لن
نتصالح قبل أن نعرف على أي شيء كنا نتناطح!
هل تناطحنا على
حدود أرض؟
هل تفارقنا على
فوارق عرق ولغة ودين؟
هل تقاتلنا على
قسمة نقود؟
هل اختلفنا على
اختلاف وجهات نظر في تنمية البلاد ومستقبل العباد؟
كلا. لم نختصم على
أي من تلك الأشياء، رغم أهميتها!
إذن لماذا تخاصمنا
حتى تقاتلنا وتشتتنا وتفرقنا قددا؟
أبسط إجابة يفهمها
أقل الناس حظا من الذكاء، هي تلك التي تكمن في الإجابة على السؤال التالي:
ما هي أبرز وأعلى
راية تم رفعها في ساحة الحرب الليبية الناعمة التي امتدت اثنين وأربعين عاما، وكذا
في ساحة الحرب الخشنة التي دامت تسعة أشهر، وعندما سقطت هذه الراية بسقوط صاحبها يوم
20.10.2011 وقفت الحرب؟
الجواب بأبسط
أشكال البساطة هو: صورة معمر القذافي!
وبكل ثقة في النفس
أقول: إن هذا الجواب لا يعترض عليه أحد، حتى القذافي نفسه.
ولكن لماذا تطور الخلاف
على صورة القذافي، حتى أدى إلى الحرب؟
لأن ما من شيء يختلف
عليه الناس إلا ويكون قابلا للتفاوض عليه وتغيير مكان المتخاصمين على رقعته.
وبمعنى أبسط يكون هذا الشيء قابلا للتني أو القص في المكان الذي يتفق عليه
المتخاصمون. أما راية الحرب الليبية الليبية، والممثلة في صورة معمر القذافي، والتي تأجج الخلاف عليها حتى أضحى حربا، فإنها لا
تقبل الطي، ولا تقبل القص، ولا تستوعب أنصاف الحلول!
لا أنصاف حلول إذن.
ما هو دليلك؟
الفاتح أبدا.
معمر وبس.
وكثير كثير غير
ذلك.
إن نتيجة هذا
الحوار رغم بساطتها ومنطقيتها، لا زالت غير مقبولة من بعض الليبيين. لماذا؟
لأننا لم نصل بعد
إلى مرحلة الاحتكام إلى المنطق والقبول به. ذلك أن العامل النفسي من أهم عوائق
التيار المنطقي.
الذين ركبوا سفينة
القذافي وركنوا إليه واستفادوا منه، وهم قلة، فقد تفاعلوا نسيجيا معه وصاروا جزءا
منه، ولا يمكن لهؤلاء أن يتخلصوا من جاذبيته إلا بتناقص كتلته وتلاشيها ماديا
ومعنويا، وما يتبع هذا الحدث الجسيم من تغييرات خطيرة على كيانهم المعنوي والمادي،
وليس لهم من مساعد على ذلك سوى الندم والزمن.
أما الكثرة
الكاثرة من المحسوبين على المؤيدين، والذين كانوا في نظر القذافي مجرد صواري تحمل راية الحرب،
صورة القذافي، فكانوا كالإبل العطشى التي تحمل الماء الثقيل نحو مكان تقاد جبرا إليه
ولا تعرفه.
سوف يقبل هؤلاء
بكونهم، في نظر القذافي، إبلا، إذا ما سمعوا ما قاله عوض حمزة، عضو مجلس الانقلاب
العسكري، في شهادته عن القذافي عندما نقل عنه قوله: إن أعضاء مجلس قيادة الثورة لا
يعدون عن كونهم مجموعة من الحمير أقلتني إلى مبنى الإذاعة كي أعلن البيان الأول!
حُقَّ لهذه الكثرة
أن لا تستوعب الحدث، حدث موسم انهيار الطغاة العرب، وذلك إذا ما قارنا ذهول هؤلاء بذهول
العالم كله مما حصل.
الذين يستبعدون
العامل النفسي أدعوهم إلى قراءة هذه الجملة الأخيرة التي أختم بها هذه المقالة:
من أول ما قيل عن
التدخل الدولي في الشأن الليبي، وربما أطرفه، قول أحد الكتاب الفرنسيين معلقا على
قيام سلاح الجو الفرنسي بمهاجمة رتل محو بنغازي: يبدو أن الهرمونات الذكرية لدى
ساركوزي زادت عن معدلها المعروف!
صورة، وعامل نفسي،
وهرمونات. ما هذا الهراء الذي تقول أيها الكويتب الصائم؟
من عنده غير ذلك
فليأت به، ولكن بشرط أن لا يصدع رؤوسنا بنظرية المؤامرة التي أفقدها الربيع العربي
صلاحيتها!
محمد عبد
الله الشيباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق