السبت، فبراير 23، 2013

مركز طرابلس الطبي


مركز طرابلس الطبي؛ كائناته الحديدية، ومخلوقاته البشرية!

تكلم الدكتور خالد وريث مدير مركز طرابلس الطبي عبر مداخلة هاتفية مع إحدى القنوات التلفزيونية الليبية عن هذا المركز؛ فوصفه بأنه أكبر مركز طبي في شمال أفريقيا بناء، ولكنه ليس كذلك جودة وأداء. وبرر مدير المستشفى ذلك بالمفارقة الصارخة بين تكاليف تسيير هذا المستشفى كما قدرها أطباء أمريكيون متخصصون عاينوا المستشفى، وما هو مخصص فعليا لهذا المستشفى من قبل الحكومة المالكة والمسيرة له.

الرقمان الصادمان هما على الترتيب: 1000000000 دينار و 11000000 دينار!!!

أي 1000000000 / 11000000

وبتعبير حسابي بسيط، فإن الذي يجب أن يصرف على المستشفى أكثر بحوالي مائة مرة من المصروف عليه فعليا، فقط لا غير!

وبتعبير إداري وفني؛ فإن المركز يشتغل بأقل من واحد على مائة من طاقته المثلى!

ويزداد هذا الرقم بشاعة عندما نأخذ في الحسبان تحميل هذا الفيل الكرتوني بأكثر من طاقته من سكان وزوار محليين ومغتربين لعاصمة ليبيا المليونية!

يصبح هذا الرقم مريعا عندما تفقد إدارته، ولأسباب كثيرة خارجة عن إرادتها، القدرة على السيطرة عليه.  

من الصعب استيعاب ما أدلى به الدكتور، كما أنه من الصعب تخيل مرفق صحي على هذا المستوى من القصور وانعدام الثقة فيه وفي كائناته الحديدية والبشرية، يستطيع أن يفلح في إشفاء مريض على الوجه المطلوب؛ ذلك أن مركب الثقة الذي يقدمه الشخص المداوي، أهم بكثير مما في كفيه من بلسم كيماوي.

وإذا ما استطعت التغلب على نواتج الصدمة المنطقية لهذه المعادلة الحسابية المريعة المذكورة، فإنه بكل تأكيد سيموت إحساسك وتتبلد مشاعرك وأنت تعاين مشهدا فظيعا من أفلام الرعب، وهو يقع حقيقة وواقعا في مركز طرابلس الطبي، وذلك عندما يتحول أحد المصاعد العملاقة العاملة بالمركز إلى مقصلة تعبث جنازيرها وكلاليبها بمريض متهالك مربوط إلى سريره الطبي، حيث تقلبه هذه الآلة المجنونة رأسا على عقب، تماما كما تفعل الرافعات الحديدية في السلخانات بالعجول عند تهيئتها للذبح والسلخ، ولينتهي المشهد المفرط في تراجيديته بتحطم عظام جمجمة هذا المريض المسكين، وبتحول الصندوق الحديدي للمصعد من أداة حمل تعين وتسند إلى حفرة تقبر وتلحد!

الأمر في منتهى البساطة، وبلغة الشارع "ما تعدلش"؛ فالمحركات الكهربائية الجبارة لمصاعد مركز طرابلس الطبي تنفلت من حين إلى آخر من عقالها وتعربد كما شاءت في تلك الآبار السحيقة، وتأخذ في فتح أبوابها وغلقها تبعا لإيعازات الهرمونات الكهرو فولاذية التي تسكنها!

ليت الانفلات والعربدة والتمرد يقتصر فقط على جمادات ذلك المرفق من مصاعد وأجهزة رنين مغناطيسي وأجهزة طبية مختلفة؛ إذن لأمكن تدارك ذلك والسيطرة عليه من قبل الكائنات الآدمية الحية، ولكن المصيبة الكبرى تكمن في انفلات وعربدة وتسيب وإهمال الكائنات البشرية نفسها من مسيرين لهذا المرفق وزائرين.

واجه مذيع القناة التلفزيونية المذكورة مدير المركز المذكور بالسؤال البسيط جدا:

لماذا لا تتخذ إدارة المركز الإجراءات الضرورية من أجل تلافي " الغلط والعوج" الذي يعم هذا المرفق؟ ولتسهيل الأمر على الدكتور المسؤول ضرب المذيع مثلا للغلط والعوج بظاهرة التدخين التي تتبعك من مدخل المركز، ودار دار، وكارادوري كارادوري، حتى توصلك إلى غرف العناية المركزة!

رد الدكتور بجواب أبلغ منه السكوت!

قال الدكتور: لا نملك السيطرة على الذي في المركز يدور!

أما أنا فليس لدي ما أقول إلا:

اللهم ألطف بي، ولا تمتني في مركز طرابلس الطبي!

ولكن، وحتى يحين أجلي، لا بأس من المساهمة في تصور حل ما لهذه المشكلة المعضلة.

ببساطة أقترح مناقشة فكرة الشريك المالي الفني للمشاركة في تسيير مثل هذه المرافق.


محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: