الآن السطو
المسلح في شوارع العاصمة وفي وضح النهار؛ هل نحتاج لجرس إنذار أقوى؟
في عز ظهيرة
النهار، وفي أحد شوارع العاصمة الزاخرة بالحركة، وعلى مرأى ومسمع الجميع، بل ورغما
عن أنوف الكبار، نساء ورجالا، ورغما عن مشاعر الأطفال العائدين من مدارسهم، تنقض
مجموعة لصوص مسلحة على طريدة؛ وطريدة هؤلاء اللصوص هذه الأيام، كما هو معروف، هي السيارة
الجديدة الثمينة!
وككل حالة من هذه الحالات، وبعد تحديد الهدف والتربص به،
تتجمع حول الضحية أكثر من سيارة لإرغام الطريدة على التوقف، ويبدأ المشهد المرعب
بإشهار السلاح في وجه صاحب السيارة ومطالبته بأوراق السيارة، وإذا ما تلكأ هذا
المواطن المسكين يقوم القراصنة بإخراج ورقة له بزعم أنها أمر قبض أو ما شابه ذلك،
وقبل أن يشرع الضحية في قراءتها تبادره فرقة السطو والقتل بالضرب بأعقاب المسدسات
والبنادق، ثم يوضع في أحد سيارات الفرقة للذهاب به إلى مكان مجهول، ويتولى أحد
أعضاء الفرقة قيادة السيارة موضوع العملية إلى حيث تباع أو تفكك.
تمت عملية السطو
هذه خلال الأسبوع الماضي، وفي الزمان والمكان المذكورين، والذي أستطيع تحديده بدقة لمن يهمه الأمر، وحيث حركة الناس والمرور
في أوجها، وحيث مشهد الجريمة في بؤرة بصر المارين والقاطنين الكثيرين ، ولكن لا
أحد بإمكانه فعل شيء!
جريمة أخرى مشابهة
لهذه الجريمة وقعت أحداثها في الطريق الدائري، وفي وضح النهار أيضا، وككل مرة
يتوحد الهدف، وهو السيارة الجديدة، والتي تقودها هذه المرة فتاة، بل وإحدى الناشطات في
مجال حقوق الإنسان!
قد يقول قائل: إن
ثوارنا الأشاوس الذين يواصلون الليل بالنهار والمتمترسين في ثغورهم ومقرات كتائبهم
المنتشرة في كل زقاق وشارع، ويجوبون الميادين بسياراتهم وأسلحتهم من أجل تحرير
ليبيا ومحاربة "أزلام" النظام السابق، هم من قام بهذه العملية الجريئة
النوعية المتميزة، وكذا عمليات أخرى كثيرة مثلها، وأنه لو لم يقم هؤلاء الفتية
الأشاوس بذلك العمل العظيم فقل على الثورة والبلاد السلام!
كلا، لم يعد أحدا
يصدق هذه الأكذوبة، ذلك أن هذا الرجل الضحية صاحب السيارة الجديدة المغرية لهؤلاء
السفلة لم يكن راكبا دبابة أو سيارة مصفحة أو شاهرا سلاحا. ومهما كان الأمر فإنه بالإمكان
القبض على هذا الرجل في منزله أو مكتبه، وبدونما ضجيج يذكر.
نحن على يقين بأن
من يقوم بهذه الأعمال هم خارجون على القانون، ويمارسون جريمة السطو المسلح والخطف
وربما القتل.
نحن أيضا على يقين
بأن هؤلاء المجرمين لم يكونوا ليرتكبوا جريمة بهذا الحجم وفي وضح النهار وعلى مرأى
ومسمع الجميع إلا لأنهم على صلة ما بأحد تلك الكتائب، بل ربما حملوا شعار تلك
الكتيبة وحرورا أوامر القبض باسمها.
هل يعلم الثوار بكتائبهم
ومجالسهم وأسمائهم الكثيرة الرنانة، بأن هؤلاء المجرمين الذي يقومون بعملية السطو
المسلح في وضح النهار إنما هم يسطون على شرف الثورة وشرف جموع الثوار المنتسبين
لها. وهم بهذا العمل المشين يشوهون سمعة الوطن كله ويحطون من قدره، بل ويضعون
ليبيا وشعبها في دائرة الشبهة. وسوف لن نبرأ من هذه العلة إلا إذا بادر الثوار الحقيقيون
الأمناء على دماء آلاف الشهداء باستئصال هذه الظاهرة الخطيرة جدا؟!
لقد ارتفع صوت جرس
الإنذار إلى درجته المخيفة، وطغى اللون الأحمر على كل الخطوط.
ما دليلك؟
أعرف مواطنا بسيطا
تمكن من خلال سلفة مصرفية الحصول على سيارة جديدة، ولكنه، ولكثرة ما يسمع من قصص
السطو لم يجرؤ المسكين على الخروج بهذه السيارة، بل ويفكر الآن في التخلص منها،
واستبدالها بسيارة قديمة رخيصة حفاظا على سلامته!
إلى من يهمه
الأمر:
الصورة في غاية السوء، وجرس الخطر يدق كما لم يدق من
قبل، وخط الحالة الأمنية في درجته الحمراء القصوى، والليبيون وحكومتهم ومؤتمرهم
الوطني وأحزابهم ونخبهم يحلقون بعيدا عن هذه المشكلة، حيث التنافس على كراسي الحكم
والجدل الأيديولوجي العقيم.
الوضع الأمني في درجته الرديئة جدا، ومقرات الثوار تكتظ
بهم، حتى أن قوائم مرتباتهم قاربت ربع المليون ثائر!
درجة رضاء الناس العاديين غير الكتائبيين في مستوياتها
المرعبة، وقواد الثوار الكتائبيين يمتطون ظهور اللبوات والتندرات وغيرها، وهم في
غاية الإطمئنان والرضا، بل والتباهي والافتخار!
مفردات هذه الصورة المرعبة تشي باحتمال تشكل قطعها
واتخاذها شكلا متطورا من أشكال التسلط والدكتاتورية ربما يفوق تسلط ودكتاتورية
القذافي المسئول الأول عن هذا الوضع السيء الذي نعيش.
إذا كان ظلم القذافي هو العامل الرئيسي في تجمع الثوار وقيامهم
بالثورة عليه؛ فإن هؤلاء الثوار الرافضين للظلم هم المعنيين الآن باستنقاذ الثورة
من سارقيها الذين استمرءوا الظلم ومردوا على النفاق.
إلى من يهمه الأمر!!!!!!!
ولكن من هو الذي يهمه الأمر؟
المؤتمر الوطني
الحكومة
وزارة الداخلية
وزارة الدفاع
كتائب الثوار
الذي يهمه الأمر هو الشعب الليبي كله، والذي حرمه المجرمون من إكمال فرحته بسقوط الطاغية، ليبادر هؤلاء الظلمة بصنع طاغية، بل
طواغيت جدد غيره.
أجل الشعب الليبي ممثلا في قواه الحية وكتلته الصامتة
الكبيرة، المكون الحقيقي لنسيج ثورة 17 فبراير، مدعو إلى إعلان رفضه واستهجانه لهذه
الظاهرة، ومطالبة الحكومة وتجمعات الثوار بإعداد برنامج أمني زمني يستهدف بحلول
17 فبراير القادم القضاء على هذا الخلل الأمني الخطير، والقضاء على هذه الظاهرة المنكرة.
ليقم كل منا ومنذ الآن بتعليق شارة على بيته وعلى هيكل
سيارته وحتى على صدره، يظهر فيها رغبته الملحة في توفر الأمن والأمان، واستعداده
على الانخراط في هذا العمل الوطني والديني النبيل.
التظاهر من أجل توفير الأمن مطلب شرعي يفوق كل المطالب
الضيقة الأخرى مهما علا شأنها.
التظاهر من أجل توفير العدل عمل مقدس يجدر بنا جميعا
فعله.
إذا لم يتم ذلك، لا قدر الله، فتوقعوا الأسوأ !!!!!!!!!!!!
محمد عبد
الله الشيباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق