"الطعم البشري" أبشع الماركات القذافية المسجلة
كثيرة هي الماركات القذافية المسجلة، وذلك على مدى أعوام سيطرة القذافي على المشهد الليبي، واستئتاره بالدور الأبرز والأهم في كل عملية اجتماعية أو سياسية تجري على مدى مساحة الوطن وتاريخه. ولم يكن استحواذ هذا الرجل على هذه الماركات وتسجيلها باسمه عائدا إلى ألمعيته أو ذكائه، ولكنه عائد إلى جرأته، وربما مقامرته بكل شيء، بدءا من المبادئ والمثل، وانتهاء بالتكلفة المادية الجسيمة لاختراع هذه الماركات البشعة وتسويقها.
قد لا يسمح المقام، في هذه الأوقات العصيبة التي نمر بها، بقيامنا بسرد جبل تلك الماركات المسجلة لهذا الحاكم المستبد الشاذ، والمنتشرة على مدى زمن اختطافه للبلد واغتصابه لها، وإدمانه اختراع كل ما هو شاذ، وتطبيقه تلك الاختراعات، تكلفا وقسرا، على أولئك المخطوفين المغتصبين، ساكني ليبيا ومواطنيها، ولو كلف ذلك حياتهم.
آخر هذه الماركات المرعبة المسجلة باسمه واسم زبانيته الذين يعربدون هذه الآونة في طول البلاد وعرضها، هو ما قامت به إحدى فرق الموت التي تغتصب سكان منطقة سوق الجمعة وترعبها، وذلك عندما قامت هذه الفرقة بملاحقة شاب متظاهر فرَّ منها، وقنصته في إحدى الأزقة الترابية من أزقة شط الهنشير القريبة من نقطة التقاء شارع الشط بشارع 11 يونيو، حيث سقط ذلك الشاب جريحا، وأخذ يصارع ألم اختراق الرصاص الخارق الحارق جسده الغض، غارقا في دمه، وعلى مرأى من أهله وأصدقائه الذين لم يجرءوا على الاقتراب منه وإنقاذه، وذلك بسبب وقوف فرقة الموت على مقربة من الضحية، متربصة بمن يحاول الاقتراب من الجسم الجريح، حتى يفعلوا به ما فعلوا بسابقه، إلى أن مات ذلك المسكين موتا بطيئا استغرق الساعات. ولما تأكدت تلك الفرقة القاتلة الأثيمة من موت الضحية، وضياع فرصة الظفر بضحية أخرى معه، سواء من أهله، أو من أحد أصدقائه، عمدت إلى تلك الجثة، " الطعم البشري"، وحملتها إلى مكان مجهول.
وبهذا لابد لنا من أن نعترف بأن المجرم القذافي استحوذ على ماركة مسجلة جديدة من ماركاته المرعبة.
أجل إن هذه الحادثة موثقة، وضحيتها معروف، وشهودها حاضرون.
إنني إذ أقوم بنشر هذه الحادثة، أدعو كل من يقرأها أن يقوم باستحضار تلك الحالة التي يعيشها أب أو أم أو إخوة أو أصدقاء، وهم يرون أبنهم وأخيهم وصديقهم يتخبط في دمائه النازفة ولساعات، ثم لا يستطيع أحد منهم الاقتراب منه ونجدته.
حقا إنه لأمر مرعب، وحالة لا يمكن تصنيفها إلا ضمن الحالات نادرة الحدوث، بل إنها ماركة مسجلة، وحق اختراع شيطاني لا يليق إلا بهذا الحاكم المستبد الذي لم يدمن شيء كإدمانه إحراز كل ما هو مرعب وخبيث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق