الثلاثاء، مايو 14، 2013

غنائمنا؛ هزائمنا


غنائمنا؛  فضائحنا وهزائمنا!

عندما كنا جميعا نسعى متحدين إلى الحصول على الغنيمة الكبرى، الوطن، بافتكاكه من ربقة الاستبداد والدكتاتورية، كان كل منا يقدم كل ما يملك ليحصل على أي شيء مهما كان صغيرا من جسم الوطن المبعثر، ليضعه في سلة لبنات تحرير الوطن وإنقاذه؛ فصارت الجهود الصغيرة المتجمعة عملا جبارا، وبنينا جسم الوطن مما جمعناه من لبنات، وكان النصر، ورأينا ليبيا التي كنا نريد، وقد احتفت بالنصر المجيد.

هزيمتنا، أو قل فضيحتنا بدأت عندما التفت كل منا إلى الآخر، وأخذ يزاحمه وينافسه في نهش جسم ليبيا الذي بالكاد وقف على قدميه ليخطو الخطوة الأولى، تلك الخطوة التي وأدت في مهدها من قِبل من يدَّعون حماية ليبيا ويظهرون حبها!


مبررات غنيمتنا الكبرى، إنقاذ ليبيا من الدكتاتورية والفساد، كانت أكثر من أن تحصى، وكانت كلها مبررات شرعية وموثقة وفي ضوء الشمس وبحضور الجميع.

أما مبررات غنائمنا الفردية، إسقاط ليبيا في الغوغائية، فجميعها مبررات فردية، نسجها أصحابها بخيوط الظلام والطمع والحقد والتشفي وعدم الثقة في الآخر.

مبرر الغنيمة الفردية الفضيحة يتركب من عناصر متنوعة، ولكن اخطر عناصره هو عنصر غيبوبة مرتكبه، نتيجة وقوعه تحت تأثير طغيان هرمونات الشعور بالانتصار الزائف، ذلك الشعور الذي يتعاظم خطره لدى فئة المتعصبين ومحترفي الجريمة وصغار السن والحمقى وقليلي الثقافة، وهي مجموعات كثيرة العدد حادة الطباع.

عار الغنيمة الفضيحة سيظل ملتصقا بوجه كل من مد يده المصبوغة بوصمة الانتهازية، والتي لا يزيلها إلا طهر التعفف، وذلك بعد رد كل قطعة تم نهشها من جسد الوطن المثقل بجروحه العميقة.

كل غنيمة نهشها أحدهم من جسم الوطن سيبقى مكانها خاليا، ملوحا بما فعله اللئام، مخبرا كل من يمر به بكل ما حدث وبالتفاصيل الدقيقة المتضمنة ضمن ما تتضمنه اسم الثائر الجائر، أو مدع الثورة المنافق الفاجر البائر!

الغنائم الفضائح كثيرة منها الكبير جدا الذي لا يمحوه إلا قصاص الدنيا أو سعير الآخرة، ومنها الصغير جدا، ربما يكون مجرد تجاهل ضوء إشارة المرور الحمراء، ولكنها جميعها قطعٌ من جسم الوطن!

الشطر الكبير والخطير جدا من هذه الغنائم هو ذلك  المكون  من رأس الوطن ومركز تسييره وإدارته، وهو مكان لا يصل إليه إلا أكثر الغنائميين قوة وجرأة، وربما تطاولا وعتوا.

مسلسل الغنائم الصغيرة جدا والكبيرة جدا وما يتوسطهما ما زال قائما، والغنائميون لا يزالون في غيهم يعمهون.

أما مسلسل بناء الوطن فلن تبدأ أولى حلقاته إلا بانتهاء آخر حلقات مسلسل الغنائم الهزائم؛ بدءا من تجاهل إشارة المرور، إلى انتهاب الوظائف والاستغلال السيء لها، إلى استحلال وهدر المال العام، إلى اقتحام الوزارات، وغير ذلك كثير!

الشهداء الكرام، والثوار المتعففون، والمواطنون العاديون الذين لم يلوثوا أنفسهم بأي لون من ألوان الغنائم الهزائم، كلهم يعرفون أولئك الغنائميين المفضوحين جد المعرفة، والذين حتما ستطالهم يد العدالة التي طالت من هو أكبر منهم، ذلك الذي جعل ليبيا وما فيها غنيمة له، حتى إذا سكر حتى الثمالة بخمر الغنيمة، فاجأته الأقدار بأسوأ خاتمة وأشنع هزيمة!

وإذا كان هناك سجل تشريف بعد سجل الشهداء، فهو سجل أولئك الأفذاذ الذين بذلوا ما في وسعهم لاغتنام الوطن وافتكاكه من غاصبيه، حتى إذا تحقق ذلك انسحبوا بهدوء واحتسبوا لله عظيم جهودهم، ونبيل غاياتهم. إنهم بحق أنقياء أتقياء أذكياء.

تحياتي الصادقة لهم.

محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: