الثلاثاء، مايو 28، 2013

الرئيس المقريف

محمد المقريف وشهادة النبل الأخرى وليست الأخيرة!

استقالة الرئيس المقريف من رئاسة المؤتمر شهادة نبل ووسام شرف يأخذان مكانهما على صدره الملآن صدقا ورشدا وحبا للوطن، أو أحسبه كذلك.

خاف المقريف على ليبيا من القذافي ونظامه، فدفعه خوفه هذا إلى نسيان خوفه على نفسه وعائلته من بطش حاكم عتل يأخذ الأب العجوز بجريرة ابنه الشاب، ويأخذ الطفل الصغير بجريرة أبيه، بل وهدم القذافي بيوت أطفال معارضيه، حيث لم يكفه قتل أبيهم وعائلهم الوحيد. بيت عائلة  المرحوم عثمان زرتي مثالا لا حصرا!

وازن المقريف الشاب بين حياة مخملية لوزير ونقيضتها حياة الشظف والتشرد والملاحقة الأمنية الخبيثة جدا، فاختار الثانية التي يحوز صاحبها معها وسام التطهر مما في خيمة القذافي من رجس وعهر سياسي وحتى أخلاقي!

في ظلام الثمانينات وليلها الحالك السواد أشعل المقريف شمعة التحرر من الدكتاتورية، تلك الدكتاتورية التي بنى لها الدكتاتور القذافي سردابا طوق ليبيا حجرا وبشرا إلا من أبى، وكان المقريف من الأباة الأوائل!

خسر المقريف بسبب ما يحمله من مبادئ الكثير من أصوله المادية والاجتماعية التي يتكالب عليها الكثيرون، وطال به حبل الخسران، وامتد به زمن المعاناة، إلا أنه، وهو المحاسب، لم يلجأ إلى أي تقنية من تقنيات إعادة التقييم والتسعير للمبادئ التي يحملها، وذلك من أجل تعويض الخسائر الفادحة في أصوله!

سمعته ذات مرة منذ أكثر من عقدين في تصريح له لإذاعة هولندا يقول: إني رهنت ما بقي من عمري من أجل الإطاحة بالقذافي! قال ذلك وهو المطارد اللاجئ، والقذافي الآثم آنذاك ملء السمع والبصر. أقسم المقريف على الله فأبره فأطال عمره وأراه في عدوه ما يحب!

لم يتم المقريف عامه الأول في كرسي رئاسة المؤتمر المحرقة، وشاءت المعادلة الليبية الصعبة أن تقلب المسلمات والبديهيات؛ فتجعل من المقريف غريم القذافي الأول مأخوذا بوزر القذافي!

ولأن ليبيا في قلب المقريف أكبر من كل شيء، ها هو المقريف بصدقه ووفائه وحنكته يصنع من أشواك ومتناقضات السياسة وساما من نبل وتعفف وكياسة يكلل به صدره!

تشرشل فقد كرسي الحكم بعدما جلب لدولته النصر فزاده انسحابه الديمقراطي تألقا وشهرة. المقريف شريك كبير في دحر الدكتاتورية وجلب الحرية والديمقراطية، ولن تزيد  الديمقراطية الليبية نجم المقريف إلا تألقا ولمعانا.

ظل سوار الذهب السوداني متربعا العقود الطوال على كرسي الرئيس العربي الوحيد الذي يترك الكرسي طواعية. سوار الذهب الليبي، المقريف، ينتزع السوار!

نكران الفعل الحسن الجميل من مساوئ الأخلاق!


 محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: