الجمعة، فبراير 28، 2014

عجبا بنغازي التي ......




عجبا بنغازي التي أسقطت نظاما، ها هي تخاف أقزاما!

حقا إنها فزورة! وإلا كيف استطاعت بنغازي أن تقف في وجه دكتاتور مثل القذافي يملك الجيوش المدججة بالسلاح والاموال الطائلة ونظاما سياسيا معمرا، وتمكنت من هزيمته وإسقاطه؛ ثم نرى هذه المدينة المليونية المنتصرة بالأمس القريب تسقط اليوم، أو تكاد، أمام شخص ما ليس له من العتاد سوى سيارة، وليس له من السلاح سوى بندقية! حقا إنه لغز الألغاز!

لا ليس لغزا، ذلك أن بنغازي عندما واجهت نظاما وجيشا جرارا اعتمدت بعد الله على نفسها، ولم تنتظر عون أحد؛ لا حكومة، ولا مؤتمر وطني، ولا جهاز شرطة؛ فحدثت المعجزة، وذلك عندما شمر أبناء بنغازي عن سواعدهم، والتفوا حول أمهم بنغازي بشكل تلقائي، وربما غريزي، فسرى في عروقهم دفؤها، ليتحول هذا الدفء الأمومي الساحر إلى طاقة جبارة هزمت أعظم معتد وأشرسه على امتداد تاريخ بنغازي!

بنغازي في معركتها الراهنة مع هذا الشبح الذي فتك بأكثر من مائتي شخص من سكانها الذين يناهزون المليون من الثائرين المنتصرين للتو، نراها الآن تكتفي بتشييع ضحايا الشبح نهارا، وإغلاق الأبواب خوفا منه ليلا، ثم تستيقظ صباح اليوم التالي، وتقذف في شوارعها الوجبة اليومية المعيارية من فلذات أكبادها لذلك الشبح، وهي الوجبة التي بلغت حتى حينه معدل: 200 ÷ 1000000؛ أي أن وجبة الشبح المقبلة ستكون" لا قدر الله" شخصا ما من بين كل 5000 شخص من سكان مدينة بنغازي! هذا إذا لم تزدد شهية الشبح بسبب استمراء سكان بنغازي ما يفعله بها سفاح بنغازي.


متوسط ساكني مناطق مدينة بنغازي التسعة والعشرين يتراوح حول الرقم 30000 نسمة، تشكلهم مجموعة من العائلات المتقاربة جغرافيا، والمختلطة عرقا ونسبا، والذين من السهل عليهم بناء مربع أمني من خالص نسيج أكبادهم وقلوبهم، وذلك منعا لدخول أي غريب في طوق النجاة هذا. وفي هذا المربع الأمني بالإمكان إنشاء بوابات رئيسية تضبط الدخول والخروج منه، وكذا نشر قوة أمنية متحركة تدعمها كاميرات المراقبة التي لا تكلف الكثير، مجرد كاميرا عادية أمام كل بيت. هذا بالإضافة إلى المعدات الأمنية الأخرى التي تفرضها طبيعة كل منطقة على حدة.

مهما أنفقنا من مال، ومهما بذلنا من جهد، بل وحتى إذا اضطررنا إلى إعلان حالة الطوارئ داخل كل مربع من تلك المربعات الأمنية، بل وفي بنغازي كلها؛ فإن كل ذلك يبدو هينا أمام إنقاذ حياة خمسة أشخاص من سكان كل حي يتوعدهم ذلك الشبح بالموت المحقق! وفق المعادلة الحسابية البسيطة عاليه.

تهون هذه المشكلة أكثر إذا استنفرنا ما تعداده عشرين ألف شرطي مجازين بدون أي مبرر، ويتقاضون مرتبا دونما عمل يؤدونه؛ إذ لا مجال الآن، والناس تغتال كل يوم لأن يلح شداد على ابنه مكسور الخاطر عنترة، ولا مجال لسماجة عنترة ولومه!

حقا إن الأمر يتعدى الحساب والمنطق والملام، ذلك أن هذا الشبح يروع ويملأ نفوس أهل بنغازي وليبيا كلها رعبا، ويفتك بمعنوياتنا المتداعية، ويحبط آمالنا المتهاوية، ويهدد وجودنا. وإن كل يوم يمر من عمر هذا الشبح تتراكم جرائمه، وتتعاظم وتزداد كوارثه وتتفاقم.

ليس من المؤكد أن تؤدي هذه العملية ما نرجوه منها بنسبة 100%، إلا أن شبح بنغازي سيتيقن حتما من أن القبض عليه في نهاية الشارع الذي فعل فيه فعلته الشنيعة لا يقل بحال عن نسية 100%. وعندها ستهزم بنغازي سفاحها القزم، كما هزمت من قبله السفاح العملاق.

هيا جربوا، فتكاليف إجراء هذه التجربة أهون بكثير من تكاليف الامتناع عنها.

محمد عبد الله الشيباني



ليست هناك تعليقات: