إلى الرئيس
المحاسب المقريف: هذا هو ظني بك!
13 مليار. 8 مليار. 5 مليار، ليس ملاليم أو قروش، وإنما هي دنانير!!!!!!!
هذه الأرقام
الفلكية لا تخص محطات تحلية، أو مصانع بترو كيميائية، أو مدن سكنية، أو سلسلة مدن
سياحية على مدى شاطئنا الطويل!
كلا إنها تتعلق بتجهيزات
إدارية ومستلزمات رخوة تخص دواوين الحكومة، كما أن هذه المبالغ الكبيرة جدا ليست
عن عشر سنين، بل هي لمجرد مدة أقل من ذلك بكثير.
إن مجرد قيام
المقريف المحاسب الماهر بوصف هذا العمل بالسفه، وإحالة هذا الملف إلى ديوان
المحاسبة، يشير بوضوح إلى وجود عيوب جسيمة بهذا الإجراء، ويدفعني إلى الوثوق بوجود
شبهة الفساد المالي والإداري؛ صنو الفساد السياسي ورافده الأهم.
هذه هي الجراحة التصحيحية الأولى الناجحة في جسمنا الحكومي الموبوء، وعليها سيتوقف نجاح عمليات وطرق العلاج
الضرورية اللاحقة.
إن السفه الذي
عناه المقريف، والذي اكتنف هذه التكاليف المتعلقة بالباب الثاني في الميزانية،
يبدأ من تقدير هذه التكاليف بالرقم 13 مليار دينار، ثم تسييل 8 مليار دينار،
وأخيرا حرق 5 مليار دينار في مقابل أصول هشة، ولتنبعث من هذا الحريق رائحة التناقض المنطقي الصارخ مع رائحة الإسراف والتبذير المقززة النفاذة.
إن السفه والإسراف
والتبذير في جهة ما من جهات الدولة، لابد وأن يقابله تقتير وشح وعدم عدالة في أوجه
إنفاق ضرورية أخرى. كما أن شيوع مثل هذا السلوك في دواوين الدولة المقتدى بها،
يبرر للجهات الإدارية الأدنى السلوك نفسه ويشرعن لها ذلك.
ليت مساوئ انعدام
الضبط المالي والإداري تقف عند مجرد تضخم رقم التكاليف الحكومية، إذن لهان الأمر، ولكن
شيوع السفه والإسراف والتبذير المالي والفساد الإداري يعمل في المدى الطويل على
تردي منظومة الأخلاق في المجتمع بأكمله، وهو ما عانينا منه كثيرا فيما سبق.
نعول كثيرا على
الدكتور المقريف، وهو المحاسب والثائر التاريخي على ظاهرة السفه والإسراف والتبذير
التي صبغت حقبة الاستبداد السابقة، حتى أن موقفه من هذا العمل المنكر دفع به إلى
طلاق النظام السابق، وإعلان الحرب عليه قبل عقود مضت.
وبغض النظر عن
نتيجة التحقيق في هذا الملف المشبوه، إلا أن إعلاء الصوت تحت قبة البرلمان بإعلان
الحرب على الفساد، ووضع ديوان المحاسبة أمام مسئوليته التاريخية، سوف يدفع
بالاتجاه الصحيح، ويعمل على شحذ سيف الرقابة المالية والإدارية الذي يجب أن يخرج
من غمده ويزال صدأه.
محمد عبد الله الشيباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق