شهيد، وشاهد، وراوي !
الشهيد المهدي لياس أحد أبناء طبرق ليبيا، أعدمته فرق الشنق الثوري السبتمبري، وبطقوس معدة ليس فقط لكسر رقبة جسم ضعيف أوهنته سياط السجانين الشاذين نفسيا، وإنما لجعل هذه الطقوس تشبع نهم الدكتاتور الشاذ الذي لا ينشيه مجرد مشهد قتل إنسان وإزهاق روحه وكفى، وإنما ينتشي بمضاعفة جرعة الموت تلك، والتي لا يمكن مضاعفتها إلا بمضاعفة أعداد المشاهدين من أقارب وأصدقاء القتيل لهذه التراجيديا المخزية ، وحيث يجلب هؤلاء قسرا لمشاهدة قتل من يحبون.
وفي مهرجان القتل ذلك، يتبارى القتلة ويتنافسون أيهم الأقدر على إيصال نشوة قائدهم إلى الذروة وهم يستلون روح الضحية المسكين الذي لا يسمحون له بالموت حتى يفرغون في سكرات موته كل ما لديهم ولدى قائدهم من نزعات انتقام وتشفي!
الراوي هو سعد المنصوري، ابن طبرق، والذي كان ضمن الصبيان المدعوين لعرس القتل، حيث لم تتسع ذاكرته الصغيرة آنذاك إلا بما تسمح به قامته المحشورة بين قامات من يكبرونه من الحاضرين؛ جلادين، ومدعوين.
الشاهد الأكثر قربا من خشبة السلخانة الجماهيرية، كان أحد أقارب الراوي، والذي سمحت له قامته وذاكرته الأكبر من قامة وذاكرة الراوي بتوثيق إحدى حلقات مسلسل العنف الجماهيري، والذي يرجع إليه كل الفضل في ظهور وتطور أجيال متتابعة من العنف الليبي، ربما أحدثها هو ما نراه الآن من عنف غير مبرر يمارسه ورثة العنف الجماهيري !
المشهد الأكثر غرابة، هو ما تؤكده إفادة الشاهد، بأن أفرادا من فرقة قتل الشهيد المهدي لياس لا زالت ترتع وتمرح، بل وتنصب نفسها الآن، بما تدعيه من ولاء لثورة فبراير، ولية دم الشهيد المهدي لياس، ودماء أخرى كثيرة غيره، لا زال لونها ورائحتها عالقين بأيدي ووجوه هذه الزمرة القذرة التي، وكما اغتالت يوما شهداء الوطن، ها هي الآن تطور لعبتها الخبيثة لتغتال الوطن بأكمله!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق