الثلاثاء، يونيو 28، 2011

أيها الدكتاتور المزمن وأزلامه





أيها الدكتاتور المزمن وأزلامه:
الزمن الذي أزمن عللكم، هو الذي  يزلزلكم، وليس الثائرون والصليبيون، كما تتوهمون


يمكن القول أن أهم سؤال جرى على ألسنة كل من شهد الزلزال الديمقراطي العربي هو: لماذا حدث كل الذي حدث
" الآن"؟


يتساءل الناس ويرددون بعجب؛ لماذا الآن؟ إذ أن كل عناصر العملية الكيميائية التي أنتجت الانفجار الديمقراطي  المتسلسل كانت موجودة بنفس المكان، وبنفس أسماء وأعداد عناصر وكميات هذه العملية منذ زمن بعيد. وحتى تلك الشرارات المساعدة على اشتعال الوسط وتفجره، تم رصدها في حالات كثيرة، وأفلح الكثير من تلك الشرارات إلى حد بعيد في دفع الثورات الكثيرة السابقة، جدات كل الثورات الحالية، درجات لا بأس لها على سلم الانفجار، الذي كان للبوعزيزي المغامر فضل تحديد درجة انطلاقه وحجمه الحرج، حيث ضحى البوعزيزي بنفسه ليثبت أن درجة احتراقه ظلما هي درجة ولادة الثورة المزن. وعرفانا منا بالجميل نحو هذا الرجل، وتكريما له، فإنه حريٌّ بنا أن نطلق اسم البوعزيزي على مقياس الزلزال الديمقراطي الحديث.


عندما غادر بن علي قصره ليلا ، فارا بجلده، الذي  تراءى له ساعة المغادرة محروقا متقرحا مغطى بسخام حريق البوعزيزي، لامه الدكتاتوريون أمثاله، على تسرعه، وعدم مواجهة تلك الفقاعة، وسحابة الصيف العابرة. بل هناك من هبّ لمساعدته، وإبعاد شبح البوعزيزي المحترق من أمام عينيه الزائغتين، ولو كلف هذا خمسة مليارات دولار.


إن الذين أريد أن أخاطبهم في هذه المقالة هم أزلام القذافي، وليس القذافي. ذلك أن القذافي بدا يحزم أمتعته، ويصف أفراد أسرته الأثيرة إليه، ليذهب بهم بعيدا عن مكان بدأت ملامحه تقترب من نفس ملامح المكان الذي اعتقل في إحدى حفره صدام حسين، وتم في زواياه تقتيل وتشريد جميع أفراد أسرته.


آخر وسائل ايضاح هذا الدرس الليبي المر، كان ذلك المشهد المرعب الذي ظهرت فيه قلعة الخويلدي الحميدي وقد اختلط فيها حديد أبراج الاتصالات، وخرسانات المباني، بأشلاء عائلة الفريق، الساعد الأيمن للعقيد الغريق.


يا أزلام القذافي، الزمن هو الذي يزحزح قائدكم ويزحزكم، وليس الثوار، وليس الناتو.


الزمن الذي يحرك الأجرام الكونية، هو الذي يزلزل الآن أركان ملك الملوك وجماهيريته العظمى، ويستدرجه إلى حفرة النفايات الزمنية، والتي سوف لن تضيق بكم إذا زاد جنونكم والتصقتم به حتى ساعة الحقيقة المرة.


الزمن يا سادة هو الذي جعَّد وجه القائد، وحوله من خانة رؤساء الدول الموصوفون بالوسامة إلى أسفل قائمة أبشع خلقة لمخلوق بشري، وهو نفسه من يجعِّد مساحات المكان والزمان، ويضيقها، ويملؤها حفرا، ويزرعها ألغاما.


الزمن أيها الثوريون هو الذي أتى بثورة أخرى ضرة لثورتكم التي احتكرتكم اسمها وسلطتها وثروتها لصالح شلتكم التي لم تجاوز الخمسمائة شخص وعلى مدى أربعين عاما.


رجاء ارحمونا، وارجعوا إلى عقولكم، وانزعوا ولو لبرهة تلك الغشاوة التي تنظرون من خلالها إلى القذافي على أنه إله ليبيا، وذلك بموجب تخويل منحه إياه إله السماء، كما حاول أن يجعلكم تعتقدون.



لو تمكن القذافي من الحصول على ألف مبرر لوجوده واستمراره في الحكم، لجاء الزمن، الحقيقة الكبرى التي يتجاهلها القذافي،  وقذف بالقذافي وكل  مسوغات ومبرارت وجوده.


أدركوا أنفسكم قبل أن يصفعكم القذافي بنظرته الساخرة منكم، ومن عقولكم، ويقول لكم لا تلوموني ولوموا عقولكم. ذلك أنه لم يكن لي من سلطان عليكم، سوى أنني دعوتكم فاستجبتم لي.


إن الحقيقة المؤكدة بنسبة 100%، هو أن القذافي قد استهلك كأصل سياسي وأخلاقي بنسبة 1000%، وأن محاولاته اليائسة لتعويض هذا العجز السياسي والأخلاقي المريع، تعتمد اعتمادا كاملا على ما تبقى من دماء من تبقى حوله من المغرر بهم أمثالكم.


إن القلة القليلة التي تعلم هذه الحقيقة من خلال مقال كهذا، أو من خلال غيره من كلام الناصحين غير المأجورين، هم فئة قليلة بسبب الظروف التي يعرفها الجميع، وهو ما يجعل هذه الفئة القليلة المطلعة تحمل وزر الكثرة الكاثرة التي لم تتطلع.


انقذوا أنفسكم، وأبناءكم، وتلاميذكم، وكل من ترون عليه أعراض الغفلة، والسقوط في حفرة الانتحار المجاني، تلبية لصوت صافرة تمت دبلجته من بعض حشرجات وغرغرات العقيد المحتضر.
       ِ
 محمد الشيباني
aa10zz100@yahoo.com


ليست هناك تعليقات: