السبت، مارس 30، 2013

افتتان بفاتنات



افتتان بفاتنات، أم استباحة شوارع وطرقات؟!

يخطئ من يظن أن ما حدث في مدينة بنغازي، عاصمة الثقافة، ومهد الثورة، و"رباية الدايح"، وملاذ وحضن التائهين والحائرين،  .......... الخ، وذلك في قارعة نهار ووهج شمس يوم الخميس الأسود 28 ــ 3 ــ 2013، هو مجرد جرعة تستستيرون زائدة، قد حركتها فاتنة مائدة!

كلا، ذلك أن هناك ألف طريقة وطريقة لتصريف الجرعة الزائدة لذلك الهرمون المعربد المثير. وحتى بافتراض انعدام وسائل وصمامات التنفيس لأولئك الشباب، وأن  شبقهم المرضي قد بلغ أقصىاه، فإن المثبطات المحيطة بهذه الثيران  الآدمية، " حاشى الثيران"، وهي ترتكب هذه الجريمة، جريمة اغتصاب فتيات يمارسن عملا خيريا، وأمام عين أبيهن، لهي أكثر من كافية لردعهم بل وإطفاء كل شهوة لديهم.

أليس كذلك؟!

بلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى

إذن ما هي مشكلة أبطال يوم الخميس الأسود؟!

ولكن مهلا، فقبل أن نجيب على هذا السؤال البسيط علينا أن نطرح السؤال الأخطر، وهو: هل هذه المشكلة هي مشكلة بضعة شباب فاسدين، أم هي مشكلتنا جميعا نحن الستة ملايين ليبي وليبية؟

حقا إنها مشكلة الملايين من الليبيين المساكين الذين يجبرون هذه الأيام على السير في شوارعهم وهم ملتصقين بالجدران، ورؤوسهم منكسة، ومشيتهم متعثرة، وأعينهم لا تجاوز محط أقدامهم، وكأنهم في حقل ألغام!

أجل، فسفهاؤنا، ويا ويلنا من سفهائنا الذين غالبيتهم من الشباب، قد استباحوا الطرقات، وعربدوا في أرجائها؛ وبعضهم، وياللأسف، يعلقون زورا شارة الثورة، ويحملون ما سرقوه من سلاح غنائم حالة الفورة، وتحضنهم كتيبة يأوون إليها ويبطشون باسمها ويتحصنون بحصنها.

إن ما صرخ به ترمومتر شوارعنا يوم الخميس الأسود، حتى فار ما به من زئبق، لم يحدث فجأة، ولم يأت من فراغ، وإنما جاء متدرجا متراكما وعلى سمع وبصر الجميع.

إن الشباب الذين فضحونا أمام العالم، اختاروا من فريستهم، ومن طبيعة وموقع وزمن فعلتهم، وما تنضح به سحنتهم وهيئتهم الثورية والرسمية، ما يفقدنا أي مبرر نطرحه لتبرئة ساحتنا قبل ساحتهم.

إن هؤلاء المجرمين طعنونا بخنجرين؛ خنجر بيمينهم ورثوه عن بابا معمر الذي استباح كل القيم، وأطلق للسفهاء العنان، فعربدوا وأفسدوا وزرعوا كل رذيلة، ومكنوا لعدواها من الانتشار، فعم سقمها، وكان من ضحاياها هؤلاء الشباب المرضى، وكثير غيرهم ممن يملئون الشوارع وتبدو عليهم أعراض هذا المرض واضحة، تلك الأعراض التي يبدأ فصلها الأول في الزقاق القريب المحاذي لبيتنا في صورة معاكسة وقحة بذيئة من مراهقين صغار لا نأبه لهم، ثم يتدرج هذا المرض ويكبر بتدرج وكبر مقترفيه، حتى يبلغ ما بلغه مع نزيلة محتضرة بمستشفى، أو مع متطوعات أجنبيات قدم لهم شبابنا الأشاوس طبقا من قهر وذل واغتصاب، بدل أن يغمروهم بالورود ويحيطوهم بأزكى عبارات التحية والتمجيد مقابل عملهم الإنساني النبيل!


أما الخنجر الثاني فحازه هؤلاء الشباب ابتزازا، بعد أن استغلوا الفرصة وأوهمونا بأنهم ثوار، وأنهم للعدل والفضيلة جند وأنصار.

وبعد؛ فهل ما أقدم عليه هؤلاء الشباب مجرد افتتان بفاتنات، أم هو في حقيقته استباحة صريحة للشوارع والطرقات؟

لو حمل هؤلاء الشبقون ذينك الخنجرين المذكورين، وارتكبوا جريمتهم في خلوة وبعيدا عن شوارعنا وطرقاتنا، لقبلنا عذرهم، ولأحلنا إلى هرمون التستتيرون أمرهم، ولكنهم فقأوا عيوننا بفعلتهم المنكرة فقأً، ومزقوا سترنا وفضحونا غربا وشرقا، ولن يرد لنا اعتبارنا مجرد امتلاء قلوبنا عليهم غضبا وحنقا!

ما العمل إذن؟

العمل بسيط في فكرته، ولكنه ليس كذلك في تطبيقه وممارسته!

ليس أمامنا من حل سوى لجم تلك الوحوش ونزع  الخنجرين المسمومين المشئومين عنوة منهم.

أما خنجر إرث بابا معمر فجرحه عميق، ولا يمكن إزالته والبرء منه إلا بكورس طويل الأمد من أدوية مضادات توابع والتصاقات سرطان الاستبداد، والتي في مجملها أدوية ناعمة ذات استجابة طويلة الأمد لا يمكن أن تؤدي مفعولها إلا إذا تناولها المريض بقناعته بعدما يفيقه الطبيب المعالج من سكرته وينتشله من غيبوبته، ويزيل لديه كل شك في أنه ضحية القائد الفاسد البائد!

والخنجر الثاني فعمره قصير، وكل شهوده والغاضين الطرف عن سرقته حاضرون، وما عليهم لنفض غبار ما لوث جباههم من غبار جريمة أصحابهم، سوى  التبرؤ منهم جهارا نهارا، وذلك إنقاذا لسمعتهم، وردا لاعتبارهم.  

أخشى، وكعادة الكثيرين منا في تسطحيهم للأفكار، واستخفافهم للأحداث الجسام، أن يقذف أحد الحذاق بالجملة المعتادة: لا تهولوا الأمور، إنه مجرد طيش شباب! ويضيف هي مجرد حالة عابرة وانقضت!

كلا يا سيدي الحاذق!

إن الذي خطف واغتصب عضوات القافلة الخيرية العالمية أمام أبيهن، هو ذلك الشاب الهمام الحائز على الميدالية الذهبية في المباراة اليومية الدائمة في صنوف العربدة والمعاكسة والمضايقة التي يسومنا إياها يوميا ذلك الصنف من الشباب المعربد المحتل لطرقاتنا وشوارعنا وأسواقنا وشواطئنا!

لا تصبح هذه الحالة نادرة ومنعزلة إلا عندما نقوم بتجفيف مواردها وروافدها الموجودة في أزقتنا، والتي أبطالها أبناؤنا الذين يعز علينا أن نكسر خاطرهم ونردعهم عن ممارسة هوايتهم التي تبدأ مراحلها الأولى بمجرد مضايقة فتاة مارة بقذائف من كلمات، ولكنها تكبر وتتراكم وتنتهي إلى حيث انتهت إليه في منطقة سيدي فرج لتصبح اغتصابا بقوة السلاح!

شرطة الآداب، أو الشرطة الاجتماعية، وروافدها من لجان الحي الاجتماعية، يفعلون الكثير إذا صدقت النوايا، وحسن الأسلوب.


لا أخفيكم سرا إذا قلت لكم إنني حرمت على نفسي مصاحبة من يهمني أمرها، وذلك لأنني عجزت عن تجرع كؤوس الذل والمهانة التي يقذفني بها جيش سفهاء الشارع بأعينهم وألسنتهم وحتى بأيديهم!

لقد مشيت في الكثير من شوارع بلاد الله، ورأيت إناثهم هناك وذكورهم بما يحملون من مخزون تستيتيرون، ولكنني أبدا لم أر للتستيتيرون الليبي الخسيس مثيلا !!!!!

نسأل الله الستر والعفو والعافية.

محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: