الثلاثاء، يونيو 25، 2013

عدالة وعدالة

عدالة شفافة ذكية، وعدالة متحجرة غبية!

الحكم السماوي العادل الذي قضى على النظام السابق الظالم، نظر إليه بعض قصار النظر على أنه غير عادل، حيث أنه أزال نظاما قائما، وأدخل البلاد والعباد في حرب كلفت الكثير.

بيد أن الناظرين بأفق أوسع رأوا خلاف ذلك، ووجدوا في ذلك قمة العدالة، وذلك لما قضى عليه من ظلم طويل، وما نشر من عدل جميل.

اتساع الأفق في النظر إلى الأشياء مما يتيح مدى رؤية أوسع، ويصل بصاحبه إلى محصلة رؤى وأفكار في وضع مثالي من الشمول والحساسية. أما ضيق أفق الرؤية، والتبسط في استجلاء الفكرة؛ كلاهما يقود إلى أحكام ظاهرها العدل وباطنها مكتنز بالحمق والسفاهة.

أعرف موظفا بإحدى المؤسسات، تعرض للمضايقة الأمنية إبان العهد البوليسي البائد، حتى جرَّ عليه ذلك غبنا إداريا منعه من الحصول على حقه الإداري طيلة ذلك العهد. وبتغير الظروف وزوال الظلم وسواد العدل توقع صاحبنا عدم بذل أي جهد في الحصول على التعويض الإداري المجزي من شركته التي تتحمل عرفا وقانونا أخطاء مدرائها السابقين، وتنوب عنهم في جبر الضرر.

صاحبنا هذا بنى أمله في الحصول على تعويضه ورد اعتباره على العدالة الذكية التي تأخذ في حسابها كل السوابق، وتجري قياساتها وعملياتها الحسابية المنطقية على المسطرة الذكية والآلة الحاسبة الألمعية.

العدالة ذات القوالب الإجرائية الخشبية عدالة غبية، وذلك لاعتمادها على قشور العدالة الخارجية وقوالبها الخشبية، وإهمالها لب العدالة وروحها، مما يؤدي إلى عدل شكلي مسخ لا يختلف كثيرا عن الظلم نفسه!

موظف آخر، ولكنه كبير جدا، وبرتبة رئيس المؤتمر الوطني، وقع بين أنياب مسطرة عدالة العزل الغبية، فجمعت هذه المسطرة الغبية بينه وبين نقيضه الصريح وعدوه اللدود في سلة واحدة! حكمت هذه العدالة الغبية ذات القوالب الخشبية على معارض القذافي المزمن وعدوه اللدود محمد المقريف بأنه من رجال القذافي!!!!!!

إن الذي تحدثه عدالة كهذه العدالة في منتهى الخطورة، وذلك بما تغرسه أصابعها المختلة المتنافرة في العقول والأفكار من اختلال تقييم وتقدير، وبما تلقيه غلظتها وجفوتها في النفس من امتداد لحبل الغبن ونكران لجميل المحسنين، وما يحدثه كل ذلك في منظومة القيم والوعي الجمعي للناس من خدش وتشويه مشين.

لا يوجد ضوء أسود اللون، كما لا يوجد عدل ظالم المكنون!

محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: