إنهم يوقعون باسمنا، ثم يختمون بخاتم الرب، حقا إنه العجب!
أشد ما كان يغضبني
ويؤلمني من تصرفات دكتاتور ليبيا السابق وعصابته هو إدمانهم ممارسة الوصاية
الإجبارية على جموع الشعب الليبي والتوقيع باسمهم والتصرف نيابة عنهم كما لو أن
هؤلاء الأوصياء وكلاء شرعيون ونواب موكلون بملء الإرادة وكل الرضا.
رفع القذافي شعار
الشعب سيد الجميع، ولكن الجميع الذين كان يعنيهم القذافي ليس من ضمنهم بالطبع لا هو
ولا أبناءه ولا باقي عصابته.
ورغم أن القذافي
مارس أبشع أنواع الوصاية على الشعب الليبي إلا أنه لم يتجرأ على إلباس وصايته ثوب
القدسية الإلهية كما يفعل بعض ورثة الحكم الدكتاتوري المتسلط هذه الأيام، والذين
قاموا بتطوير هذا الإرث بطريقة تمنع تكرار الثورة عليه؛ إذ كيف يثور الناس على حكم
الإله ونصوصه المقدسة التي لا يوجد من نسخها سوى نسخة واحدة كانت من نصيب هؤلاء
الورثة المحظوظين.
إنه الكبر والعجز
والكسل والتعجل الذي صبغ جميع أعمالنا.
ألم يكن من الممكن
تأجيل إصلاح الباطل بعض الوقت يقوم خلاله دعاة الإصلاح باستيفاء شروط مهمتهم وتنفيذ
كافة متطلباتها القانونية والاجتماعية وحتى النفسية؟
بلى، ولكنه الحمق
الشبيه جدا بحمق القذافي عندما كان يحلم ليلا ثم يقوم صباحا بتنفيذ أضغاث أحلامه
على الشعب الضعيف المغلوب على أمره.
إن حمل السلاح
وحشد المتحمسين والتغرير بهم من أجل القيام بعمل مهما بلغت شرعيته من شأنه أن يفرغ
هذا العمل من شرعيته.
إن تجاهل الدولة
القائمة والقيام بعمل من ورائها مهما بلغت شرعيته وفائدته من شأنه هو الآخر أن
ينزع كل شرعية عن هذا العمل.
كان من نتائج
أعمال رعناء كهذه هدم بيت من بيوت الله تقام فيه كل الصلوات بحجة وجود قبر عتيق
متهالك في إحدى زواياه.
وكان من نتائج
أعمال كهذه أيضا مقتل أبرياء ذوي ذمة وعهود وذلك بحجة نشر فيديو تافه لا علاقة لهم
به، بل ربما لا يعلمون عنه شيئا.
يُهدم المسجد، ويُقتل
الأبرياء، وتتشوه سمعة البلد، وتتعطل مصالح الناس، والمتهم الوحيد عن كل هذه
الأعمال هو دائما ممارسة الوصاية غير المشروعة من قبل فئة مستقوية تقوم بالتوقيع نيابة عنا وتوريطنا فيما ليس لنا به
علم ولا يجلب لنا نفعا.
ليس هناك من تفسير
لكل التصرفات المذكورة سوى ازدراء الليبيين جميعهم وتهوين أمر حكومتهم الديمقراطية
الوليدة.
وإذا صح هذا
التفسير فليس أمامنا إلا الاعتراف وبمرارة بالغة بأن دم الشهداء حقا قد ذهب هباء!
محمد عبد
الله الشيباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق