى        نريدُ      اهتماما
نريدُ      الوليَّ        يقيمُ       الصوابَ

نريدهُ        يسعى      لأجلنا       يشقى
نريدهُ        منَّا         يزيدُ        اقترابا

*****************

ألمْ      ترَ     كيف      أبونا       أجابَ
أبونا       استبدَّ          وغلَّق        بابا

وقبل     الكلامِ       أهالَ      الرصاصَ
وشرَّعَ         قتلاً        لنا        وعقابا

سألنا:       لماذا      الرصاصُ     يُدوّي
فردَّوا        علينا:       نصدّ       انقلابا

صُدِمنا       أسِفنا       صمَتنا      وقفنا
ذُهلنا      حزِنّـأ       وحِرنا        جوابا

****************

رصاصٌ    رصاصٌ      غزيرٌ     كبيرْ
له     ألفُ    شكلٍ      ولونٌ        مُثيرْ

جنازيرُ       سَدَّتْ       دروبَ     البلادِ
فزِعنا      هرَبنا        وماتَ       الكثيرْ

سألنا        وجدنا        لساناً      غريباً
وما   في   الجسوم    نُهىً   أو   ضميرْ

أهذا     جزاءٌ       لنا       يا       أبانا
أهذا       كِفاءٌ       لنا       يا      حَقيرْ

****************

ألمْ        ترَ     كيف      بدا     المستبدُّ
وكيف     الزعيمُ      المخازي       يَعُدُّ

وكيف    الذي    يَدَّعي     المجدَ      قدْ
غدا      كلُّ      عارٍ      إليهِ        يُردُّ

فدهراً        عَرَفناهُ       يُهلكُ      حرثاً
ويقتلُ     نفـساً      لها      القتلُ      حَدُّ

وها      قد     رأيناهُ     يُشعلُ     حرباً
ليقمعَ     شعباُ      لهُ      منهُ       عهدُ

*************

ألمْ      تر   كيف    الذي    كان    يوما
مليكَ     الملوكِ      بدا     الآن    قِزما

جفاهُ       القريبُ        قلاهُ      الحبيبُ
وصار     المعاونُ       نِدّاً      وخِصما

تُرى    ما   الذي    قد    جناهُ    الزعيمُ
ليُقذفَ      خلفَ       الظهورِ    ويُرمى

لأنَّ    الزعيمَ     رمى      كلَّ      عهدٍ
وعُرْفٍ     ودينٍ       وضيَّعَ       قومـا

*************

ألمْ       تر     كيف     الزمانُ     يدورْ
وتخلو    القلاعُ       وتخلو      القصورْ

ويُصبحُ     جًرذاً    عظيمُ     الضواري
لهُ     بعد      تلك     القصورِ    جحورْ

طريدأ     تضيقُ       عليهِ       الدُّروبُ
وكلُّ     البراري      وتلكَ      البحورْ

وأضحى   الذي    أدمنَ   العيشَ  صفواً
تحيطُ      المنايا        به       والشرورْ

**************

ألمْ      ترَ     كيف     تحطمَ      حِصنٌ
حصينٌ       منيعٌ         كأنهُ       سِجنٌ

فبابُ     العزيزيةِ       اليومَ     أضحتْ
جوانبُهُ             الشامخاتُ          تئنُّ

جوانبُ       كانت      طوالَ      العقودِ
صنوفَ     الحروبِ      علينا       تشُنُّ

سراديبُ      فيهِ      بعمقِ      الجروحِ
فسادٌ       هناك        وظلمٌ        وغبنُ

*************

ألم     ترَ    كيف     الشعوبُ       تثورْ
وكيف     الدِّما    في    العروقِ    تمورْ

وكيف    امتدادُ   الأسى     في   القلوبِ
تقاطرَ        منهُ       الأبيُّ       الغيورْ

ففاضتْ     بهمْ      واسعاتُ    الدُّروبِ
وضاقتْ     بهمْ       للطغاةِ      صدورْ

هناك     تعرَّى      الخسيسُ      الدَّعيُّ
أثيمُ       النوايا      الكذوبُ      الغَرورْ

***************

هناك      رأينا       العقيدَ        المريدا
رأيناهُ       يحشو      الصدورَ     حديدا

رأينا      الجريحَ       يموتُ       بُبطءٍ
وقد      يقطعونَ       الذئابُ     الوريدا

وقد     يجعلونَ     الجريحَ        كطـُعمٍ
ليجلِبَ      صيداً      وذِبحاً        جديدا

فسعرُ      القتيلِ       يفوقُ       الجريحَ
وإشفاءُ      جُرحٍ      يُغيظُ        العقيدا

*************

بقوتٍ        لنا        يشتري       قاتلينا
ويعلنُ      حرباً       ضروساً      علينا

ويهتِكُ     عِرضاً       ويقتلُ        نفساً
وينشرُ        كلَّ        الرذائلِ       فينا

ويسألُ      مستنكراً:       مَنْ      نكونُ؟
ونحنُ      الذين      صبرنا       السِّنينا

ونحنُ       الذين        عقدنا      العهودَ
لنجعلَ        منكَ       الأذلَّ      المَهينا

*************

ألمْ       ترَ     كيف     هَوَتْ    تُرَّهاتْ
بحجمِ        الجبالِ       لها        تَبِعاتْ

بها       شرَّعَ      المجرمونَ     الحرامَ
وصارتْ      حلالاً      لهمْ      موبقاتْ

حواها     كتابٌ    حَوى     كلَّ      نُكرٍ
وإنْ        قدَّسوهُ        هوىً      إمَّعاتْ

تمادوْا       وكانوا       بطانةَ       سوءٍ
لأسوءِ      راعٍ        رأتهُ         الحياةْ

*************

ألا      حقَّرَ      اللهُ       جُندَ      النِّظامْ
ومنْ     جرَّعونا      صنوفَ      السّقامْ

ومنْ       ألقمونا      طوالَ       العقودِ
تفاهاتِ       طاغٍ       سخيفِ    المرامْ

بأبخسِ    سعرٍ     رضوا   أنْ    يكونوا
عبيدا        لباغٍ       صريعِ      الفِصامْ

فلما        نفضنا         هوانَ     السنينِ
أذاقونا        بأساً        ومُرَّ       انتقامْ

**************

عجيبٌ      عجيبٌ       غريبٌ      بحقِّ
ترى     مَنْ     يُسَرُّ     ويزهو     برِقِّ

لأسفهِ       شخصٍ      يُمرِّغُ      وجهاً
ويُضفي       عليهِ      المديحَ     ويُلقي

يُجاريهِ       فعلاً       قبيحاً       وقولاً
وينصرُ     ظلماً      ويُزري       بحقِّ

لأجله         يُغري      أناساً     ويُغوي
لأجلِ       الزعيمِ        يُبِرُّ       ويُشقي

*************

ألا      ما      أمرَّ      لنا      ماضياتْ
ودهرٌ      بطولهِ        سادَ       الطغاةْ

هُمُ       الأغنياءُ        هُمُ       الأثرياءُ
وسقْطُ       المتاعِ       لنا       والفُتاتْ

همُ        الوجهاءُ         همُ       النبلاءُ
همُ       القابضونَ      ونحنُ      الجُباةْ

همُ       الراكبونَ       ظهورَ    المطايا
ونحنُ     العراةُ       ونحنُ        الحُفاةْ

*************

دفعنا        الثمينَ      دفعنا       السنينا
فقدنا        الحبيبَ      العزيزَ      علينا

نريدُ      الحياةَ      لنا    محضَ    حقٍّ
وليستْ      جميلاً     وفضلاً       ودَيْنا

نريدُ        العدالةَ       عيشاً      وحًكماً
فلا    الفقرُ    يَبقى   ولا   الظلمُ     فينا

سئمنا        مللنا        كرِهنا       مقَتنا
وصايةَ         فردٍ       سفيهٍ       علينا

***************

تُرى     مَنْ      يَردُّ     لنا     الأربعينا
وعمراً       فقدنا      وحُلماً       رهينا

تُرى      مَنْ     يُقاضي     ثقافةَ    جلفٍ
أشاعَ       التخلفَ      والجهلَ       فينا

تُرى     مَنْ      يُقوِّمُ     أخلاقَ    جيلٍ
ويُصلحُ      أجياشاً     مِنَ      الفاسدينَ

إزاحةُ        طاغٍ        ومَنْ       أيَّدوهُ
أراها       كِفاءً        وكسباً        ثمينا

***********

ألمْ     ترَ     كيف      يروغُ    الكذوبُ
سفيهُ       الزمانِ      العقيدُ     العجيبُ

يقولُ       بمكرِ         الثعالبِ       هيّا
تعالوا       إليَّ        فإني        الحبيبُ

وإن       الصليبَ       عدوُّ      الجميعِ
خبيثُ       النوايا        بعيدٌ      غريبُ

مُروهمْ      بوقفِ        القتالِ      وإنّي
صدوقٌ    فمنْ     ذا      إليَّ      يئوبُ

************

ألا      يلعن       الله     ذاك     العقيدَا
وذئبا     يرى     القتلَ     فعلاً    مجيدا

سَلوا   شهرَ   أبريلَ    عن   يومِ    ذَبحٍ
وكمْ     قطَّعَ     الذئبُ     فيهِ     وريدا

وفي     (بو  سليمٍ)     هناك      الذئابُ
أقامتْ     طقوساً        تشيبُ     الوليدا

مئاتُ      الرؤوسِ     قرابينَ     صُفَّتْ
أمام       العقيدِ          ليغدو      سعيدا

*************

ألمْ     ترَ    كيف    انحطاط ُ   الخطابْ
وسقطُ      الكلامِ     وفُحشُ      السِّبابْ

وترديدُ        زورٍ       لنصرةِ      ظلمٍ
وبيعٍ         لدينٍ       بسعرِ      الترابْ

إذاعاتُ       ظلتْ      طوالَ      العقودِ
لساناً       وبوقاً       سقيمَ      الخطابْ

وسوقاً      يجيءُ       الوضيعُ     إليها
يَمُدُّ        اللسانَ        ككلِّ      الكلابْ

*************

تنحَّ        توارى       سئمناكَ        هيّا
ولا     تُبقِ      ممّا       جلبتهُ       شيّا

وتلك      العصا     و(الزريبةُ)     خذها
وحرِّق        كتاباً        حشوتَهُ      غيَّأ

فلستَ        أبانا       ولستَ        أخانا
ومَنْ     ذا     يؤاخى   الظلومَ     الشقِّيّا

وما      أمُّنا       ليبيا      يا       دعيُّ
رضتْ     ذات      يومٍ    تكونُ     بَغيّا

**************

إلى    كلِّ      مَنْ    لا    يزالُ     يرى
بعينٍ       عليها        بقايا        الكرى

ويحسَبُ        أنَّ        العقيدَ       وليَّا
لأمرِ        البلادِ         فلنْ        يُعذرَ

وليُّكَ     هذا     أخي       قد      طغى
وأخضرُهُ         قد       غدا      أحمرا

وكلُّ      الدماءِ     التي     قد     جرتْ
تأملْ      تجدهُ         لها       المصدرا

************

بحقِّ     الإلهِ       المجيبِ        القريبْ
وحقِّ      الشهيدِ      البريءِ     الحبيبْ

وحقِّ       الثكالى     وحقِّ       اليتامى
وحقِّ   دَمٍ    قد    جرى    في  الدُّروبْ

بلادي       ستزهو     بلادي      ستعلو
وشعبي     سيغدو     كريمَ      الشعوبْ

وكلُّ      الفصولِ       ستبدو     بلادي
ربيعاً       مُقيماً       بوادٍ       خصيبْ

************

إليها      جميعاً       فشُدّوا       الرِّحالا
وحُجّوا     رجالاً      ونُحّوا       النِّعالا

ثَراكِ      بلادي      طَهورُ      الصلاةِ
لطهرِ     دمٍ      في     صعيدكِ    سالا

لكلِّ       شهيدٍ          هناك        مقامٌ
ومحرابُ     ذكرٍ      يضجُّ       ابتهالا

ومنبرُ      نورٍ      عليه         فطوفوا
وحيّوا     الأشاوسَ     حيّوا     الرجالأ
يوليو 2011