الاثنين، مارس 24، 2014

يا دعاة الفيدرالية


يا دعاة الفيدرالية المريبة، "التهميش" حجة داحضة معيبة

أزال الهامش العملاق الذي صنعته الدكتاتورية في ليبيا، والذي امتد عبر الزمان مدى العقود، وانتشر عبر المكان على طول فضاء ليبيا الممدود، كل شك في أنه خطة دكتاتورية متقنة، تم وضعها لتستغرق العمر الافتراضي للحكم الدكتاتوري، ثم تتجاوزه كي تغطي فترة انسحابه من المشهد وتلاشيه.

الهامش الواسع العميق الذي صنعه النظام الفاسد المنتهية صلاحيته والمتجاوز عمره، هو هامش واضح المعالم بيِّن الحدود، قد خَطته يدٌ جعلت بصمتها الفريدة لونا وحدا مميزا لذلك الهامش، كما جعلت من سلطة الحديد والنار التي تمتلكها أداتها الوحيدة لغرز ذلك الهامش الشيطاني البغيض في الكيان الليبي الغض.

في 69.9.1 وبمبرر الثورة والتغيير، تم وضع اللبنة الأولى والأهم في جدار ذلك الهامش، وذلك عندما استغل ملازم مغمور نومَ الليبيين وغيابَ مَلكهم، فنفذ عملية قرصنة واستيلاء على أداة الحكم دون مشاورة أحد من الملايين النائمة، عدا عن بضع عشرات من الذين شاركوه أعظم وأكبر عملية تهميش لإرادة شعب بكامله واختزالها في إرادة قرصان ليلي ماكر مباغت.

وبعد سنوات قليلة اطمأن خلالها القرصان إلى استقرار جذور هامشه وتخلله إرادة الليبيين، قام هذا القرصان بتعلية سور هذا الهامش بلبنات ما سماه ثورة ثقافية، وهي الثورة التي جعلت من ليبيا كلها؛ من الجبل الأخضر الشرقي، إلى جبل نفوسة الغربي، إلى أطراف صحرائها الجنوبية جزيرة معزولة عن العالم، وذلك في وقت شرع فيه هذا العالم في بناء قريته الواحدة.

وتستمر أعمال بناء وتعلية وتعميق هامش الدكتاتورية حتى وصل ذروته بإعلان الجماهيرية التي توهم صاحبها حصوله على صك الحصانة والتميز بمجرد إعلانها، بل وإحراز لقب مخلص ومحرر الشعوب من قيود وأغلال الديمقراطية التي استبدلها للتو بما سماه سلطة الشعب ونظام الجماهيريات.

تلك هي أبرز مكونات جدار التهميش السياسية التي صنعتها الدكتاتورية مستهدفة منها العالم كله، فضلا عن ليبيا شرقها وغربها. أما مكونات جدار التهميش الأخرى كالاقتصادية مثلا، فإن ما يعرفه جميعنا عن قانون المرتبات المعروف، والذي يمر من تحت مسطرته الحادة السواد الأعظم من الليبيين، ينفي كل شبهة في أن التهميش الاقتصادي لم يستثني أي ليبي باستثناء أعوان القرصان وتنابلته. 

وإذا ما شئنا تفحص الكلاليب الأمنية لهامش الدكتاتورية ذلك، فإننا لن نبذل كثير جهد حتى نتيقن من أنه ما من ليبي إلا ووضعته تلك الكلاليب في مرمى نظرها الحاد، وجمدته في نطاق مدى يدها الذي تجاوز الحدود السياسية للدولة الليبية وامتد خارجها مرهبا ومطاردا وحتى قاتلا.

كلاليب هامش الدكتاتورية وهي تغذي نهم صاحبها في بناء مجده الموهوم، طالت الليبيين كلهم، وذلك عندما ساقتهم جميعا إلى ساحات الحرب التي صنعها الدكتاتور في أوغندا وتشاد وغيرها، وحيث لم تستثن أحدا في شرق البلاد أو غربها أو جنوبها.

وبعد، وبذكاء ونظر بسيطين، يمكننا أن نرى فوق بياض حسن نية بعض دعاة الفيدرالية جراثيم سوداء واضحة غابت عن نظر أولئك الدعاة، وهي جراثيم تشي بتغير صفات فيروس التهميش الدكتاتوري الأصلي، وتحولها كي تتمكن من إكمال مهمتها وهي مهمة تغطية سقوط الدكتاتور صانع التهميش ومبدعه.

الذي يجري الآن من تحالف مريب بين دعاة الفيدرالية والمستولين على الموانئ النفطية خير دليل على نجاح فيروس التهميش في تغيير ملامحه وخطة عمله، وذلك وفاء بوعد الدكتاتور في جعل ليبيا كلها جمرا.

محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: