الثلاثاء، أغسطس 02، 2011

زقوم، ونخّاس، وموت، و ...!


                              زقوم، ونخّاس، وموت، و ...!

طوَّفتُ بيدي فوق لوحة المفاتيح، باحثا عن  إشارة تعجب تقنعني بقدرتها على حمل كتلة العجب الثقيلة المشحون بها العنوان عاليه، فما وجدت، ويا للعجب! في الإملاء العربي غير علامة واحدة، هي: !.

يا للعجب! هل تكفي علامة تعجب واحدة فقط، لتقوم بنبش وفضح فجائع وفظائع وعجائب وغرائب القذافي؟

الجواب، وبكل تأكيد. لا.

ولئن قبلنا بإشارة تعجب واحدة، تسليما برأي فقهاء اللغة، فإننا لا نقبل البتة أن تكون علامة التعجب على هذا الشكل اللطيف البسيط الذي نعرفها عليه،!. وما كان واضع هذه العلامة نفسه ليرضى أن يضع علامة التعجب على هذا الشكل، لو علم أن هذه العلامة الرشيقة الأنيقة البسيطة ستتحمل ذات يوم ثقل جبال التعجب والاندهاش من فظائع طاغية كمعمر القذافي.

أجل. لو علم صانع هذه الإشارة أنها ستوضع أمام العبارات المبينة لعجائب القذافي وغرائبه وفظائعه، لما اختار لها هذا الشكل الأنيق، والقوام المستقيم، ولكنه، بالقطع، سيختار لها شكلا بشعا معقدا، وهيئة ملتوية مستفزة مثيرة، بل ربما صنع لها قرونا كقرون الشياطين، ولجعل النقطة التي تحتها على هيئة جمجمة، إشارة إلى أن أعجب هوايات هذا الرجل، القذافي، هو جمع الجماجم البشرية، والرقص عليها.  
وإذا قصرت إشارة التعجب هذه عن إدراك ما يتضمنه العنوان عاليه، فإن في عبارات الزقوم، والنخاسة، والموت ما يعوض عن ذلك القصور.

بيد ان الجميع، وكما هو معروف، على دراية بشجرة الزقوم، ومكانها حيث قاع الجحيم، ويعرفون أن ثمارها طعام الأثيم، ويعرفون أيضا أن القذافي هو الوكيل الحصري لإنتاج وتسويق هذه الثمار الجهنمية.

إذن ما هي بؤرة العجب في هذا العنوان؟

بؤرة العجب تكمن في ذلك المكان الخالي الواقع بعد واو العطف الأخيرة، والذي جعله القذافي مكبا لأفواج البشر الرخيصة الذين زج بهم في أسواق نخاسته، واشترى منهم كرامتهم ودينهم، وأخيرا أنفسهم وأرواحهم.

وتزداد علامة التعجب وضوحا وإثارة عندما يقترب الناظر أكثر من هؤلاء المغرر بهم، وتتجلى له مدى قابلية بطونهم لالتهام المزيد من  زقوم القذافي، المؤدي مباشرة إلى مسخهم ثم موتهم!

ليبيون بسطاء كثيرون، عانوا ولا زالوا يعانون، مما اقترفه حاكمهم المجنون، ولكنهم حتى الآن يخدعون، ولأبواقه سمّاعون، ولترهاته مصدقون.

ليس ثمة عاقل يعرف القذافي وسيرته، وما حاق بالبلاد التي غطاها بأشجار زقومه، وما لحق بالعباد الذين ألقمهم ثمار هذه الأشجار، ثم يقبل وبكامل إرادته على التهام المزيد من هذه الثمار، ويصر على المسير طائعا مختارا نحو حتفه ونهايته.

ها هي منطقة بو سليم، التي اتخذها النخاس المركز الرئيسي لتجارته السوداء، تواصل التهامها ثمار شجرة الزقوم العتيقة التي غرسها القذافي في أرضها، حيث مركز التربية العقائدية سيء الصيت، والذي يستقبل ويتعهد أكلة ثمار هذه الشجرة منذ نعومة أظفارهم. وإمعانا في التغرير بهؤلاء الضحايا المساكين  فإن سدنة هذا المركز يطلقون عليهم أشبال وسواعد الفاتح، ذلك المركز الذي أنتج، وعلى مدى العقود أخبث ثمار هذه الشجرة، وقام بترويجها في مغلفاتها الشهيرة: التربية العقائدية لأتباع الملة القذافية.

ها هم الألوف من شباب بوسليم يخرجون ، وبدون مقابل تقريبا، وهم يلتهمون الثمار الأخيرة لهذه الشجرة الخبيثة، غير عابئين بما يلحق بهم من ضرر ماحق جراء جريهم أمام من يضربهم بعصاه، ويضخهم وقودا في محركات سفينته الغارقة التي يقودها هو وأبناؤه المجانين.

بكل أسف، كثيرون غير أغرار بوسليم، ملأ القذافي بطونهم من ثمار شجرة زقومه، وتركهم يعبّون من غسلين جهنمه حتى امتلأت بطونهم، وتكدست أمامهم كروشهم،  فجرَّهم اللئيم من أنوفهم، إلى حيث حتوفهم. أجل إلى حيث حتوفهم!

بكل استخفاف بكرامة البشر، لا زال القذافي يغري من له قابلية التقام ثمار شجرة زقومه، وعلى مرأى ومسمع الدنيا، يروج لهذا العمل الخبيث، هناك حيث أسواق النخاسة اليومية، والتي يقام فيها مزادا علنيا لشراء ضمائر الناس وأرواحهم.

يجمع القذافي القاصرين والغافلين يوميا ويقوم فيهم خطيبا، عارضا عليهم إغراءاته المادية من نقود وشقق وسيارات، وغير ذلك مما يستهوي الشباب المساكين الذين سوف لن يستلموا شيئا من ذلك، وذلك لسبب بسيط، وهو أن هذا النخاس الأثيم، القذافي، اشترط عليهم قبض الثمن بعد دفع النفس، عالما ان هذه الصفقة الخبيثة لا تكلفه سوى ردم جثة ضحيته، والإعلان عنه شهيدا في سبيل القذافي!

إعلام القذافي الرخيص يصدر صكوكا كل يوم، يحمل كل واحد منها قيمة المزاد الأخير لثمن قبيلة ما من قبائلنا التي التزمت السكوت حتى الآن، مفسحة المجال أمام سفهاء هذه القبائل حتى يتجرءوا ويعلنوا قبولهم بهذا السعر نيابة عن أفراد القبيلة كلها، والتي يفخر أحيانا سفيهها بأن عدد أفراد هذه القبيلة يجاوز المليونين.

يا عقلاء هذه القبائل لا تتركوا سفهاءكم يعلنون على الملإ أنهم وكلاؤكم، ذلك أن إعلان أمر ما من قبل شخص منكم تعرفونه وتسمعونه، ثم لا  تسكتونه، هو بمثابة قبولكم بما يقول هذا السفيه ويحكم به.

محمد الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com             

ليست هناك تعليقات: