معا من أجل الناخب الرشيد
معظمنا يعلم أن رحلتنا الطويلة المضنية من أجل الثورة على الاستبداد والدكتاتورية لم تبدأ في فبراير 2011 ، ولكنها بدأت منذ فترة طويلة ربما جاوزت أربعين عاما، قضاها الشعب الليبي رافضا لمحاولات الدكتاتور القذافي في مصادرة كرامة المواطن وحقه المقدس في أن يكون ناخبا حرا رشيدا يختار حاكميه.
خلال هذه الفترة الطويلة سخر القذافي كل إمكانيات الدولة من أجل تزوير إرادة الناخب، وصنع الكثير من أصناف التزوير وسلب الإرادة. وتأتي نظريته الثالثة، أو ما يعرف بسلطة الشعب في مقدمة هذه الأصناف.
وعلى الجانب الآخر سعى الغيورون على كرامتهم من أبناء الشعب الليبي في محاربة هذا النظام الدكتاتوري الغاشم بكل الوسائل الممكنة، وخاضوا معارك غير متكافئة مع حاكم يرى في نفسه نصف إله، ويرى في شعبه أنصاف بشر، حتى كانت ملحمة فبراير الشهيرة التي أرجعت القذافي إلى بشريته، وردت للإنسان الليبي بشريته المغتصبة لما يزيد عن أربعة عقود.
كلمة " الناخب" هي أشد ألفاظ قاموس السياسة التي كانت تغضب دكتاتورنا السابق وتثيره، فسعى بكل ما يستطيع من جهد من أجل تشويه هذه الكلمة وطمسها، وناضل كثيرا لإيجاد مرادف لها. ولما بلغ به الجهد حده، تقيأ مرادفا نشازا، ضمته عبارة تحوي أربع كلمات لا تمت أي منها بأية صلة لكلمة الناخب، بل إن هذه العبارة استخفت وأنقصت من قيمة المواطن الذي أجبر على حملها والتسمي باسمها؛ تلك هي عبارة " عضو مؤتمر شعبي أساسي"!
" عضو مؤتمر شعبي أساسي"، عبارة طويلة ركيكة لا تفوح منها أية رائحة من روائح الديمقراطية، ولا يظهر عليها أي ملمح من ملامح عزة الناخب وسموه.
أجل، فقد صنع القذافي متاهة من الكلمات والإجراءات، وأهدر الأموال والأوقات، وذلك لا لشيء إلا لتفريغ كلمة الناخب من محتواها.
ــ لماذا؟
ــ لأن تفريغ كلمة الناخب من محتواها يسهل عملية سرقة أصوات الناخبين، ومن تم وضعها في الصندوق الذي يريده سارق السلطة.
ــ ولكننا انتصرنا على السارق الحصري للأصوات القذافي، ودفناه إلى الأبد في بحر الرمال، ولن نتعرض بعد الآن لسرقة أصواتنا.
ــ كلا، فالمشكلة لا زالت قائمة، وفيروس سرقة الأصوات، كأي فيروس آخر، يتطور بتطور الظروف المحيطة.
ــ حقا؟
ــ نعم.
ــ هذه مصيبة، لا سيما أننا دفعنا الكثير من أجل استرداد تاج الناخب الذي اغتصب منا عقودا طويلة، والذي لم نفرغ بعد من مسح غبار المعارك عنه. تلك المعارك التي كلفتنا كما هو معروف عشرات آلاف الضحايا ووضعت البلاد كلها في أتون حرب شاملة أكلت الأخضر واليابس.
ــ وهل فعلنا كل ذلك من أجل هذه الكلمة الصغيرة النحيفة، الناخب؟
ــ أجل. فلو أردنا اختزال كل الشعارات التي رفعناها خلال حربنا الطويلة ضد الطواغيت لوجدنا أن كلمة الناخب بمعناها الأصلي الحقيقي تتسع لها وتختزلها.
ــ ولكن هل يعلم المواطنون العاديون البسطاء، محدودو الثقافة والإدراك، وهم كثيرون، بأن أصواتهم الانتخابية على هذا القدر من الأهمية والخطورة؟
ــ غالب الظن لا.
ــ هذا مرعب حقا، وربما استحق التنبيه إليه والتحذير منه؟
ــ حقا، فالجهل بهذا الأمر الخطير يؤدي إلى أعظم المصائب، وأية مصيبة أعظم من أن يتولى سارقو الأصوات وسالبو الإرادات مسئولية قيادة الدولة وحكمها.
ــ سارقو الأصوات وسالبو الإرادات. ما أبشعه من وصف!
ــ نعم، ولكن الأبشع من هؤلاء أولئك المستخفون بأصواتهم المتاجرون بكرامتهم وإرادتهم.
ــ تعني الناخبين؟
ــ أجل. ومن غيرهم!
..............
............
.............
ــ هكذا هو حالكم يا من تكتبون المقالات دائما تتعبوننا بالمقدمات المطولة، ولا تعطوننا "الزبدة" بيسر وسهولة.
ــ وما هي الزبدة التي تريدها منا؟
ــ أخبرونا ماذا نعمل حتى نتلافى هذه المصيبة الواقفة على الباب كما تزعمون؟
ــ بسيطة. نقوم منذ اللحظة بالإعلان عن القيمة الحقيقية لصوت الناخب، والطلب من كافة حاملي هذه الأصوات عدم بيع الصوت إلا بثمنه، ونحرم على مقتني هذه الأصوات اقتناءهم أي صوت إلا بثمنه الحقيقي والعادل.
ــ كأنك تدعو إلى ميثاق شرف يوقع عليه كل من له حق الانتخاب، وذلك بأن يستحلف كل ناخب بأغلظ الأيمان على البر بحق الانتخاب، وأن لا يضع صوته إلا لمن هو أهل له.
ــ أجل.
ــ عدت بي إلى المربع الأول!
ــ كيف؟
ــ لابد قبل الدعوة إلى الميثاق الذي ذكرت من التأكد من الأهلية الثقافية والأخلاقية للناخبين. إذ لا قيمة للمواثيق والناس في جهل عميق.
ــ هذا صحيح، ولكن أخبرني عن أقصر المسارب لتوعية الناخب.
ــ الطريق المبين لتبصير الناخبين هو تعريفهم بقيمة صوتهم الغالي الثمين.
ــ وما هو في تقديرك الثمن المناسب لصوت الناخب؟
ــ ليس هناك من ثمن لصوت الناخب سوى منحه للحاكم المناسب.
ــ حقا إن هذا الثمن لا يضاهيه ثمن!
ــ ولكن ذلك يحتاج إلى ناخب رشيد حر الإرادة. أليس كذلك؟
ــ بلى.
ــ كأنك تشترط ضرورة ترشيد الناخبين، وتحرير إرادتهم قبل دعوتهم إلى الانتخابات؟
ــ بالضبط، ولو اضطرنا ذلك إلى تأجيل موعد الانتخابات عما كان مقررا.
ــ حسنا. لنبدأ. ماذا تقترح؟
ــ من جانبي كمثقف مسكون بهم الوطن مستشعرا خطورة المرحلة، أطلب من كل مثقف التحرك سريعا من أجل تعريف جمهور الناخبين بأهمية وخطورة ما هم مقدمون عليه من عمل، وكذا تعريفهم بأهمية الصوت الانتخابي الذي يحمله كل منهم، وقد اقترحت مجموعة من الشعارات والمقولات التي تبين للناخب دوره وتعمق لديه الشعور بالمسئولية عند إدلائه لصوته الانتخابي.
ــ هذا رائع. هلا سردت لنا هذه الشعارات حتى نطلع عليها، وربما أضفنا إليها مما يساعد على إثراء حملة التوعية والتثقيف الانتخابي، من أجل الوصول بالمواطن إلى مرحلة الكفاءة الانتخابية.
ــ الكفاءة الانتخابية! بدأت فعلا تقنعني بطرحك، وتحفزني على مجاراتك من أجل تأطير الأفكار وإسقاطها على الواقع. أخبرني عن متطلبات شهادة الكفاءة الانتخابية؟
ــ كما تعلم فإن الشعب الليبي لم يسبق له أن دخل المضمار الديمقراطي، ولا استأنس أدواته الكثيرة المعقدة، فوجدت من المفيد البداية ببعض الدروس الأساسية المعرفة والموضحة للأمانة الانتخابية، الحجر الأساس لصرح أمانة الأمة، واقترحت بعض الشعارات والمقولات التي سأقوم بطبعها وتوزيعها. كما قمت بإنشاء صفحة على الفيسبوك عنوانها" معا من أجل الناخب الرشيد"، والتي عنوانها:
http://www.facebook.com/groups/144005739040293/
حيث تستهدف هذه الصفحة شريحة الناخبين المتواجدين في الفضاء العنكبوتي، والذين أتشرف بدعوتهم إلى زيارة هذه الصفحة والمشاركة الإيجابية في الحملة الوطنية لتأهيل الناخبين لشهادة الكفاءة الانتخابية.
ــ هذا رائع حقا. إنك بهذا تزيد في حماسي من أجل الإطلاع على ما كتبت من شعارات، وأعدك بزيارة صفحة " معا من أجل الناخب الرشيد " على الفيسبوك، والمساهمة في الحملة التي دعوت إليها.
ــ شكرا لك. وهذه هي الشعارات التي أعددتها، بأمل نجاحها في الوصول إلى الأذهان، بعد ملامستها الأعين والآذان:
أخي المواطن الليبي الكريم، ها قد امتلكت صوتك، فاحرص قبل منحه أن تعلم ما يلي:
1 ــ صوتك هو بصمتك وشفرة جينتك، وهو بهذا غير مكرر ولا ينبغي لأحد سواك.
2 ــ صوتك ملحق باسمك، فاحرص على أن تربط اسمك بكلمة أمين وليس كلمة خائن.
3 ــ صوتك هو شطر كيانك المعنوي ومقياس رجولتك ومرآة شخصيتك.
4 ــ من ساومك صوتك فقد ساومك عرضك.
5 ــ سوق بيع الأصوات هو سوق رقيق العصر الحديث.
6 ــ بيعك لصوتك بيع لمستقبل أبنائك الذين تحب.
7 ــ بيعك لصوتك تحقير لدماء الشهداء الذين بذلوا أرواحهم من أجل أن يكون لك صوت لا يقيل البيع.
8 ــ من أعطيته صوتك بحقه بايعته ونلت درجة المبايع.
9 ــ يوم إدلائك بصوتك هو يوم تساويك مع من هم أعلى سلطة وأكثر منك مالا، فاجعل يوم إدلائك لصوتك يوم وجاهتك وغناك.
10 ــ الوطن ملك مشاع للجميع، وصوتك هو وثيقة تملكك لحصتك في وطنك.
11 ــ صوتك درجة من درجات سلم الولاية الكبرى ورئاسة الدولة وبيع صوتك إلغاء لهذه الدرجة وسبب لسقوط صرح الدولة وتهاويه.
12 ــ صوتك إثبات لمواطنتك وتأكيد لها.
13 ــ صوتك دعوة للشهادة، فلا تكن شاهد زور.
14 ــ صوتك هو شرف والشرف لا يباع.
15 ــ منحك صوتك لمن لا يستحق ظلم صارخ لمن يستحق.
16 ــ صوتك منه تنشأ السلطة التي تحكمك فأحسن وضعه يحسن من يحكمك.
17 ــ صوتك صانع القوانين فلا تبعه للمقاولين.
18 ــ إعطاء صوتك لصديقك أو قريبك الذي لا يستحق، توريط له في مهمة لا يستطيعها وتبشير له بالفشل.
19 ــ ندمك عند اكتشاف سوء من يحكمك لا يعوضه أي ثمن مهما علا، ووخز الضمير لا تسكِّنه الدنانير.
20 ــ إذا أمَّرت من لا يستحق، فقد أمَّرت المرتزق.
21 ــ صوتك صيتك، فبأي ثمن تبيع صيتك؟
22ــ من باع صوته باع بلده، ومن باع بلده فلا موطن له.
23 ــ انتخابك من يزيد، انتخاب بنكهة التصعيد.
24 ــ لا تجعلوا يوم الانتخابات يوم مزاد الأصوات.
25 ــ ستلعن على رؤوس الأشهاد، لو عرضت صوتك في مزاد.
........................
...........................
.................................. الخ
ــ هذا حقا رائع، وسيكون نشره بكافة وسائل النشر، من مطويات، وملصقات، وحتى على هيئة فواصل إعلانية في الراديو والتليفزيون، مفيدا جدا.
ــ إن أمر الرئاسة وأمانة الأمة، يستحق هذا وأكثر.
وفقك الله.
محمد الشيباني
Libyanspring.blogspot.com