الخميس، يناير 05، 2012

سنة أولى ديمقراطية"10"



سنة أولى ديمقراطية"10"

لم تظهر اللوحة الذكية عنوانا جديدا لدرس اليوم العاشر كما هي عادتها مع كل درس جديد، وذلك لارتباط موضوع هذا الدرس  بموضوع الدرس التاسع الذي سبقه والحامل للعنوان الكبير والخطير: من نحن؟

ولضرورة أن يبدأ كل درس بعنوان، فقد اختارت اللوحة الذكية ذلك السؤال الذي اختتمت به الدرس السابق التاسع عنوانا للدرس الحالي العاشر. وذلك السؤال هو:

لماذا لم تفعل كتب القذافي التي كتبها بماء الذهب، وفرضها على الشعب، ما فعله كتاب مهاتير محمد المكتوب بالحبر الرخيص، والذي صادرته السلطات وعاقبت كاتبه؟

أبسط إجابة على هذا السؤال، وأقربها للواقع هو أن القذافي، وكما عُرف عنه حتى في آخر أيامه، رجل منفصل عن الواقع. وقد صبغ انفصاله هذا كل أفكاره التي ضمنها كتبه، وأقام عليها نظام حكمه المستبد. ولم يكن أمام الليبيين من بد وهم يقرؤون مكرهين أفكار القذافي، ويجبرون على تطبيقها، سوى مداراة الدكتاتور على مضض، مع اعتبار كل أفكاره ونظرياته أفكارا ونظريات لا تعنيهم، وإنما تعني أناسا آخرين لا يوجدون إلا في مخيلة القذافي.

تيقن القذافي بأن الليبيين لن يمنحوه من أنفسهم ما يريد، وبلغ به الإحباط حد الهوس، والذي ظهرت بعض صوره في إفصاح القذافي وبطرق مختلفة أن الليبيين دون مستوى فكره الكوني البديع، بل وقام بتشجيعهم ودعوتهم إلى مغادرة ليبيا، ليتسنى له بعد ذلك استجلاب شعب آخر غير الشعب الليبي يكون في مستوى أفكار الكتاب الأخضر وأطروحاته.

أما مهاتير محمد وطريقة تفكيره التي حوتها كتبه وأطروحاته، فإنها عكس ذلك تماما. ذلك أن الرجل جعل من إيقاظ الماليزيين من سباتهم الطويل، وإرجاعهم إلى وعيهم همه الأول. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف قام بتحرير كتبه بسن مبضع مهاتير الجراح، حيث تخلل مبضعه الحضاري جسم الإنسان الماليزي المتخلف المريض، ولامس كل علله وجروحه، وجعل هذا الطبيب المفكر من هذه العلل والجروح عناوين لآرائه وأطروحاته، كما جعل من إشفاء هذه العلل وتطبيبها من أهم مستهدفات خططه واستراتيجياته.

الذي يهمنا في المقارنة بين الملازم معمر القذافي، والطبيب الجراح مهاتير محمد، هو أن الأول ببعده عن الواقع وإيغاله في الطوبائية المرضية جرد الليبيين من وعيهم، وغيب عنهم عللهم وعيوبهم، وقلب زوايا نظرهم، فبدا لهم السقم صحة، والهزيمة نصرا، والتخلف تقدما، وهكذا. وأوضح دليل على ذلك إطلاق اسم العظمى على ليبيا، وذلك في اليوم الذي استبيحت فيه أرضها، وقصفت مدنها، وهدم فيه بيت حاكمها!

أما الطبيب الجراح مهاتير فلم يطلب من الماليزيين التحرك نحو مضمار الحضارة قبل قيامهم بفرك أعينهم، وإزالة أي أثر من كرى عالق بها، وكذا تطهير ذاكرتهم من أحلام منام أو يقظة كانت قد طافت بهم. أي أنه وضعهم على الزيرو، كما يقولون!

لابد لنا إذا أردنا الإجابة عن السؤال: "من نحن؟" أن نقوم بوضع أنفسنا على الزيرو.

حسنٌ. لنضع أنفسنا على الزيرو، ونبدأ بالإجابة عن هذا السؤال الخطير، من نحن؟

ولأول مرة منذ بداية السنة الأولى ديمقراطية، وعلى غير عادتها، قامت اللوحة بتكليف التلاميذ بواجب منزلي، وجعلت من الإجابة على السؤال، من نحن؟ وعلى الزيرو واجبا منزليا، على أن تناقش كل الإجابات في الدرس الحادي عشر القادم.

محمد الشيباني


ليست هناك تعليقات: