الجمعة، فبراير 28، 2014

عجبا بنغازي التي ......




عجبا بنغازي التي أسقطت نظاما، ها هي تخاف أقزاما!

حقا إنها فزورة! وإلا كيف استطاعت بنغازي أن تقف في وجه دكتاتور مثل القذافي يملك الجيوش المدججة بالسلاح والاموال الطائلة ونظاما سياسيا معمرا، وتمكنت من هزيمته وإسقاطه؛ ثم نرى هذه المدينة المليونية المنتصرة بالأمس القريب تسقط اليوم، أو تكاد، أمام شخص ما ليس له من العتاد سوى سيارة، وليس له من السلاح سوى بندقية! حقا إنه لغز الألغاز!

لا ليس لغزا، ذلك أن بنغازي عندما واجهت نظاما وجيشا جرارا اعتمدت بعد الله على نفسها، ولم تنتظر عون أحد؛ لا حكومة، ولا مؤتمر وطني، ولا جهاز شرطة؛ فحدثت المعجزة، وذلك عندما شمر أبناء بنغازي عن سواعدهم، والتفوا حول أمهم بنغازي بشكل تلقائي، وربما غريزي، فسرى في عروقهم دفؤها، ليتحول هذا الدفء الأمومي الساحر إلى طاقة جبارة هزمت أعظم معتد وأشرسه على امتداد تاريخ بنغازي!

بنغازي في معركتها الراهنة مع هذا الشبح الذي فتك بأكثر من مائتي شخص من سكانها الذين يناهزون المليون من الثائرين المنتصرين للتو، نراها الآن تكتفي بتشييع ضحايا الشبح نهارا، وإغلاق الأبواب خوفا منه ليلا، ثم تستيقظ صباح اليوم التالي، وتقذف في شوارعها الوجبة اليومية المعيارية من فلذات أكبادها لذلك الشبح، وهي الوجبة التي بلغت حتى حينه معدل: 200 ÷ 1000000؛ أي أن وجبة الشبح المقبلة ستكون" لا قدر الله" شخصا ما من بين كل 5000 شخص من سكان مدينة بنغازي! هذا إذا لم تزدد شهية الشبح بسبب استمراء سكان بنغازي ما يفعله بها سفاح بنغازي.


متوسط ساكني مناطق مدينة بنغازي التسعة والعشرين يتراوح حول الرقم 30000 نسمة، تشكلهم مجموعة من العائلات المتقاربة جغرافيا، والمختلطة عرقا ونسبا، والذين من السهل عليهم بناء مربع أمني من خالص نسيج أكبادهم وقلوبهم، وذلك منعا لدخول أي غريب في طوق النجاة هذا. وفي هذا المربع الأمني بالإمكان إنشاء بوابات رئيسية تضبط الدخول والخروج منه، وكذا نشر قوة أمنية متحركة تدعمها كاميرات المراقبة التي لا تكلف الكثير، مجرد كاميرا عادية أمام كل بيت. هذا بالإضافة إلى المعدات الأمنية الأخرى التي تفرضها طبيعة كل منطقة على حدة.

مهما أنفقنا من مال، ومهما بذلنا من جهد، بل وحتى إذا اضطررنا إلى إعلان حالة الطوارئ داخل كل مربع من تلك المربعات الأمنية، بل وفي بنغازي كلها؛ فإن كل ذلك يبدو هينا أمام إنقاذ حياة خمسة أشخاص من سكان كل حي يتوعدهم ذلك الشبح بالموت المحقق! وفق المعادلة الحسابية البسيطة عاليه.

تهون هذه المشكلة أكثر إذا استنفرنا ما تعداده عشرين ألف شرطي مجازين بدون أي مبرر، ويتقاضون مرتبا دونما عمل يؤدونه؛ إذ لا مجال الآن، والناس تغتال كل يوم لأن يلح شداد على ابنه مكسور الخاطر عنترة، ولا مجال لسماجة عنترة ولومه!

حقا إن الأمر يتعدى الحساب والمنطق والملام، ذلك أن هذا الشبح يروع ويملأ نفوس أهل بنغازي وليبيا كلها رعبا، ويفتك بمعنوياتنا المتداعية، ويحبط آمالنا المتهاوية، ويهدد وجودنا. وإن كل يوم يمر من عمر هذا الشبح تتراكم جرائمه، وتتعاظم وتزداد كوارثه وتتفاقم.

ليس من المؤكد أن تؤدي هذه العملية ما نرجوه منها بنسبة 100%، إلا أن شبح بنغازي سيتيقن حتما من أن القبض عليه في نهاية الشارع الذي فعل فيه فعلته الشنيعة لا يقل بحال عن نسية 100%. وعندها ستهزم بنغازي سفاحها القزم، كما هزمت من قبله السفاح العملاق.

هيا جربوا، فتكاليف إجراء هذه التجربة أهون بكثير من تكاليف الامتناع عنها.

محمد عبد الله الشيباني



الخميس، فبراير 27، 2014

لواء حقنة الكفتة الأسطورية

لواء حقنة الكفتة الأسطورية، ومشير تقنية الأفدنة البشرية!

حقا نحن مبتلون! ومعظم بلائنا من صنع كبرائنا؛ ففي بلادنا ليبيا، وما إن استقر أمر الحكم لكبيرنا السابق العقيد الراحل حتى انخرط هذا الكبير المهووس بكل جديد في إمطارنا بسيل اختراعاته المتنوعة؛ من سياسية، واجتماعية، واقتصادية جسيمة خطيرة، هزت المجتمع وزلزلت كيانه، ثم توج هذه الاختراعات باختراعه الشهير المتمثل في السيارة المسماة "الصاروخ"، وهو الاختراع الذي ختم بها الدكتاتور القذافي ابتكاراته وحصاد مواهبه المتميزة المتعددة.

اختراعات كبراؤنا الذين لم يعرفوا بالتميز قط، ليست نتاج نشاط ذهني متراكم يحرز به المجتمع قيمة مضافة،  وذلك ككل اختراعات المخترعين الأفذاذ؛ وإنما هو طوقا إضافيا من أطواق الاستخفاف بعقلية المجتمع، وخسارة أخرى تضاف إلى جبال الخسارات التي يصنعها هؤلاء الكبراء.



ليس مصادفة أن يكون مخترع السيارة الصاروخ عسكريا، ومخترع حقنة الكفتة الأسطورية عسكريا، وصاحب تقنية الاقتراع بالأفدنة البشرية هو أيضا عسكريا، وهو ما يشي بوضوح إلى وجود علاقة ما بين سيل هوس الاختراعات المتكلفة المزورة تلك، وبين بيئة المخترع وثقافته وطريقة ونمط تعامله مع المحيطين به.

حقا، فعندما يمد العقيد أو اللواء أو المشير رقعة معسكره المحكوم بنظام الاتصال والانضباط العسكري الصارم والمبني على تنفيذ الأوامر دون مناقشة، وذلك حتى يغطي سقف هذا المعسكر كل الأمكنة حوله؛ فإن شهية هؤلاء العسكريين في اختراع الأفكار والتكلف في تنفيذها تتسع وتمتد هي الأخرى وتصل إلى ما وصل إليه عندنا في جماهيرية الإبداع والاختراعات القذافية البائدة، وكذا عند جيراننا المصريين الذي سجلوا في الشهور القليلة الأخيرة اختراعين عملاقين هما: اختراع التصويت بالأفدنة البشرية الذي نال عليه مخترعه أسمى رتبة في دولة الأهرامات، وهي رتبة مشير، واختراع عملاق آخر ادعى صاحبه اللواء أنه يقضي بحقنة كفتة على أعتى أمراض البشرية؛ الأيدز، والالتهاب الكبدي، والسكري!


الفضيحة الأخيرة لحقنة الكفتة الأسطورية، وإصرارها على الخروج إلى الضوء في حضرة المشير السيسي، لا أراها إلا تنفيسة ريح اضطرارية عجزت عن ردها بطن المشير التي أتخمها خلال الشهور الماضية بسيل جرائمه وموبقاته وترهاته، حتى غمرت رائحة هذه التنفيسة الاضطرارية الكريهة كل مكان، خالعة عن المشير المعجزة جميع ما ارتداه من وقار، وما ادعاه من حكمة ورزانة وصواب رأي وقرار، نازعة عنه كل ما خلعه عليه السفهاء من صفات وأسماء التمجيد والتعظيم والافتخار.

ولكن هل تفلح هزة بحجم فضيحة الكفتة الأسطورية هذه، وقبلها فضيحة ديمقراطية الأفدنة البشرية في إحداث الصدمة المطلوبة في عقول الكثيرين منا، والتي، وبكل أسف، لم يفلح في انتشالها مما هي فيه من غيبوبة حتى ذلك الزلزال الديمقراطي القوي الذي  زلزل وأيقظ عقولا وافكارا كثيرة، والتي ليس من بينها  العقول التي استمرأت التفكير بالوكالة؟!


محمد عبد الله الشيباني

Aa10zz100@yahoo.com



الأربعاء، فبراير 26، 2014

لعبة كرة الكلمات

لعبة كرة الكلمات، استهوت أخيرا حتى الجنرالات!

كلنا يعرف كرة الثلج المنحدرة من علو، وكيف تتعاظم وتزداد كتلتها وسرعتها وكمية حركتها، وما تحدثه هذه الكرة المتدحرجة خلال رحلتها القصيرة الخطيرة من أثر مدمر. المذهل المرعب في هذه الكرة هو تراكم واضطراد حجمها وسرعتها وأثرها في زمن وجيز وبصورة تختلف كثيرا عما تكون عليه في بداية تكونها وحركتها.

كرات كلماتنا الليبية هذه الأيام تنتشر على امتداد مضمار ثرثرتنا ولغونا الكبير، وهي كبيرة الشبه بكرة الثلج المرعبة تلك؛ حيث تبدأ كراتنا الكلامية المهلكة من مجرد معلومة خاطئة أو إشاعة مغرضة يصنعها أو يتبناها أحدنا ثم يقذف بها دون تريث إلى الأثير الذي بدوره يحقنها في أسماعنا، حيث تجد هذه الكلمات طريقها إلى عقول بعضنا المشرعة الخاوية، لا سيما صغار السن وذوي المعرفة المحدودة، وهناك تصطبغ وتتشرب بما يحويه تفكير سامعها وهواه الذي بدوره يسلمها إلى غيره، فتزداد تشوها وتسمما قبل أن يستقر بها المقام عند خط المعركة، والذي يقابله خط معركة معاكس له في الشحنة والاتجاه، وحيث هناك يحمى وطيس الحرب بين إخوة الوطن والدين.

 وإذا كان سقراط قد قال قديما: تكلم كي أعرفك؛ فإن الليبي هذه الأيام يقول لليبي الآخر: تكلم كي أصنفك؛ وما هي إلا كلمات قليلة تصدر عن المسؤول حتى يسارع سائله إلى تمرير هذه الكلمات على جراب المصطلحات السياسية والأيديولوجية الذي يتأبطه، وبسرعة يقوم بإلباس صاحب تلك الكلمات أحد الأثواب الجاهزة التي يحويها ذلك الجراب. وكما هو معلوم فإن تلك الأثواب إما أن تكون ذات وسم ديني أو علماني أو أتباع النظام السابق أو أجندة خارجية أو غيرها من الأثواب الكثيرة التي أغرقت سوقنا الليبي المتواضع البسيط.

ليت الأمر يقف عند مجرد التصنيف، فالناس كما هو معروف أصناف ومشارب، والتنوع والاختلاف من سنن الوجود، ولكن عملية التصنيف هذه يستتبعها على الفور قيام صاحب التصنيف باستدعاء ما لديه من ميول وعواطف شخصية، وحتى انتماءات فئوية وقبلية، ثم ينخرط في عملية تصنيف وفرز معقدة ومريبة لمن يصنفه، ولن يهنأ له بال حتى يرى صاحبه وقد حمل الكود الذي يناسبه من سلة الأكواد الموجودة لديه، تماما كما دأبت على ذلك أجهزة أمن النظام السابق التي قسمت الشعب الليبي إلى فئات وأصناف وأعداء وأصدقاء.

تحولت ليبيا الآن إلى منصات إطلاق صواريخ وقذائف كلامية، وبات جل الليبيين لا هم لهم سوى صناعة الكلام ونقله وتداوله بوسائل وأدوات لا تأخذ في حسابها أي معيار من معايير التثبت واستيفاء الدليل القطعي وهي تنقل شحنات الكلمات الثقيلة المسمومة وتزرعها في المسامع والعقول المختلفة الأقدار والأفكار والأعمار.

ولأن الكثير من أفراد الشعب الليبي على قدر متواضع من الاطلاع والمعرفة الدقيقة بطوفان المفردات والمفاهيم الثقافية والسياسية التي نتجت عن التغيير السياسي، وما صاحب ذلك من استعمال متكلف لمفهوم الحرية، فقد سارع الكثير من الليبيين، وخاصة الشباب، على التقاط بعض الكلمات من هنا وهناك، وتحويلها على الفور إلى شعارات ويافطات قسمت الشعب الليبي البسيط إلى فسطاطات كثيرة، تزاحم حول كل واحد منها الكثير من المتسرعين، وربما المتهورين، وانطلقوا دونما ترو وتريث واستقصاء يتبنون أفكارا وينكرون أخرى، بل ويتخذون مواقف ويبرمون أفعالا.

أدعو إلى إقامة معرض تعرض فيه تلك الأجسام اللفظية المسمومة بعد اكتشافها وفضحها، وما خلفته تلك الأجسام المفضوحة من آثار ضارة جسيمة. كما تعرض إلى جانبها الأجسام اللفظية الأخرى التي لا زالت تمارس دورها الهدام، ولا زال الكثير منا لمّا ينتبه بعد إلى هذه الكرات اللفظية السامة المتدحرجة وهي تزرع الكره والعداوة بين إخوة الدين والوطن والهدف.

 آخر مظهر من مظاهر رواج سوق صناعة الكلمات المسمومة في ليبيا، هو اتخاذها مؤخرا أساسا لانقلاب عسكري في البلاد؛ فبمجرد مجموعة من الكلمات التي لا رابط منطقي بينها، شكل جنرال متقاعد قوة انقلابية ضاربة، ونشر جيش كلماته المدجج بأسلحة الإشاعة الفتاكة في طول البلاد وعرضها، وسيطر على كل مرافقها، وتولى الضابط العجوز الحالم مقاليد الأمور في ليبيا كلها في بضع دقائق.

صدق أولا تصدق. إنها لعبة كرة الكلمات الليبية!

محمد عبد الله الشيباني






الأربعاء، فبراير 19، 2014

نحن ندمر حتى الذي عمّره المدمر!!

نحن ندمر حتى الذي عمّره المدمر!!

على امتداد عمري البائس الذي أكل خليط التخلف والدكتاتورية جله، وعلى امتداد عاصمة الدولة البترولية، طرابلس الغرب الممتدة حتى الترهل بين السهل والشاطئ، لم يمتد بصري باستمتاع، ولم تنطلق ساقاي بحرية في منتزه فسيح، أو كورنيش ممتد مريح؛ والسبب دائما هو خليط التخلف والدكتاتورية الذي أنـْقِعنا فيه طوال عقود حكم الهكسوس!

قبل أن تطيح الأقدار برأس التخلف والدكتاتورية والدمار بقليل، استيقظ المدمر المعمر، وقرر أن يجود على طرابلس بفتات موائده المليارية، وأقام منتزها صغيرا بشاطئ أبي ستة بمدينة طرابلس، وبالفعل، وبعد أربعة عقود من تجريف طرابلس وتصحيرها وتشويهها، برزت بقعة خضراء صغيرة على شاطئ طرابلس الواسع الممتد، وكانت، على أقل تقدير، كافية لتعيد لمدينة طرابلس ثقتها بنفسها في الفكاك من مرحلة سن اليأس التي أدخلها الهكسوس فيها قسرا، وأن تعود عروس البحر إلى فتنتها المعهودة،  وتسترجع شبابها المسروق، وتخلع عنها، وللأبد، ثوب الشيخوخة والحداد الذي ألبسوه إياها الأجلاف الغلاظ.

بالأمس مررت بمنتزه أبي ستة، أو قل أطلال منتزه أبي ستة، وهناك تألمت مرتين؛ مرة على هدر الأموال والمقدرات والعبث بالمشاعر ، ومرة أخرى، وهو الأكثر إيلاما، على نزعتنا، بل غريزتنا في تحطيم كل ما هو جميل!

إن المجاهرة بتحطيم معدات حديقة عامة من مصابيح إنارة ومعدات ري وحتى الرخام الجرانيتي المثبت على الأسوار، لا يمكن فهمه إلا في سياق شن الحرب على مقدرات المجتمع وأملاكه، وتعمد العبث بمشاعره وما تبقى لديه من حشاشة أمل في أن يعيش بالحد الأدنى من الكرامة البشرية.

لو كنت مسؤولا في بلدية مدينة طرابلس أو أحد أعضاء مجلسها المحلي لما تمكنت من النوم ليلة البارحة، وكيف أنام وأنا الذي ألـْعن ويُسخط علي من قبل كل من يأتي كي يفرغ همومه في منتزه أبي ستة فيرجع، ويا للأسف، بأضعاف الهموم التي جاء بها؟!

حقا لا أستطيع النوم وأنا السبب في اغتيال حلم كل طفل جاء إلى منتزه أبي ستة؛ فتفاجأ بألعابه وقد تحطمت، وبمصابيحه وقد تهشمت، وبأزهاره وقد تيبست وذرتها الرياح، كما لم يجد هذا الطفل المسكين أيا من أصحابه الذين كان يعج بهم هذا المنتزه اليتيم في هذه المدينة اليتيمة!

ولئن كان كل الذي ذكرت مما يبعث على التحسر والإحباط، إلا أن غياب كل جبال الألم هذه في خضم ما يتعارك عليه الكبار المتخاصمون ليل نهار على ما يسمى بكعكة السلطة التي أصبحت تبعث على التقزز والغثيان، لهو أشد إيلاما.

أجل فالألم يكبر ويتضاعف عندما تتكدس كوابيس اليقظة على صدر المواطن، ويصيح بأعلى صوته طالبا النجدة ممن هم حوله من مسئولين يعج بهم المكان، إلا أنه لا أحد يجيب! وإذا ما صادف وأجاب أحدهم، فلا يزيد عن قوله: إننا مشغولون الآن بما هو أهم، إننا مشغولون بالسياسة والأيديولوجيا وإنقاذ البلاد حتى لا يخطفها التيار الفلاني والحزب العلاني وتلك الكتيبة وهاتيك القبيلة، وهلم جرا!

لا تهمنا نتيجة حربكم البائسة تلك ما دامت حاجاتنا الملحة وصيحاتنا المتواصلة وأنينا الذي لا ينقطع لا تعيره هذه الحرب اهتمامها.

أنا بدوري لن أتعب نفسي في إعلام الوزير الواقع في نطاق اختصاصه ومسؤوليته ما حل بمنتزه أبي ستة؛ لأنني أعلم أن سيادته مش فاضي! ويكفيني أن أزيح عن نفسي مسؤولية التبليغ، والقيام بواجب العزاء لدى من يستحقون العزاء في هذا المصاب الجلل، وهم المواطنون البسطاء المتضررون حد الموت من مصيبة موت منتزه أبي ستة.  

عظم الله أجركم في منتزه أبي ستة!

محمد عبد الله الشيباني



الأربعاء، فبراير 12، 2014

موؤود لا قبر له

موؤود لا قبر له!

إنه الجنين الرضيع المختطف، والذي لم يبتل بعد كامل جوف معدته الجنينية الصغيرة المنكمشة بلبن أمه التي فجعت خلال يومين متواليين بفجيعتين متتاليتين؛ فجيعة تمزيق القدر بطنها لاستخراج جنينها قيصريا من أحشائها، وفجيعة أخرى يوم مزق الغدر قلبها، واقتلع فلذة كبدها من حضنها!

مهما بالغنا في التعبير عن  تعاطفنا مع أم الرضيع المختطف، فإن مرارة آهاتنا وزفراتنا لن تبلغ مجتمعة معشار مرارة تردد صدى صوت ذلك الرضيع الحاضر الغائب في مسامع أذن أمه المفجوعة. ذلك أنه فيما بين البداية الصاعقة والنهاية الماحقة لإيقاع ذلك الصوت الرهيب، سيظل فؤاد تلك الأم المسكينة ينقذف صعودا وهبوطا بين حافة هوة الموت وقاعها السحيق ما شاء الله لهذه الأم ان تعيش في أرض الذئاب الآدمية التي ابتلاها ربها بالعيش فيها.

أعذريني سيدتي المفجوعة، أم الرضيع المختطف، إذا لم أجد ما أواسيك به سوى الولولة، فهذا كل ما يملكه كويتب مثلي!

سيدتي الأم المفجوعة: أنا لست مديرا للمستشفى الذي شهد فجيعتك. لو كنت مديرا لذلك المستشفى لما أوهمتك بأنه مستشفى يمكن الوثوق فيه والتفكير في مجرد المرور بجواره، ذلك لأن هذا الجوار لابد أنه مشحون حتى أذنيه بأصناف الجريمة التي فاضت حتى وصلت إلى ما يفترض أنه أكثر الأمكنة أمانا؛ حاضنة الرضع! سيدتي لو كنت مديرا للمستشفى لتبت على الفور من جريمتي التي اقترفتها عندما تجرأت وتقدمت غيري، وربما نافستهم وزاحمتهم من أجل اعتلاء وظيفة مدير ذلك المستشفى!

سيدتي الأم المفجوعة: أنا لست المسؤول الأمني بذلك المستشفى موطن الفزع والرعب. لو كنت مسؤولا أمنيا بذلك المستشفى لما كنت حيا حتى الآن حتى أكتب لك هذه السطور؛ ذلك أن مجرد شعوري بالندم على مساهمتي المباشرة في سقوط جبل المأساة الذي سحقك، سيسحقني أنا أيضا بعدك مباشرة؛ فأموت انتحارا، أو على الأقل أموت تحسرا وانكسارا!  

سيدتي الأم المفجوعة: أنا لست آمر الكتيبة المدججة بآلاف الأعداد وأصناف الأسلحة والعتاد، والمتحملة بكامل إرادتها مسؤولية تأمين المربع الواقع في نطاقه هذا المستشفى. لو كنت آمر هذه الكتيبة لخلعت على الفور أوسمتي ونياشيني المزيفة، ولقاضيت نفسي بنفسي، حيث أنني، ويا لسخرية القدر، أنا القاضي والجاني في آن!

سيدتي الأم المفجوعة: أنا لست وزير الصحة المسؤول عن بوائق تابعيه، تلك البوائق التي ما كان لها أن تبلغ هذا الحجم الديناصوري، وتسحق هذه الأم وتفجعها بهذا الشكل الشنيع المريع، إلا لأن هؤلاء التابعين أدمنوا غض الطرف عن هذه البوائق في أطوار حياتها الأولى، ومنحوها البيئة المثالية لتتكاثر وتتعاظم. لو كنت وزيرا للصحة لجمعت كل تابعي على الفور، ولصنعت لي ولهم قفصا من حديد، ولقبعنا جميعا فيه، حتى يقوم القضاء في ليبيا، ويقول فينا كلمته.    

سيدتي الأم المفجوعة: أنا لست رئيس الدولة الليبية التي مدَّ لها وليدك يده النحيفة الدقيقة طالبا منها منحه جنسيتها والتمتع برعايتها، ولتضمن له ما تضمنه كل الدول المحترمة من رعاية خمسة نجوم لكل طفل تطأ رأسه ترابها، ولو لم يكن والدا ذلك الطفل من مواطني تلك الدولة. لو كنت رئيس الدولة لأعدت تصنيف الملفات الكثيرة المكدسة فوق سطح مكتبي، ولجعلت ملف هذا الرضيع المخطوف هو أول الملفات وأسخنها، وذلك تصحيحا للخطأ الهيكلي الشائع والشنيع للسلطة التشريعية والتنفيذية للدولة، والتي نراها منهمكة في سجال وصراع لا ينقطع حول ذهابها وبقائها، وهو بحق سجال ساهم صخبه بوضوح في تقزيم المصائب الكبيرة، ومنع حريقها من الظهور في شاشة رادار السلطة، الأمر الذي شجع صانعي هذه الحرائق على تكثير أعدادها وتأجيجها.

سيدتي الأم المفجوعة: إن مدير المستشفى، ومسؤوله الأمني، ورئيس الكتيبة الواقع في نطاقها المستشفى، ووزير الصحة، ورئيس الدولة؛ هؤلاء كلهم مسؤولون، وفي حقك مقصرون، وإن احتجت إلى من يشهد معك فنحن جميعا شاهدون!


محمد عبد الله الشيباني
 Libyanspring.blogspot.com
aa10zz100@yahoo.com

  


الاثنين، فبراير 10، 2014

المؤتمر فاشل ......

المؤتمر فاشل؛ فماذا عنا نحن؟!

في الضوضاء الكثيفة التي يصنعها هذه الأيام الكلام الكثير عن فشل المؤتمر الوطني وضرورة تغييره، تغيب الأسئلة الأكثر أهمية، وهي الأسئلة المتعلقة بأسباب فشل هذا المؤتمر، ودورنا نحن الناخبين صناع هذا المؤتمر في إفشال هذا المؤتمر.

كل إناء بما فيه ينضح، ومحتويات الإناء الكبير لليبيين هي التي نضحت كائنات مؤتمرنا الوطني؛ أشخاصا، وأفكارا، وثقافة، ومنهج عمل. وما من طريقة ناجحة ومعقولة لتطوير وتصحيح هذا المؤتمر الممثل لنا والمصنوع بإرادتنا، سوى إقدامنا نحن على تطوير وتصحيح ذاتنا في أبعادها المختلفة؛ الثقافية، والاجتماعية، والسياسية، وحتى السلوكية والنفسية!

منذ عام وبضعة أشهر أقدمنا بنهم ملحوظ على التهام ما تبرجت به المائدة الديمقراطية من أطباق لذيذة شهية كنا قد حرمنا منها عمرنا السياسي كله، وعبرنا عن ذلك بالتلويح بسبابتنا التي تبرجت هي الأخرى وهي ترفل في ثوب عرسها الزاهي البراق التي ارتدته للمرة الأولى منذ أحقاب وآماد طويلة.

لم يدم شهر عسلنا الديمقراطي طويلا، بل إن البعض بادر بإجبار تلك السبابة المسكينة على خلع ثوب عرسها قبل أن يزول لون ورائحة عطر الفرح منها، وصرنا منذ ذلك الحين نكيل للمؤتمر وأعضائه وثقافته وفكره ومنهج عمله التهم والانتقادات الكثيرة، بل إن البعض منا نكر ذلك المؤتمر وأعضاءه وكأنه لم يعرفهم، فضلا عن أنه هو من اختارهم وبايعهم.

ولأنه من السهل استبدال أعضاء المؤتمر بآخرين، ترى الكثير منا يلوح بذلك ويستعجله، إلا أنه عند الكلام عن قدرتنا على إفراز نخبة مثالية تمثلنا، فإنك لا تجد من يتفهم ذلك ويتحمس له؛ ذلك لأن امتلاك المرشح المواصفات المثالية يتصل اتصالا مباشرا بما يملكه جمهور الناخبين أنفسهم من مثالية وقدرة على إفراز نخبتهم وممثليهم من صفوة صفوتهم، وليس عن طريق انبعاث وانفلات تلك النخبة عشوائيا، ووفقا لمعادلات قانون التزاحم والتمايز القبلي والفئوي، وربما العضلي، وذلك على غرار التصعيد، درة عقد النظام الجماهيري البائد!

في الأيام الأولى من عمر المؤتمر، وبمجرد تسجيل بعض الملاحظات عليه، بادر بعضنا، وبتكلف ظاهر بكيل التهم لأعضاء هذا المؤتمر، وتصور الكثير منا أن مجرد تغيير أعضاء المؤتمر بغيرهم هو الحل الذهبي والوحيد لتحسين أداء المؤتمر، ومن ورائه الحكومة التي أفرزها، متجاهلا أن ظلال القصور التي خيمت على المؤتمر؛ أشخاصا، وثقافة، وفكرا، ومنهج عمل، وسببت ما سببت من تدن في أداء المؤتمر، لم يصنعها سقف المساحة الضيقة لقاعة المؤتمر الوطني، كما لم تصنعها الهالة الفردية المحدودة لعضو المؤتمر المنتخب ذاته؛ وإنما صنعتها تلك السحابة الهائلة الممتدة فوق المدى الزماني والمكاني للوطن، وهي السحابة التي تشكل معظم نسيجها من بقايا ثقافتنا القبلية الجامدة المتكلسة، ومن أيديولوجياتنا الطارئة المتزاحمة المتخاصمة، بالإضافة إلى الذي ما زلنا نحمله من أدران البداوة، وجلافة النفس، وغلظة الطباع، وضحالة التجربة، وشح المعرفة، وكذا ما ابتلينا به من استعمار خارجي ظالم، ونظام دكتاتوري محلي ربما أشد جورا وظلما.

أكثر ما يتهم به بعضنا المؤتمر هو عدم التوافق بين مكوناته، وهو توافق لابد من توفره لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، الأمر الذي تسبب في ارتكاب أخطاء جسيمة أثرت سلبا على قيام الدولة، فضلا عن الكلام عن نهوضها وتطورها. وعدم توافق مكونات المؤتمر مأساة كبرى، إلا أن المأساة تبدو أكبر عندما ندرك بأن عدم التوافق هذا ما هو إلا موجة تسونامي متراكمة كونها الزلزال القبلي والأيديولوجي الذي نجم عن فعل التغيير السياسي المفاجئ، حيث لم يتمكن جسمنا السياسي الغض من امتصاص هذا الزلزال، والحيلولة دون تعاظم موجته واضطرادها لتفعل ما فعلت بجسم المؤتمر الواهن النحيل.

المؤتمر من جانبه يرد بعض أوجه قصوره، وهو محق في ذلك، إلى ممارسة ضغط غير ديمقراطي عليه من قبل من يتصورون أنهم من صنع التغيير، أو على الأقل أنهم من لهم حق قطف ثمار التغيير، الأمر الذي تسبب مباشرة في عدم قدرة المؤتمر، ومن بعده الحكومة، على صنع أي أجندة عمل وتنفيذها وفق جدول زمني منطقي مسؤول؛ فالمؤتمر تعرض لضغط مادي مباشر وصل إلى حد إطلاق الرصاص على رئيسه السابق محمد المقريف الذي وإن لم يفلحوا في تغييبه بالرصاص، إلا إنهم عادوا بعد وقت قصير وغيبوه برصاص العزل السياسي الجائر. أما أحدث نماذج الضغط على المؤتمر، فهو ما هدد به مؤخرا أحد قادة الكتائب "بلاش ميليشيات" من أنه سييتم أبناء أي عضو مؤتمر يتجرأ على المجيئ إلى مبنى المؤتمر بعد 7 فبراير!
    
ظلال تلك السحابة السوداء الكبيرة التي تغطينا جميعا هي السبب المباشر في ضعف أداء المؤتمر والحكومة، ولا يمكن إصلاح ما عليه حال هذا المؤتمر أو أي مؤتمر يأتي بعده إلا بعد قيامنا جميعا وبجهد مشترك على مواجهة أنفسنا وتصحيح زوايا رؤيتنا المعيبة حتى تتمكن أعيننا من رؤية العيب في مكانه الحقيقي. ربما من المعقول إرجاع أسباب علتنا هذه إلى شدة تأثرنا بنظرية المؤامرة من جهة، ومن جهة أخرى إلى ميلنا الغريزي الفاضح في تبرئة أنفسنا وإدماننا إتهام غيرنا.

يكرر معظمنا الآية القرآنية الكريمة" إن الله لا يغير ما بقوم، حتى يغيروا ما بأنفسهم"، إلا أننا كثيرا ما نخطئ في حسابات إحداثيات أخطائنا الموجبة للتغيير؛ مكانا، ونوعا، وكماً. كما أننا ندمن إزاحة فعل التغيير بعيدا عنا، رغم أن واقع الحال يؤكد في كثير من الأحيان أننا نحن مركز فعل هذا التغيير، وبأيدينا نحن أهم روافعه. كذلك فإن كثيرا ممن يحاول التصدي لعملية التغيير نجده ينزلق بسرعة إلى هاوية تهويل المشكلة والمبالغة المفرطة فيها، ولدرجة يصدق فيه قول القائل:"بيكحلها عماها!".  

أيضا قدرتنا على إطفاء حرائق اختلافنا هي الأخرى غير ذكية وغير منسجمة مع الواقع الذي نعيش؛ فإنك إذا أخذت مثلا التناول الإعلامي لقضية شرعية بقاء المؤتمر الدائرة حاليا، ستحتار كثيرا إزاء تعلق البعض، ومنهم أساتذة قانون، بكل ما من شأنه أن يسد المسالك أمام المختلفين، ويؤجج لهيب الخلاف بينهم، وكأن فائدة الإطفائي تكمن في استعار ألسنة اللهب. أحد هؤلاء القانونيين تشبث بنص شاذ مريب حواه الإعلان الدستوري، حتى أنزله درجة المقدس الذي لا يجب الاقتراب منه.


وختاما، فإن هذه الأصوات المشنعة بالمؤتمر الوطني الآن، ليست وليدة اللحظة، وإنما ولدت منذ الأيام الأولى لحياة ذلك المؤتمر، كما أن جذورها غير مستقرة في تربة الوعي الخالص للمنادين بها، بالإضافة إلى أنها هشة القوام غير ذات زخم جماهيري عريض عميق يمكن الاعتماد عليه في اتخاذ القرار الصائب المعبر عن إرادة الأغلبية.


محمد عبد الله الشيباني
 Libyanspring.blogspot.com
aa10zz100@yahoo.com

   






الأربعاء، فبراير 05، 2014

نحن فصاميون!

نحن فصاميون!

آه يا ليبيا لو أحببناكِ عمليا كما أحببناكِ كرويا!


بعد غروب شمس آخر أربعاء من شهر يناير الجاري انخرطت الأرض والسماء، وبدونما مقدمات، في كرنفال صوتي وضوئي مطرب ومرعب في آن . من ناحيتي أيضا اندهشت وارتعبت في آن، وسألت: ما هذا؟! قالوا: إنهم الليبيون ينفجرون فرحا بانتصار بلدهم ليبيا كرويا!


معظم الشباب الليبي، وعلى مدى زمن المباراة المقامة في بلد بعيد عنهم، تركوا كل شأن عزيز لديهم، والتصقوا بشاشات التلفزيون، وصبوا كل ما يملكون من طاقة ذهنية ووجدانية على تلك الكرة التي تنط وتحط بعيدا عنهم آلاف الأميال، وذلك من أجل أن يضعوها في مرمى الفريق المقابل، بل إن بعضهم بدا وكأنه يدفع تلك الكرة بنسيج قلبه وكبده من أجل زحزحة تلك الكرة البعيدة نحو شبكة الخصم، وإحراز هدف انتصار ليبيا التي يحبها الليبيون حبا كرويا فائق التصور والحدود!


أجل بكل هذا الحب الكروي الكارنفالي يحب الليبيون ليبيا، وهو حب لو أمكن التحكم في طاقته وتسخير هذه الطاقة في مسارب حب أخرى غير كروية لصنع الليبيون العجب العجاب.


لست كرويا، وكنت ساعة انفجار ذلك الحب الكروي العارم في بيتي صحبة صديق لي، وفجأة قذفت الأرض بمئات المقذوفات النارية متعددة الألوان والأصوات، حتى أنني عمدت إلى النافذة وأوصدتها خشية وقوع إحدى تلك المقذوفات المعربدة داخل البيت، وهو ما قد يتسبب في حريق.


مئات وربما آلاف المقذوفات انطلقت في وقت واحد، الأمر الذي جعلني أتساءل متعجبا: كيف علم كل هؤلاء المشجعين بالنتيجة الإيجابية مسبقا، ومن تم أعدوا لها هذا المخزون الهائل من هذه المقذوفات المكلفة؟!


المربع الذي يسكن فيه جيراني المحتفلون المعبرون بتطرف بالغ عن حب ليبيا كرويا، تسكن طرقه وأرصفته مئات الحفر، وهي حفر لا تزيد كلفة تصليح إحداها عن أرخص كلفة مقذوفة واحدة من تلك المقذوفات المعبرة بجنون عن الفرح، والمتجاهلة بريبة واضحة الحفر! وهذه الحفر الطرقية ما هي إلا مثال على مظاهر الحفر الأخرى التي لا تعد، كحفر الفقر والجهل والمرض وانعدام الأمن وسوء الإدارة والفساد، وغير ذلك كثير. 


هكذا أنت دائما لا يعجبك شيء؛ قال صديقي، ثم أردف: دع الناس يفرحون حتى يعوضوا الذي أكلته الهموم من أعمارهم!


ها قد قلتها؛ إنهم يمارسون فرحا تعويضيا من أجل التنفيس عن أنفسهم، ولا يمارسون فرحا حقيقيا، يذكي العزيمة، ويجمع النفوس، ويصف الصفوف. نحن بحاجة إلى الفرح الدائم الاستقرار في النفوس، وليس الفرح العابر الذي يدغدغ مشاعرنا لساعة، ثم يقذف بنا في أتون إحباطنا الدائم المقيم.


البون شاسع وكبير بين ما يمارسه الليبيون من فرقعات حب عابر، وبالمناسبة، وتتحكم فيه مجرد كرة تنط وتحط، وبين حب مقيم قوامه الغيرة الدائمة الراسخة على الوطن، والتفاني في إصلاح شأنه، وعلو بنيانه. من ذا يماري في أن لسان حال جل الليبيين الآن ينطق بأقوى عبارات الخذلان للوطن، وأوهن عبارات الحب له. لا يمكن بحال مقارنة ما يمارسه الليبيون من أفعال سلبية فاترة، وربما مهلكة ضارة تجاه وطنهم، وما هو عليه حالهم وهم يمارسون الحب الكروي الفولكلوري العارم.


آه يا ليبيا لو أحببناكِ عمليا كما أحببناكِ ليلة البارحة كرويا!


أم نحن حقا فصاميون؟!


محمد عبد الله الشيباني

 Libyanspring.blogspot.com
aa10zz100@yahoo.com