Over load!
مؤشر تجاوز
أحمال الكتائب المحسوبة على قبيلة أو منطقة ما مداه، يرسل بتحذيراته الحمراء منذ مدة
ليست بالقصيرة، منذرا هذه الكتائب بضرورة التحلل من أثقالها، ووضعها في مكانها
الشرعي والصحيح، وهو كاهل الحكومة المركزية، أم جميع الكائنات القبلية والحزبية
والمناطقية.
ومهما كان هدف
ومسعى هذه الكتائب القبلية والمناطقية نبيلا، وهي تقوم، وبجرأة بالغة، بأعمال
الدولة، ومهما كان عظم المنجز الذي حققته، إلا أن طغيان رائحة القبيلة أو المنطقة أو
المذهب السياسي والأيديولوجي عليها، ها هو يجهض كل مساعي هذه الكتائب، ويفسد صالح
أعمالها، والتي وإن كانت مشروعة ولا غبار عليها في غايتها، إلا أنها غير شرعية في
طريقة إجرائها؛ حيث سوء الإجراء يفسد الإجراء برمته.
فالعمليات الأمنية
التي تستهدف متهمين في مناطق أخرى، والتي هي من صميم عمل أجهزة حكومية مركزية
خالية من أية رائحة قبلية أو حزبية أو مناطقية، ها هي تشعل شرارة النعرات القبلية
المتحفزة للاشتعال أصلا، وتحدث سلسلة من الفعل ورد الفعل بين القبائل والمناطق، بل
وتحول ذلك إلى تارات، وخطف وقتل على الهوية.
النتائج غير المجدية
على الإطلاق التي أدى إليها التواجد غير الشرعي لكائنات بديلة عن كائنات الدولة، وتحميلها
بأعباء ومسؤوليات ليس من اختصاصها، ها هو
يخلق أجساما في نسيج الدولة هي أشبه بالخلايا السرطانية في النسيج الحي، والتي وإن
بدت نشطة وفاعلة، إلا أن ذلك يوصف بأنه نشاط وفعل مجنون، وذلك لا لشيء إلا لأنه
غير خاضع للإيقاع المركزي لكامل الجسم، وخارج عن سلطانه.
إن النتائج
السلبية المتراكمة والمتعاظمة لما تعتقد هذه الكتائب أنه إيجابي يتطور ويتطور،
وبدأ يقذف بأبشع أشكاله، وهو تكوين مدار موازي لمدار الدولة، بدأت تتشكل في نطاقه
أجسام يؤشر حجمها الكبير إلى انقلاب وتحول جسيم في خارطة الأثقال ومعادلة
جاذبيتها.
أبرز مثال على
نشوء هذا المدار المخيف، هو إقدام كتيبة ذات ملامح قبلية وجهوية وأيديولوجية على
السيطرة على مورد قوت مواطني الدولة كلها، وهو بحق أظهر وأخطر هذه التشكلات في
خارطة القوة الموازية لقوة الدولة. كما أن استمرار احتفاظ الكتائب القبلية
والجهوية بشهادة ميلادها الأولى المكتوبة في زمن غيبوبة الدولة، وجعل هذه الشهادة
جزءا لا يتجزأ من عقد تأسيس الدولة وضابطا أساسيا في تكوينها، لهو مما يؤكد على
النظرة التشاؤمية المعروفة في أن كل ما حدث في ليبيا إن هو إلا فورة غير مضبوطة،
وغير مأمونة النتائج والتبعات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق