الثلاثاء، مارس 26، 2013

تطوير، أم تزوير وتدمير عمراني.!



تطوير، أم تزوير وتدمير عمراني؟!

إدارة التطوير العمراني ببلدية طرابلس من أهم إدارات هذه البلدية وأعرقها. وبغض النظر عما طرأ من تغيير في اسم هذه الإدارة، أو ما جرى من تحوير في نشاطها، فإن ذلك لم يؤثر في جوهر عمل ودور هذه الإدارة باعتبارها الجهة الوحيدة المنوط بها مسئولية التخطيط والتنظيم والتطوير العمراني لعاصمة ليبيا، طرابلس!

من أهم ما تقوم به هذه الإدارة هو الاحتفاظ بالمخطط العمراني للمدينة في خزائنها، وقيامها بناء على هذا المخطط بإصدار الوصفات الفنية، والتي هي المستند الفني والقانوني الأساسي لإنشاء أي مشروع عمراني؛ بدءا من المسكن الخاص، إلى المشاريع والإنشاءات الكبرى الخاصة والعامة.

هذه الإدارة مؤتمنة على المخطط العام المعتمد للمدينة، والموجود على هيئة لوحات جوية تم وضعها من قبل بيت خبرة متخصص، وتم تنقيحها واعتمادها وفق اشتراطات ومعايير الجدوى الفنية والاقتصادية وحتى الاجتماعية.

ولأن المخطط العام للبلدية تم وضعه واعتماده منذ سنين طويلة خلت، ووفق خرائط مصورة من الجو باستخدام تقنيات التخطيط العمراني المتطورة، فإن ما تم وضعه وإقراره من طرق وميادين وغيرها اكتسب السند الفني والقانوني اللازم الذي لا يعطي لكائن من كان حق نقضه أو تعديله.

ذلك هو ما رسخ في أذهاننا لعقود طويلة حتى كادت اللوحة الجوية وما تصدره إدارة التطوير العمراني من وصفات فنية وفقا لتلك اللوحة، من المسلمات التي لا يجادل فيها أحد.    

ومع تفشي الفساد في أوصال الجماهيرية العظمى البائدة، كان لابد لإدارة التطوير العمراني من نصيب في ذلك الفساد؛ حيث اجتاح الفاسدون من داخل البلدية وخارجها ذلك الحِمى المقدس لمخطط المدينة وعبثوا به، وإذا بالطريق المستقرة عقودا في ذلك المخطط تطالها يد التزوير والتدمير؛ فتزيحها، بقرار لجنة مشبوهة في غرفة مظلمة، يمنة أو يسرة، أو تقلل من سعة تلك الطريق، أو ربما تقوم بشطبها من على تلك اللوحة، بل ومن على صفحة الوجود وإلى الأبد!

شخصيا، وفي المربع الصغير الذي أتواجد فيه، أعرف أكثر من حالة إزاحة طريق معتمدة وتضييقها، أو حتى شطبها وإزالتها، والفاعل في كل حالة معروف للجميع؛ مستفيد أناني غريزي ضيق من جهة، وموظف من داخل البلدية يقوم بهذا العمل الخسيس مقابل رشوة من جهة أخرى. ومع تطور منظومة الفساد وتغولها انضم إلى طرفي الصفقة الخسيسة المذكورين طابور سماسرة العقارات ومافيته، ليشكلوا مجتمعين معول هدم، حطم في فترة قصيرة ما قامت ببنائه إدارة التطوير العمراني خلال العقود!

وحتى يضفي الفاسدون المذكورون على عملهم شيئا من الشرعية الزائفة، يقومون بتدبير مجموعة من المستندات من أهمها طلب كتابي يقوم المستفيد بتحريره مدعما بمجموعة من توقيعات غير موثقة لآخرين يطلق عليهم غالبا الجيران، ليبدأ بعد ذلك دور الموظف الفاسد بالبلدية، حيث يتولى مهمة تسهيل عرض الموضوع على لجنة مشبوهة تقوم بعقد اجتماعاتها في غرفة مظلمة، لتصدر قرارا ظالما تستقر بموجبه  لطخة سوداء لا تنمحي أبدا فوق مخطط المدينة المهتوك الحمى. ومع تعدد هذه اللجان وقراراتها تتعدد تبعا لذلك وتتراكم اللطخات السوداء فوق وجه البلدية ولوحاتها، ولتضحى إدارة التطوير العمراني جهاز تزوير وتدمير عمراني!

كلي أمل في وصول ما كتبت إلى السيد مدير التطوير العمراني، والذي أرجو أن لا يكون هو من وقع على اللطخات السوداء التي شوهت وجه مخطط عاصمة ليبيا.

وإذا قرأت سيدي ما كتبت أرجو منك تكليف معاونيك المخلصين  بإعداد بيان بقرارات تعديل الطرق وشطبها، ثم استخدم حسك الفني المجرد وفطرتك السليمة في نقد وتصحيح القرارات المشبوهة لتلك اللجنة سيئة الصيت! 

أدرك أن إجراء كهذا سيريك جبلا مِن المخالفات، وأن كثيرا من هذه المخالفات سوف يكون من الصعب تصحيحه، إلا أن ذلك لا يعفيك من مسئولية تصحيح ما يمكن تصحيحه من مخالفات جسيمة نتج عنها غلق طريق أو تضييقها من أجل ثمن بخس يتقاسمه ضعاف النفوس من خارج البلدية وداخلها!

ومهما كان موقفك مما ذكرت، فإن أقل ما أتوقعه ويتوقعه أيضا جمهور قراء هذه المقالة منك، هو الرد على ما ذكرت، وتصحيح أو تفنيد ما بينت.

أعانك الله.

محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: