السبت، أبريل 27، 2013

مستحضرات ترطيب السحنة



مستحضرات ترطيب السحنة وتفريغ الشحنة!

احتلت إعلانات مستحضرات ترطيب البشرة وتنعيمها مكانا بارزا في وعينا، وذلك بعدما تربعت هذه الإعلانات في كل مكان؛ بدءا من إعلانات التلفزيون الباهظة الثمن، مرورا بالإعلانات الجدارية، وانتهاء بوجود تلك الإعلانات على المغلفات المختلفة.

مبرر الصرف الباهظ على الإعلانات، هو ما تخلفه طَرقات هذه الإعلانات المتكررة من أثر نفسي وذهني لدى جمهور المستهدفين بها.

ليس شرطا أن كل من طالع إعلان ترويج مستحضر ترطيب البشرة يكون مستهلكا لهذا المستحضر مهتما به، ولكنه من المحتم أنه كلما طالع أحد هذا الإعلان، بادر بتحسس يديه، ونظر في كفيه، وأقام رابطا ما بين ما يعانيه من خشونة مؤذية، وما يتيحه مستحضر الترطيب المعلن عنه من نعومة مغرية!

ومع تقدم الزمن، واستمرار انتصاب تلك الإعلانات في كل مكان، وزيادة رواج هذه السلعة بزيادة عدد المستهلكين لها، سيقل تبعا لذلك عدد أولئك المعانين من الخشونة البدنية بجميع أنواعها، أو على الأقل تشبع أفكارهم وأحاسيسهم بها.

أردت من هذا المدخل البسيط لأعقد مشكلة يعاني منها الشعب الليبي، ألا وهي مشكلة خشونة السحنة واضطرام الشحنة، الربط بين الإعلان الإرشادي عن مشكلة ما، وشعور وتفهم الشخص محل هذه المشكلة لمشكلته التي يخصها الإعلان.
هل يعلم جل الليبيين بأنهم يعانون من مرض خشونة السحنة واضطرام الشحنة؟

غالب الظن لا!

هل هناك مستحضر ما يرطب السحنة ويفرغ الشحنة أصلا؟

أيضا غالب الظن لا!

المستحضر الوحيد لعلاج مرض خشونة السحنة هو نجاحنا في إعلام الشخص المصاب بعلته، وإقناعه بالعمل على التخلص منها.

لا سبيل لذلك إلا بالقيام بحملة إعلامية إرشادية ذكية منظمة يتولاها أهل العلم والدراية من أطباء نفسانيين وإخصائيين اجتماعيين وفني إعلام وإعلان وغيرهم.

لا تقف هذه الحملة عند مجرد التعريف بهذا المرض والإسراف في عرض البيانات والإحصائيات وغيرها، ولكن يتحتم عليها مد نطاق عملها إلى المناهج التعليمية بدءا من مراحل التعليم الأولى التي يجب أن يتم النظر في كل القائمين عليها من مدرسين وغيرهم وذلك لضمان تجاوب سحنتهم التي يظهرون بها أمام النشء مع ما يلقنونهم إياه من دروس تربوية ونفسية منعمة للسحنة، وذلك للحؤول دون انتقال جين الخشونة والرعونة من أسلافهم واستقراره في نفوسهم ومداركهم المحدودة الغضة.

رب قائل يقول نحن لسنا في حاجة إلى إرشاد بهذا الخصوص وتراثنا الديني والثقافي العام مشبع برسائل وأوامر الحث على الرفق: "الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما انتزع من شيء إلا شانه"، وكثير كثير غير ذلك!

ظني أن هذه الرسائل الدينية لم تصل إلى المستهدفين بها، بل ولم يعلموا أنها تعنيهم أصلا، وإلا لشاع الرفق بيننا، ولما بدأنا على هذا الوضع المخجل الذي يعاني منه حتى أولئك الذين يبالغ الكثير منهم في الظهور بمظهر المتدين، وهم في غاية الخشونة والغلظة والجلافة!

أين الخلل إذن؟

الخلل، وفق وجهة نظري، وفيما يتعلق بالحالة الليبية بالخصوص، يكمن في المحيط الليبي ككل والذي تعرض خلال عمره إلى ضربات قوية منعت مكوناته من الانتظام والانسجام وبكيفية تمكن من تنفيذ كورس علاج نفسي أو اجتماعي شامل كهذا الذي بين أيدينا.

يشترط الأطباء في الحالات المرضية المعقدة ضرورة وضع المريض في البيئة الطبية المتكاملة لتناول أدوية علاج مرضه، وهي أدوية قد تشفي المريض وهو في بيته، إلا أن تواجد المريض في البيئة المثالية للعلاج يؤمن فرصا أكبر للشفاء.

أجل فرصة شفائنا من عللنا النفسية وفي مقدمتها خشونة السحنة تكون أكبر عندما نضع تحت اللافتة المنتصبة في الرصيف والمكتوب عليها عبارة: "الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما خلا من شيء إلا شانه" حاملات زهور تمتد على مدى الطريق المثقل بإعلانات مزيلات الخشونة والعنف القولي والفعلي، وكذلك كبح أبواق السيارات ومنعها من تلويث البيئة السمعية بأصواتها النشاز، ومنع العابثين بالتواجد في طريق الناس ومعاكستهم، وكثير غير هذا من صور الرعونة والخشونة والعنف.

إذن بات من المحتم علينا ونحن نفكر في حل مشكلة خشونة سحنتنا البحث عن البيئة المثالية لتنفيذ خطة العلاج هذه.

أنصح، ونحن بصدد تنفيذ مشاريع التنمية الحضرية، القيام بإتباع نهج إنشاء المدينة السكنية الكاملة، والتي تشتمل بالإضافة إلى المساكن كافة متطلبات البنية التحتية لهذا المجمع الحضري الحديث، والذي سيكون البيئة المناسبة لتنفيذ خطة العلاج النفسي والسلوكي المذكورة.

ستقوم هذه المدن عند اكتمالها، بالإضافة إلى دورها الأصلي في إيواء سكانها، بدور المرشد والموجه لمن يأتيها زائرا، وستنتشر عدوى النظام والانسجام والرفق من هذه المدينة إلى كل المناطق حولها.

وحتى يتم ذلك لابد لنا أن نعلم أننا نحن الليبيين ذوو سحنة خشنة يجب تنعيمها، وذوو شحنة مضطرمة يجب تفريغها!

محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: