عاطل!!!!
(( يااخي انت تقول بناء وعمالة تي كيف يا راجل احني خريجي جامعات شهادات ادبية اوعلمية كيف تبينا انطيبو الدحي .هدي الواسطة يا حبيبي. اقسم لك اني خريج قانون ٢٠٠٤ وعاطل الى الان ومازال المسلسل مستمر احرف من التركي.بعد ما فرحنا بالتورة ما تغير شي نفس الواسطة والمحسوبية والله جاني تنسيب لوزارة العدل شهر واحد اللي فات والله من تاني يوم قالو انهم ليسو بحاجة الينا .توين نمشو لافريقيا زعما .قاعد لا عمل لا زواج لاسكن .انقولك حاجة اني غير مدخن لكن اليوم الصبح اخطمت علي محل دخان والله اشريت عشرة اسباسي مادخنتهمش لتوه انفكر غدوة اندخنهم .والله فدت فدت فدت تعرف انفكر نمشي لسوريا .والله الجملة امتاعت وزارة العدل {لسنا بحاجة اليهم}والله قاعدة في صدري ماقدرت نبلعها. ياراجل احني العاطلين كان املنا التورة هادي وتوا قالو لسنا بحاجة اليهم يعني نمشو لسوريا وخلاص باش نبقو توار هما منو اللي طلع للتورة ماهو احني العاطلين والشباب برا شوف الشهداء اغلبهم عاطلين .شباب زي الورد.وربي يحفضنا من طريق الضياع اللي مفتوحة على مصراعيها جميع انواع الضياع كيف ماتبي .والله المستعان وربي يحفضنا وحسبي الله ونعم الوكيل .ادعيلنا بالوظيفة))
الكلمات بين قوسين عاليه هي ما تضمنه أحد التعليقات على مقالتي بعنوان
" البطالة الليبية قنبلة إحصائية، أم معضلة نفسية". وقد رمز المعلق إلى
اسمه بكلمة (عاطل) التي عنون بها تعليقه، ثم جعل من هذه الكلمة محور ما تضمنه هذا
التعليق من شجون، كما حمل هذه الكلمة مسئولية ما يتملكه من يأس، وما تفترسه من
ظنون.
عاطلنا هذا في منتهى الشفافية والبراءة، وذلك بما أظهره من حسن نية
تجاه دعوة المجتمع له باقتطاع ستة عشر عاما من أثمن سنوات عمره قضاها متبتلا في
محراب العلم ومعبد التأهيل، حيث منحه، في نهاية هذه الحقبة الطويلة، أمناء وسدنة
هذا المعبد صك الكفاءة العلمية وقرار أهليته للانخراط في طابور ذوي الحياة
الاجتماعية وجيش بناء الوطن.
وعاطلنا هذا أيضا خريج قانون وحامل ميزان حق وقسطاس عدالة، وهو بهذا
أكثر الناس معرفة بما يعنيه خلف العهود والمواثيق، سيما أن يكون هذا المخلف وعده والناقض
ميثاقه هو الدولة والحكومة الموكلان من قبل الأمة برعاية شأن أبناء الأمة!
عاطلنا هذا كذلك تم تنسيبه إلى وزارة العدل، ثم يفاجئ بأن صك تنسيبه
هذا لا يساوي ثمن الحبر الذي كتب به، وبأن ردهات وزارة العدل المنوط بها رعاية القيم وتكريسها هي أول من
يهدر القيم ويخلف الوعود!
"لسنا بحاجة إليكم"!!!!!
هذه العبارة الإسفين ذات الكلمات الثلاث المتضمنة ضمير المتكلم وهو
الدولة أم الجميع، وضمير المخاطب والذي هو مواطنها الشاب الذي أبر بوعده وأكمل
دراسته وقدم على أمه فرحا فخورا منتظرا منها ان تضمه إلى حضنها وتطبع على جبينه
قبلة الرضا، فإذا بها تنكره وتدفعه عنها بعنف قائلة له: "لسنا بحاجة إليكم"!!!!
"والله قاعدة في صدري ما قدرت نبلعها"؛ هكذا وصف عاطلنا هذه الكلمة القنبلة، وحق له أن يفعل ذلك!
وبمجرد أن تنكر الأم ابنها وتدفعه بعنف عنها فإن الابن، ووفقا لقانون
حركة الأشياء، لا يمكن له إلا أن يقوم برد الفعل، ويتخذ من أمه موقفا من جنس
موقفها، فيصد عنها، بل قد يخونها خيانة عظمى بالتجسس عليها أو يقوم ببيعها بسعر
بخس.
العمل المفيد الشريف أيا كان نوعه هو العلامة البارزة على أن صاحبه يمارس
حياته الاجتماعية التي يستمد منها وحدها شهادة وجوده الاجتماعي ووسام كرامته
الوطنية!
وقصور المواطن غير المسبب عن تأدية دوره وممارسة حياته الاجتماعية هو
في حقيقته قصور وشلل بنيوي في جسم الدولة الذي يتكون من مجموع أفرادها ومواطنيها.
عاطلنا، وبسبب عطالته لا غير، لوح بالذهاب إلى أفريقيا أو سوريا، وذلك
ليس من أجل أن يمثل بلاده ويعلي اسمها، أو ليجلب إليها سلعة نادرة تحتاجها أو عملة
صعبة تقضي بها ديونها؛ كلا إنه ذهب مغاضبا مكسور الخاطر مهيض الجناح، بل يتيم
الوطن!
ولأن عمر البطالة في ليبيا بعمر الجماهيرية الأربعينية، تلك
الجماهيرية مسخ الدولة الليبية التي أدمنت النفور من الشباب الليبيين ودفعتهم
بعيدا عنها بعنف، الأمر الذي ولد ردة فعل من قبل أولئك المصدودين المطرودين؛ فتداعوا
على الجماهيرية وقوضوها من أساسها؛ شاهد ذلك ما أبانه عاطلنا من أن الكثير من
شهداء الانتفاضة على الجماهيرية كانوا شبابا عاطلين ومدفوعين بعنف عن صدر أمهم
التي تنكرت لهم وهي تردد عبارتها الإسفين: لست في حاجة إليكم!
الخوف كل الخوف من أن تتحقق
مخاوف هذا الشاب العاطل وتتكرر المأساة، وتضن الدولة البترولية مترامية الأطراف
على أبنائها بمقعد في حضنها الدافئ، وتقذف بهم إلى سرداب النكران وجليد رصيف البطالة!
لا قيمة للرقم الوطني المسلسل إذا لم يصاحبه الرقم المسلسل لبطاقة الحياة
الاجتماعية للمواطن، ذلك الرقم الذي يحمل اسم ورقم فرصة العمل المجزي لكل مواطن
يحمل رقما وطنيا، أو على الأقل تأمين انتظار فرصة العمل على هيئة مرتب يضمن عيشا كريما،
ويكون بمثابة الحبل السري الذي يدل الوليد على أمه ويشده إلى صدرها.
وإذا لم يتحقق هذا، فإنه ليس أمام هذا العاطل المسكين سوى ما حذر منه
في نهاية تعليقه البليغ من الانزلاق إلى طرق الضياع.
ختم العاطل تعليقه بالكلمات الثقيلة المزلزلة:
الله المستعان!
حسبي الله ونعم الوكيل!
محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق