أزمة الوقود أورام
ظاهرة لجروح غائرة!
بعد جرح الكهرباء
الذي ينخر جسم العاصمة بلا توقف طوال الشهور والفصول، ها هو جرح آخر من كثير
الجروح الغائرة المتخللة جسم الدولة الليبية في مرحلتها الانتقالية الراهنة، وهو
جرح انفجر مؤخرا وكشف عن فظيع ما في باطنه من صديد، وما تكدس فيه من أورام.
الدمامل الخارجية
الظاهرة لجرح سوء إدارة تخزين الوقود وتوزيعه انفجرت أخيرا وعربد لهيبها حتى غطى
العاصمة وما جاورها من مدن، وكتب بأحرف حمراء صارخة ما قرأناه جميعا وعلى مدى أيام
طويلة من إشارات مرعبة تشي بعجزنا حتى درجة الشلل في إدارة نشاط بسيط بساطة توزيع
وتسويق مادة تكتظ بها مخازننا إلا أننا نقترف عجزا مخزيا عن مجرد مناولتها
وتصريفها.
مسئولية الحكومة
إزاء مشكلة كهذه لا أراها تتعدى حد مسئوليتها عن تعيين ومراقبة المدير الذي أوكلت
إليه إدارة تخزين وتسويق هذه المادة الاستراتيجية.
هذا المدير، وبدل
أن يتحمل مسؤولية ما حدث، رأيناه يخرج علينا أكثر من مرة مخليا مسؤوليته عن كل ما
جرى، وليقذف بهذه المسؤولية بعيدا عنه، ونحو شركات أخرى صغيرة هجين من القطاع
العام والخاص كشركة الراحلة والشرارة وغيرها، وهي شركات خرجت من عباءة شركة
البريقة لتسويق النفط، وربما تملكها وتشرف عليها شركة البريقة نفسها. إلا أن هذه
الشركات قامت بدورها بقذف المسؤولية تجاه أصحاب محطات الوقود الغلابة، والذين
بدورهم قذفوا بالكرة نحو آخرين؛ منهم ما هو كبير كشركة الكهرباء، ومنهم ما هو صغير،
أو هكذا يبدون، من صانعي الأزمات وتجارها، الأنيق منهم والصفيق، وهم كثيرون هذه
الأيام!
أزمة أو جريمة
اختفاء الوقود الأخيرة هي واحدة من مجموعة الجرائم الكثيرة التي تقع الآن على طول
البلاد وعرضها، والتي تبدأ من التصفيات الجسدية اليومية الممنهجة، وربما لن تنتهي
بجريمة سوء إدارة تأمين الوقود وحسن توزيعه التي طالت كل سكان العاصمة وما حولها، وكل هذه الجرائم أو معظمها يسجل ضد مجهول، أو في أحسن الأحوال يتوزع دمه بين
القبائل!
ستنتهي الأزمة
الحالية لوقود العاصمة بعد أن تحدث الشرخ النفسي الغائر وتجر الكثير من الخسائر في
الأموال وربما الأنفس، وسيعود كل شيء إلى سابق عهده السيء؛ فلا تحديد لأسباب ، ولا
تحميل لمسؤوليات، ولا تجديد لأساليب إدارة عقيمة.
إذا حدث ذلك
فسأدين الحكومة ليس على تسببها فيما حدث فحسب، بسبب تسيبها في اختيار ومراقبة
المدراء، ولكن على سكوتها على ما تسبب فيه المدراء وسوء إدارة المدراء .
محمد
عبد الله الشيباني
aa10zz100@yahoo.com
Libyanspring.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق