سفينتنا ألواح وعيدان، ونحن نلح في انتقاء الربان!
"
.........علماني. ليبرالي. فيدرالي. إخواني. سلفي. زنتاني. مصراتي. ورفلي. شرقاوي.
طابور خامس. أزلام............"
كتبت مئات المقالات،
قبل الثورة وبعدها، والتي كانت كلها منصبة على الشأن الوطني، ووضعت لها مئات العناوين،
ثم حشوتها بآلاف الكلمات، إلا أنني لم أكن بحاجة، ولو لمرة واحدة، إلى أن أمد يدي إلى
سلة الأسماء والألقاب الموضوعة عاليه، أو إلي مرادفاتها!
لماذا؟
لأنني كنت منهمكا
في سلة العناوين التالية:
"
............... تسلط. استبداد. دكتاتورية. فساد اقتصادي وسياسي واجتماعي وإداري.
قبلية. فقر. مرض. تخلف. بنية تحتية متدهورة. خدمات متدنية. نفاق واحتقان اجتماعي.
تسيب إداري. أمية. بطالة. مخدرات. عادات اجتماعية سيئة. قمامة. خدش حياء عام.
تدهور أمن ............."!
ورب سائل يسأل:
لماذا اقتصرت على السلة الثانية، وعزفت عن الأولى؟
والجواب ببساطة:
لأن ما تحتويه السلة الثانية من هموم وقضايا ملحة خطيرة، تمنع من مجرد التفكير في
غيرها، فضلا عن الاهتمام بها، وتكريس
الوقت والجهد لها، بل والتخاصم حولها.
الطريف في الأمر
أنك إذا ما حاولت نبش ركام السلة الثانية، واقتربت من أحد ألغامها الواضحة البارزة الجلية ، لتفككه وتؤمن
انفجاره، لا تجد من يعيرك أي اهتمام، ولو بالمساهمة بتعليق على المقال الذي تكتب،
فضلا عن المساهمة الإيجابية الفاعلة إلى ما تدعو إليه وترغـِّب.
أما إذا اقتربت من
السلة الأولى، الحاوية لأسماء النحل والمذاهب، أو أسماء القبائل والكتائب، فإنك وبمجرد
وضع عينيك على إحدى مكوناتها الهلامية الرخوة، والتي تتسع لألف رأي ورأي، يمطرك
الجمع المتحفز بمساطر وسكاكين حادة، ويغمروك بتعليقاتهم الهازلة والجادة، وربما
منحوك صكا إلى الجنان، أو قذفوا بك نحو جحيم النيران!
شريكان في سفينة،
بدءا عملهما في البحث عن ربان هذه السفينة، وواصلا النهار بالليل من أجل انتقاء
هذا الربان، إلا أنهما أغفلا وبشكل كامل أمر بناء السفينة، والبحث في جدوى صناعتها
وتشغيلها.
سفينتنا ليبيا لا
زالت ألواحا وأعوادا متناثرة هنا وهناك، ونحن نتخاصم على الربان، واسمه، والكلية
التي تخرج منها، وربما التدقيق في عاداته الشخصية، وأي ناد رياضي يشجع!
مكونات السلة
الثانية هي ركائز قيام الدولة الليبية، ولن يتمكن أفضل القادة، ولو أتينا به من
مملكة الجن، أن يدير أمر البلاد، دون توفر الحد المعقول من ركائز بناء الدولة.
معرفتنا بمحتويات
السلة الثانية من مثل الفقر، والجهل، والمرض، والفساد، وغيره، وقدرتنا على إزالتها،
هي وسيلتنا الوحيدة لمعرفة مدى صلاح قادتنا، وهي أيضا وسيلتنا لتغيير هؤلاء القادة،
وما كان الدكتاتور القذافي ليطأنا بحذائه أربعين عاما وزيادة، إلا لأننا كنا تحت
ركام محتويات السلة الثانية اللعينة.
وغني عن البيان أن
زوال القذافي لم يكن ناتجا منطقيا، أو علامة على تخلصنا مما نعاني من عوامل التخلف
التي تحويها السلة الثانية، وإنما كان تدخلا إلهيا صرفا، وذلك من أجل تحرير إرادتنا،
ليري الله والناس ما نحن فاعلين، بعدما زال المشجب الذي كنا نعلق عليه كسلنا
وهواننا وضعفنا.
لابد أن أعضاء المؤتمر
الوطني، على دراية بمحتويات السلة الثانية، وإن أقل ما نرجوه منهم هو العمل على
توجيه الأنظار والجهود نحو هذه السلة، سلة ركائز بناء الدولة، والإمساك بهذه
الركائز وتقويمها، ووضعها حيث يجب أن تكون من بنيان دولتنا الليبية المنشودة.
محمد عبد الله الشيباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق