السبت، يوليو 23، 2011

إلى معمر القذافي: أما وقد ذكرت يوم القيامة!




أنا المواطن الليبي الجنسية، المسلم الديانة، ذو صحيفة جنائية بيضاء، ليس لي أي عداوة مع أحد، وليس لي أو علي أي دين أو ثأر مع أي كان.
لا أخاف إلا من الذي لا يذكر ولا يخاف يوم الحساب.
قضيت جل عمري أخافك، وأخاف من الذين جعلتني أخافهم من أعضاء أجهزتك الأمنية والثورية ومحبيك ومريديك والمتعصبين لك والمدعين قرابتك والراكنين إليك المتكلمين بما تتكلم به، المقلدين لك في كل شيء المعتزين بإثمك وإثمهم، المركضين الناس بعصاك.
كنت أخافك وأخافهم لا لشيء إلا لأنك وإياهم دأبتم مدى العقود الطوال، تحاسبون ولا تحاسبون، وتعاقبون ولا تعاقبون، ولا يوم القيامة، ولو همسا، تذكرون.  
أما وقد ذكرت يوم القيامة، فقد أشعرتني بأنك على استعداد أن تحاسب، وكذا كل من عمل معك ولأجلك.
إنك وبمجرد ذكرك ليوم القيامة وقبولك الجلوس للحساب، ألقيت إلينا بكتيب الشفرة السرية لكل كلمة ذكرت وكل فعل فعلت، أسررت بذلك أو أعلنت.
أستطيع الآن أن أتحدث معك، وبمقدوري تفسير وفهم تلك القوائم الطويلة من طلاسم الكلمات التي أمطرتنا بها السنين الطوال، فقبلناها وفهمناها كما أردت، لا كما نعرفها ويعرفها الناس لغة ومصطلحا.
وبرغم أن كلماتك جبال وقيزان رمال، وأفعالك كثيرات ممتدات ثقال، وأيام حكمك سود طوال، وحسابك يشق على آلاف الرجال، فإن لحسابك نكهة تفوق الخيال. كيف لا وأنت عميد من تبقى من طغاة الزمان.

 ولأنك من ذوي السوابق الكثيرات المتراكمات، فلا مناص من اللجوء إلى العينات. وبذا سوف سنقتصر في هذه الجلسة على أول كلمة لنا وجهت،  وبها صلت وجلت، وأغريت وأرهبت، وبشريعتها حكمت، ألا وهي كلمة ثورة. كما أننا سوف نقتصر على اليوم الأول فقط من أيامك الخمسة عشر ألفا أو يزيدون.
كتيب الشفرة الذي ألقيته إلينا يؤكد لنا أن كلمة ثورة كلمة عربية، وأن معناها متوفر في القواميس، لغة، واصطلاحا، والتي تعني ضمن ما تعني ما يلي:
ــ تغيير النظام السائد لفساده، وإقامة نظام صالح بدلا منه.
ــ لا تعني استبدال اسم نظام باسم نظام آخر، جمهوري مثلا، بل تعني إقامة نظام ديمقراطي، ولو كان ملكيا.
ــ لا تعني الثورة شطب النظام السابق وتشويه سمعته دون منحه حق الدفاع عن نفسه، ومحاكمة أعضائه محاكمة عادلة.
ــ حالة ومدة الثورة مؤقتة كما هو معلوم وهو محدد بنجاحها.
ــ نجحت الثورة الليبية في يوم قيامها بتنازل ممثل النظام السابق عن الحكم في ظهيرة ذلك اليوم. وكان عليك في مساء ذلك اليوم العودة لسابق عملك ملازما بالجيش الليبي، وكذا من شاركك هذا العمل، وتترك للشعب اختيار من يحكمه، ولكنك لم تفعل.
ــ لا تعطيك الثورة حق الكسب المعنوي بإظهار اسمك والترويج للعمل الذي فعلت، بتسيير المسيرات وإلقاء الخطب، وحتى تمثيل البلاد، ذلك أنك مجرد رجل إطفاء حريق، يؤدي عمله ويعود إلى مكتبه.
وإذا أضفنا إلى هذا كله خروجك بطريقة عنيفة على ولي الأمر الذي أقسمت بالله على طاعته وحمايته وعدم خيانته. كما قمت بالتشهير به وتأليب الرأي العام عليه وعدم منحه الفرصة في الدفاع عن نفسه، ثم أتبعت ذلك بتنصيب نفسك حاكما دون تحديد فترة زمنية لذلك، ووقعت مراسيم وأصدرت أوامر خطيرة، ولمّا تغرب شمس اليوم الأول لثورتك.
ــ  ألم تفعل كل ذلك؟
ــ  بلى فعلت.
كل الذي ذكرنا يتعلق بالكلمة الأولى، واليوم الأول من أيامك فقط. وإذا أردنا الخلوص إلى نتيجة سهلة سريعة، وجردة حساب هي بالتأكيد لصالحك، نقوم بضرب مخالفات اليوم الأول في عدد أيام بقائك عل هذا الحال، حاكما دون تخويل من أحد، فستتضاعف هذه التهم والجرائم خمسة عشر ألف مرة فقط لا غير.
ــ هل تقبل ذلك؟
ــ أمممم..............
أعلم أنك لن تقبل، وتريدني أن أعد كلماتك كلمة كلمة، وأحصي أيامك يوما يوما، وهو ما لا يتأتى إلا يوم القيامة، كما تعلم. غير أن العينات تحل ما أشكل من معضلات، فاستمع لما هو آت، وما ارتكبته في أيامك الخاليات:
ــ يوم إعلان السلطة الشعبية وتعطيل القوانين وتكميم الأفواه وسجن أصحاب الرأي المخالف.
ــ يوم إعلان الجماهيرية التي وحتى هذه الساعة لا يفهمها أحد سواك.
ــ يوم إصدار الفصل الأول من الكتاب الأخضر وفرضه بقوة الثورة.
ــ يوم إصدار الفصل الثاني من الكتاب الأخضر، وتنفيذه بشريعة الثورة.
ــ يوم إصدار الفصل الثالث من الكتاب الأخضر، وتمريره ببروبوغاندا الثورة.
ــ يوم سبعة أبريل الأول عام ستة وسبعين، وأيام ذكراه التالية الثلاثون أو يزيدون.
ــ يوم توريط الليبيين في قتال المصريين.
ــ يوم اغتصاب أموال الناس ومصانعهم ومحالهم، فيما يعرف بثورة المنتجين سيئة الصيت.
ــ يوم الزج بالمواطنين الغافلين في حرب أوغندا وإلقائهم طعاما للتماسيح.
ــ الأيام العديدة التي قامت فيها عصاباتك ولجان الموت بتنفيذ حكمك بإعدام بمواطنين لبوا نداء ربهم بالهجرة درءا لشرِّك، وهروبا من جحيمك.
ــ يوم سحب العملة، مخزن ثروة الناس، بالكامل وإفقار الناس في ليلة واحدة، وجعلهم يتسولون.
ــ يوم فضحنا على أعين الناس وقيام إحدى لجان قتلك الغبية بقتل الشرطية البريطانية، لينتصب في ذلك المكان، جيمس سكويير بوسط لندن، وإلى يوم القيامة، تذكار عار ولعنة على بلد اسمها ليبيا قتل حاكمها، ومن على بعد آلاف الأميال، شرطية أنثى.
ــ أيام إعدامك لمعارضيك شنقا وعلى الملأ.
ــ يوم التدخل العسكري في تشاد، وما فرخ من سنوات سود عجاف.
ــ يوم تورطك في لوكربي.
ــ يوم تورطك في الطائرة الفرنسية.
ــ يوم تعريضنا للقصف الأمريكي.
ــ يوم تجريمك بلوكربي، وإجبارنا على دفع ثمن أخطائك وجرائمك، وما نتج عن ذلك من أعوام حصار مشئومة، ودفع لدية قتلاك من قوتنا ودوائنا.
ــ ضحى ذلك اليوم المشهود، وذبحك المئات وهم قعود، فإذا غياهب المجهول لهم قبور ولحود، وأرض وسماء بو سليم عليك شهود.
ــ ................
ــ  ...............
ــ ...............الخ

أما يوم السابع عشر من فبراير، فلا أستطيع أن أضمنه قائمة أيامك السابقة، لا لشيء إلا لأنه كان يوم قيامتك وحسابك.

فأي قيامة، يا هذا، تنتظر؟

 محمد الشيباني
  aa10zz100@yahoo.com


            

ليست هناك تعليقات: