لنتواضع،
وننزل من أبراج السياسة والخطابة، إلى أكياس الترابة!
نغص علينا الكلام
في السياسة حياتنا خلال الحكم الدكتاتوري السابق، حيث لم أشهد مجلسا إلا والكلام
في السياسة لون معظمه، وهو كلام في جله غير مفيد، لكونه لا يضيف جديدا ثقافيا
للحاضرين، ولا يمد ذراعا من أجل الإصلاح والتغيير.
المتكلمون في
السياسة من الليبيين سواء إبان حكم الدكتاتور السابق، أو بعد الثورة عليه، يتساوون
بشكل أو بآخر مع المتكلمين في الرياضة، والذين، ومهما احتدم الجدل بينهم، لا يخرجون
بأي اتفاق أو تقارب حول وجهات نظرهم المتباينة التي انعقد لأجلها المجلس.
مجلس السياسة،
ومجلس الرياضة، يشبه كل منهما مجلس لعبة
الورق؛ يتحلق لاعبو الورق، ويبذلون أقصى الجهود من أجل بعثرة محتويات رزمة الورق،
ثم يبذلون جهدا أكبر في ترتيب ما بعثروا، وهكذا دواليك؛ "كالتي نقضت غزلها
أنكاثا"!
الترابة، أو
الاسمنت سلعة إستراتيجية هامة، لاسيما ونحن محتاجون الآن، وبإلحاح، إلى ترميم ما
تهدم وتكسر، وتشييد ما تباطأ وتأخر.
أحد المنتفعين من
انهماكنا في مجالس الثرثرة السياسية، والثرثرة الرياضية، والذي يسمي نفسه زورا
تاجرا، يقوم بشراء كميات كبيرة من الاسمنت بسعر المصنع البالغ حوالي تسعة دنانير
للقنطار، ثم ينتظر بعض الوقت، ويبيع ما اشتراه بسبعة عشر دينارا للقنطار، وبنسبة
ربح تضارع ثمانين بالمائة، وذلك مقابل إيداع نقوده خزينة مصنع الاسمنت لمدة عام أو
بعض العام، لا أكثر ولا أقل!
سألت عن سبب ذلك،
فقال لي مجيبي ببساطة: لو أن مصنع الاتحاد، مثلا، يشتغل بكامل طاقته التي بدأ بها،
وهي عدد أربعمائة سيارة في اليوم، لانتفى هذا الفارق بين سعر السوق وسعر المصنع.
مصنع الاتحاد،
الآن، يشتغل بطاقة أقل من مائة سيارة باليوم، وربما هو نفس الحال الذي عليه باقي
المصانع!
لماذا؟
لو كررتَ هذا السؤال
ألف مرة، فلن تجد من يجيبك.
لماذا؟
لأننا لسنا مشغولين
بالترابة. نحن منهمكون في الرياضة، والسياسة، والخطابة!!!!!
محمد عبد
الله الشيباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق