الأربعاء، أغسطس 10، 2011

واضرب لهم مثلا رجلين


 
عوض حمزة الذي بكى وأشفق!


وبشير هوادي الذي تملق وتعلق!


لماذا، وهل تكررت الحالة؟

أما لماذا، فلا أدَّعي معرفتها، ولكنني سأحاول.


وأما هل ..............، فأقول: أجل.


تكررت الحالة، بل ربما أصبحت ظاهرة.


الرجلان عوض حمزة، وبشير هوادي، عضوان بمجلس قيادة الانقلاب الذي أتى بالقذافي إلى الحكم.


القذافي يصف أعضاء المجلس والضباط الذين ساهموا في الانقلاب بأنهم مجموعة حمير، أوصلته إلى مقر الإذاعة حيث أذاع بيان الانقلاب. وذلك وفق شهادة عوض حمزة، عضو المجلس، نفسه!


 عوض، وبشير، كلاهما، أزاحهما القذافي من مجلس القيادة، وهما في ريعان الشباب، وتفضل عليهما بأن سجنهما في سجن يختلف عن سجن بوسليم، في بيتهما، ولمدة خمسة وثلاثين عاما فقط.


سكت بشير هوادي دهرا، وعندما دعت الحاجة للكلام نطق نكرا، وأيَّد حاكما مستبدا ساوى بين بقائه حاكما، وبين بقاء ليبيا وحياة الستة ملايينها من سكانها، متخذا من دماء الليبيين الرخيصة، ما يرجح به كفته الجائرة!


عوض حمزة، أيضا، سكت دهرا، ولكنه نطق رفضا ودموعا، لفظاعة ما فعله القديس الشيطان، القذافي، كما أطلق عليه عوض نفسه، بعدما رأى منه ما رأى.


هذا ما أمكنني استخلاصه من مقابلتين إذاعيتين، جرت مع عوض، وبشير.


استعرض عوض حمزة جرائم القذافي، والتي آخرها قيامه بشن حرب غير مبررة على شعبه، وحزن لذلك وتألم، ولكنه لم يبك.


بكى عوض عندما مرّ بوجدانه البريء، وذهنه النقي، وحسه الأبي، على كارثة اغتصاب الليبيات من قبل مرتزقة، وبمقابل مجزي. آسف. مغري! 


 أجل إنه الاغتصاب!


كلا، إنه ليس الاغتصاب التقليدي الذي نعرفه!


إنه الاغتصاب المركب، والمكون من الطبقات التالية:


ــ سرقة مال المغتصبة.

ــ استخدام المال المغتصب في تأجير من يغتصبها.
ــ تعمد انتقاء أسوأ المغتصبين.
ــ رمي المغتصبة قبل اغتصابها بأشنع التهم وأفدحها.
ــ تهديد المغتصبة بالموت إن لم تقبل بالاغتصاب.
ــ تحميل المغتصبة وزر الحمل غير الشرعي من مرتزق.    
ــــ القذف بإنسان غير شرعي النشأة في المجتمع.   

يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاالله!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


غالبَ عوض حمزة دموعه، ولكنها غلبته، وحُقّ لها أن تفعل ذلك، ووصف كل من يتجاهل هذه الجريمة البشعة، بأنه ديوث. أما مرتكبها، القذافي، فوصفه بالشيطان الخارج من جبة قديس!


لا أريد الخوض كثيرا فيما قاله بشير هوادي، وهو سجين القذافي، العقود الطوال، كما هو حال عوض، ، ولكنه، بشير، و رغم كل الذي لحق به من أذى، ظهر في التليفزيون، وقد مال كتفه بما أفاء عليه سيده من رتب ونياشين، وأيد وبارك كل ما فعل هذا السيد من جرم وشين!


الفرق واضح وجلي بين موقفي الرجلين. ولكن لماذا حدث هذا الفرق بين الموقفين. أو لماذا حدث الفرق بين هذين الرجلين؟


سؤال خطير، تصلح إجابته النموذجية للإجابة على كل سؤال، تم طرحه منذ سنين طوال، على لسان المظلومين والمغبونين الذين قتلهم العجب، وسحقتهم الحيرة من طول عمر أسفه وأظلم حاكم عرفه العصر الحديث.


إن الإجابة النموذجية لهذا السؤال تفسر لنا ظاهرة موالاة القذافي من قبل من أذلهم وظلمهم، ولم يقبضوا على ذلك أجرا. بلوشي!


قد يتردد الإنسان في التفرقة بين لونين من آلاف الألوان ، لكنه لا يمكن له ألا يفرق بين الأسود والأبيض، وبين القديس والشيطان، إلا في حالة واحدة: العمى!


إذا كانت ظاهرة الموالاة، بدون أجر ولا مكافاة، من ظواهر وسنن الكون الباهرات، فليس أمامنا إلا الصبر، وانتظار القبر، وتسليم الأمر، لصاحب الأمر!

حسنا. آمنا، وسلمنا.

ولكن هل انتهت المشكلة؟


كلا. ذلك أن قبولنا وتسليمنا بالظاهرة، لا يعفينا، ويخمد نار الفضول فينا، لمعرفة طبيعة هؤلاء الناس الذين صنعوا هذه الظاهرة، أو صنعتهم هذه الظاهرة، لا فرق. إنهم أناس يقبِّلون يد جلادهم، وقاتلهم، وهاتك عرضهم!


إن بشاعة الوجه الذي ظهر به القذافي في تعامله مع مواطنيه مؤخرا، أدار مؤشر بوصلة الكثير ممن يتبعون أو يتعاطفون مع القذافي، وبزاوية قذفت بمؤشر بوصلتهم إلى عكس اتجاهه.


إذن؛ ما هي طبيعة من لا يغضب، وهو يرى بأم العين، أو يعلم علم اليقين، بأن القائد القذافي، نطق بلسانه، وهو في كامل جده وعنفوانه، وتمام عقله، وصفاء وجدانه، بأنه جلب المرتزقة لقتل الليبيين، وأنجز القائد ما وعد، وقتل خلقا ما لهم عد!


من لا ينفجر غيرة، وقد تأكد لديه حدوث جريمة الاغتصاب، وبطريقة متعمدة ممنهجة؟


أجاب عوض حمزة، وهو يبكي، على هذا السؤال، وقال: من يرضى بذلك فهو ديوث، ومن فعل ذلك، وأعان عليه فهو شيطان.

هذا تحليل بسيط، ويمكن أن يجريه، ويصل إلى نتيجته كل من يتواجد حول القذافي في الدوائر المتعددة المحيطة به، ولم يدفع به حظه العاثر بعد، إلى الدائرة الأولى التي تقتل أو تساعد على القتل، أو تلك التي تغتصب أو تساعد على الاغتصاب، حيث إن هؤلاء أضحوا شياطين، ولا يجدي معهم تحليل أو تبيين، وإنما أمرهم موكول إلى رب العالمين,


إننا نتكلم على أولئك الذين أكرمهم ربهم وأنجاهم، حتى الآن، من الانخراط في الدائرة الأولى المشئومة، والذين يأتي في مقدمتهم بعض الأمناء والمدراء وضباط الجيش والشرطة، والذين يسعى الشيطان القذافي  قدر جهده إلى توريطهم.


وبطبيعة الحال لا ننسى أولئك الذين يتجمهرون في مسيرات تأييد، ليجعل منهم القذافي وسيلة ساذجة رخيصة لإظهار تأييد الليبيين له، وهي وسيلة فضح العالم سرها، وعرف زيفها.


هؤلاء الفئات التي ذكرت على شفا حفرة من العمى التام الذي يقود مباشرة إلى محيط الدائرة الأولى الخطرة جدا.


نعود إلى السؤال المحور. ما الفرق بين رجل ورجل؟


لابد أن جميعكم ردد نفس السؤال.


لا أخفيكم سرا بأن هذا السؤال، أدمنت طرحه على نفسي، وعلى من هم حولي منذ عقود، وذلك عندما رأيت بعض الرجال الذين تقلدوا مناصب مهمة في الدولة، يضحون بهذه المناصب، ويعلنون التمرد على الطاغية، من مثل الأستاذ محمد المقريف، وغيره من المعارضين القدامى الأفذاذ، والذين منهم من دفع حياته، بالإضافة إلى منصبه، فداء لموقفه. بينما يتشبث الآخرون بما أفاء عليهم الدكتاتور من مناصب، وما يكلفهم به من مهام، باذلين قصارى جهدهم في إرضائه، ضاربين بعرض الحائط مصلحة الشعب والوطن.


وأخيرا، أكرر اعترافي بعجزي عن الإجابة على هذا السؤال. ومن لديه إجابة، رجاءً، لا يبخل. 

محمد الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com


ليست هناك تعليقات: