وول ستريت الهيرة؛ عبث الكبراء ومعاناة الضعفاء
أو مأساة مقر الشركة الليبية للاستثمارات الخارجية
في "الهيرة" انهرتُ وضاعَ رجائي
لمّا رأيتُ حماقةَ الكبراءِ
في أرضِ باديةٍ أقاموا مركزاً
للمالِ منتصباً بقلبِ خلاءِ
خلف الجبالِ الراسياتِ تمترسوا
وكأنهمْ نفروا إلى الهيجاءِ
لم تحوِ "هيرة" مصرفاً أو متجرا
أو مصنعا أو معلما لبناءِ
ليس جواركِ "لافيكو" من صاحب
أو مؤنسٍ غير عواء جِراءِ
يلقون من مرّوا السلام ترحما
وكأنك ثاوٍ من الغرباءِ
فمقركِ المطروح وسْط مفازةٍ
جُرمٌ تسلل من سحيقِ فضاءِ
*****************
في كل يومٍ رحلةٌ محفوفةٌ
بالكربِ والأهوالِ والأرزاءِ
عشراتُ أميالٍ تحتَّمَ قطعها
في صبحنا ومثيلها بمساءِ
وهناكَ تقذفنا مراكبُ شحننا
فنخرُّ مِن رهَقٍ ومن إعياءِ
البومُ يرقبُ حالنا مستهجناً
ويضجُّ مستاءً من الغرباءِ
وتراهُ محتاراً لطولِ مقامنا
بمفازةٍ مقطوعةٍ جرداءِ
******************
مَنْ ذاك يقنعنا بجدوى رحلةٍ
يوميةٍ مُلئتْ صنوفَ عناءِ
وضياع أموالٍ بدون مبرِّرٍ
وبهدر أوقات ونزف دماءِ
لم يبق عذرٌ واحدٌ يضطرنا
للسير عُميا في قطيع الشاء
فالحاكمُ المأفونُ أضحى رمةً
ونظامه الباغي مضى لفناءِ
ما عاد للطغيانِ قائمَ دولةٍ
ما عاد للسفهاءِ أيُّ بقاءِ
****************
لابد من كسر القيود جميعها
وجلاءِ ما للعقل من آراءِ
ما كان أردانا سوى استمرائنا
سفه العقيد سيد السفهاء
لمّا هدمنا للطغاةِ صروحهم
ظهر الذي أخفوه دون مراءِ
لمّا كشفناهم بدتْ عوراتهم
وفظيع ما أخفوه من ضرّاءِ
**************
هل كان تحويل المقر لأجل أنْ
تغدو به غريانُ نبعَ رخاءِ
أو أنَّ تحويلَ المقرِّ أحالها
بيداءُ هيرة جنةً للرائي
كلا فتحويلُ المقرِّ سياسةٌ
أمنية الغايات والأهواءِ
فزعيمنا البالي عدوُّ تحضُّرٍ
ويرى الحواضرَ رحمَ كلِّ بلاءِ
كم عانى سكان الحواضرِ كلهم
من وطأةِ التهميشِ والإقصاءِ
وعدِّ أنفاسٍ لهم وتتبعٍ
وكأنهم بعضٌ من الأعداءِ
***************
مَنْ ذاك يسعفني بأيِّ مبرِّرٍ
لعذابنا في مشرقٍ ومساءِ
أو ذاكَ يُقنعني بعقمِ قرارهم
ببناءِ بيتِ المال في البيداءِ
اليومَ أكتبُ بالحروفِ جميعها
قد زال عصرُ الحجر والإقصاءِ
اليومَ نكشفُ للطبيبِ جراحنا
ما عادَ ينفعنا جحودُ الداءِ
*********
يا أيها المسئول عن مأساتنا
عن ضُرِّنا ومسلسلِ الإشقاءِ
لا تمضِ أكثر في طريقٍ بائسٍ
وتكرِّر الماضي من الأخطاءِ
فيمَ التلكُّؤ في اغتنامِ فضيلةٍ
تلقى بها أجراً وحسنَ ثناءِ
هوِّنْ علينا للطريقِ مشقةً
وانجزْ وعوداً لم تفزْ بوفاءِ
********
محمد عبد الله الشيباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق