في ليلة التربص بالضحية؛ أنا وضحيتي، وهو وضحيته !
مهما كانت مبررات ذيح خروف العيد عند شروق شمس عيد الأضحى غدا؛ إلا أنه لدي بخصوص ذلك إحساس سلبي لا أستطيع دفعه، وهو أنني طرف فيما سيحل بالخروف من موت أليم، يمر خلاله الخروف المسكين بسكرات الموت كلها؛ بدءا من صدمته الأولى والسكين يقطع أنسجة رقبته وقنوات حياته، ومرورا بمحاولته اليائسة في دفع جلمود الموت الثقيل بيديه ورجليه وكل أعضاء جسمه المطعون في مقتل، ومحاولة نهوضه برأس نصف مقطوع، وانتهاء باستسلامه لمصيره ومصير كل حي؛ الموت!
ذلك هو حالي مع ذبح خروف عيدي وأضحيتي، والتي لولا أنها شعيرة دينية، ما أقدمت ولا فكرت في أمر كهذا مهما بلغ بي حب أكل اللحم، واشتد قرمي نحوه !
وأنا أجلس متابعا بمرارة العد التنازلي لدقات قلب خروفي الغافل ، لابد أن هناك إنسانا مسعورا يجلس في مكان مظلم، وقد ألقم يندقيته بما يكفي من رصاص وسكاكين ساخنة حادة جدا، ولاستعمال كل ذلك في تمزيق جسد أحد أبناء وطنه ودينه، وربما جاره وابن حومته وشارعه، بل وقد يكون هذا الضحية الغافل المسكين زميل دراسة أو عمل لذلك المجرم الذي لا يعرف حرمة لدم بريء !
أجل إن ذلك الكائن الشيطاني أراه مثلي جالسا يتابع العد التنازلي لدقات قلب إنسان نائم بين عائلته، وقد قرر ذلك المجرم أن تكون هذه الليلة هي الليلة الأخيرة له، وأن ينزعه من فراشه وبيته وأهله نزعا، ويقذف به بعيدا عن أمه وزوجته وأبنائه بعد الموت عن الحياة!
هل أنا ضعيف القلب إلى هذا الحد حتى أمضي ليلة العيد أعد ما تبقى من دقات قلب خروف العيد؟!
وإذا كان قلبي بسبب ذبح خروف يفعل بي ذلك كله ؛ فأي قلب يملكه ذلك الكائن الشيطاني الذي يجلس مثلي وقد أكمل اللمسات الأخيرة لارتكاب أكبر جريمة، قتل إنسان غافل غيلة وبدون وجه حق؟!
لا أتعجب كثيرا من حيرتنا عدم معرفة من يرتكب هذه جرائم القتل البشعة، رغم أنها تستحق العجب، ولكنني أكاد أنسحق تعجبا وحيرة من تهويننا لهذه الجريمة، حيث تتم أحيانا جريمة كهذه على مرأى ومسمع الكثير، ولا يحرك هذا الكثير ساكنا، بل يعود لمواصلة ماقطعه تيار الرصاص والدم !
إن الكثيرين ممن تحوم حولهم شبهة اقتراف جرائم القتل، والذين ليس من الصعب تحديدهم، لا يلاقون من المجتمع حولهم ما يشعرهم بأنهم محل امتعاظ وتوجس وريبة، بل على العكس ، فهم يلاقون من المجتمع المهابة والخوف وربما الاحترام!
وذلك حقا هو العجب العجاب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق