هل حقا نحن لا يسمع بعضنا بعضا، ولا يراه؟!
رغم كل هذه الأصوات الكثيرة التي أعلينا بها عقيرتنا حدَّ الضجيج، وملأنا بها أثير إذاعاتنا وقنواتنا حدَّ التخمة، ثم أذبنا ما تبقى منها ليسيل وديانا من مداد أغرق السطور وما بين السطور!
ذلك كله لا يختلف عليه اثنان؛ كما أن الذي لا يتفق عليه اثنان، هو أنه ما من ليبي يسمع الآخر، وهو يعلي صوته بأثقل الكلام، وأخطر الكلام؛ الكلام عن حال الوطن، وعن مصير ليبيا، ومواطني ليبيا؛ الموجودين، والقادمين!
من الجلسة العائلية الصغيرة، إلى طاولة المقهى، إلى رصيف الشارع، إلى حوار إذاعي، إلى مناظرة تلفزية، إلى مناقشة وزارية، إلى مداولة برلمانية؛ أطنان من الكلمات المتفجرة تقذف بها مدافع الليبيين المتقابلين في ساحة حرب الكلمات الضروس الدائمة ليل نهار، والتي لم يسفر سجالها الحاد عن شيء سوى عن أكداس من أشلاء الكلمات المصابة كلها بالرصاصة الوحيدة المتكررة القاتلة؛ رصاصة صمم المسامع!
رصاصة صمم المسامع تلك، هي المتهم الوحيد وراء كل جرائم وأد الكلمات وتساقطها، ودليل ذلك هو أننا، ورغم حرب الكلمات الدائرة على مدى العامين وزيادة، لم نسمع بأي من هؤلاء الليبيين المتحاربين، هاله ما سمع من الآخر من أخبار مرعبة، وتساؤلات ملحة، وتصورات مخيفة، واتهامات صريحة عنيفة؛ فاستوثق مما سمع، ووضع يده في يد مخاطبه ومحاوره، وربما متهمه ومجرمه، وذلك من أجل إزالة كل غموض، والشروع فورا، وبجهد مشترك وروح رياضية، في إزالة الشكوك، ودحض الاتهامات، وتسوية الحسابات، وتصفية الأجواء، وبعث الثقة، وصف الصفوف. لم يحدث شيء من ذلك كله!
الناظر من بعيد إلى حال الليبيين، لا يجد وصفا يمكن أن يوصف به الليبيين، أكثر وضوحا من أن الليبيين مجموعة من الطرشان والعميان يتخاصمون!
حقا لا أحدا منا يسمع الآخر بالقدر الذي يسمح بكامل الاستيعاب، والقدرة على رد الجواب! وإلا فما هو سبب تداول نفس الكلام واجتراره، وتجدد نفس الاتهام المتبادل بين فريق وفريق وتكراره؟!
إن ما ذكرت عاليه محاولة متواضعة لتشخيص الحالة؛ فما هو يا ترى علاجها؟
الجواب:
خطوة إلى الوراء، وبعض الصمت، والشروع في إيقاد الشمعات، والتوقف عن لعن الظلمات.
ــ الرجوع خطوة إلى الوراء، والتوقف عن عادتنا السيئة في رش وجه من نحدثه برذاذ لعابنا.
ــ عندما نرجع إلى الوراء قليلا، سنرى بعضنا ببانوراما أوسع، تضطرنا إلى الصمت بعض الوقت من أجل تجديد الإحداثيات، وإعادة ضبط المؤشرات.
ــ ليس لدي أدنى شك في أن الرجوع إلى الوراء خطوات، سيسمح بالتقاط الأنفاس المؤدي إلى إخماد جمر النعرات، والتوقف عن لعن الظلمات، وإيقاد الشمعات، ومن تم رؤية بعضنا بعضا بحقيقة ما عليه كل منا من صورات، وليس هناك من صورة تعبر عنا أصدق تعبير من صورة مواطني ليبيا!
عند هذه الحالة فقط سوف يسمع بعضنا بعضا، وسيتحول حديثنا من حديث طرشان إلى تناصح إخوان، من أجل بناء الأوطان.
محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com
رغم كل هذه الأصوات الكثيرة التي أعلينا بها عقيرتنا حدَّ الضجيج، وملأنا بها أثير إذاعاتنا وقنواتنا حدَّ التخمة، ثم أذبنا ما تبقى منها ليسيل وديانا من مداد أغرق السطور وما بين السطور!
ذلك كله لا يختلف عليه اثنان؛ كما أن الذي لا يتفق عليه اثنان، هو أنه ما من ليبي يسمع الآخر، وهو يعلي صوته بأثقل الكلام، وأخطر الكلام؛ الكلام عن حال الوطن، وعن مصير ليبيا، ومواطني ليبيا؛ الموجودين، والقادمين!
من الجلسة العائلية الصغيرة، إلى طاولة المقهى، إلى رصيف الشارع، إلى حوار إذاعي، إلى مناظرة تلفزية، إلى مناقشة وزارية، إلى مداولة برلمانية؛ أطنان من الكلمات المتفجرة تقذف بها مدافع الليبيين المتقابلين في ساحة حرب الكلمات الضروس الدائمة ليل نهار، والتي لم يسفر سجالها الحاد عن شيء سوى عن أكداس من أشلاء الكلمات المصابة كلها بالرصاصة الوحيدة المتكررة القاتلة؛ رصاصة صمم المسامع!
رصاصة صمم المسامع تلك، هي المتهم الوحيد وراء كل جرائم وأد الكلمات وتساقطها، ودليل ذلك هو أننا، ورغم حرب الكلمات الدائرة على مدى العامين وزيادة، لم نسمع بأي من هؤلاء الليبيين المتحاربين، هاله ما سمع من الآخر من أخبار مرعبة، وتساؤلات ملحة، وتصورات مخيفة، واتهامات صريحة عنيفة؛ فاستوثق مما سمع، ووضع يده في يد مخاطبه ومحاوره، وربما متهمه ومجرمه، وذلك من أجل إزالة كل غموض، والشروع فورا، وبجهد مشترك وروح رياضية، في إزالة الشكوك، ودحض الاتهامات، وتسوية الحسابات، وتصفية الأجواء، وبعث الثقة، وصف الصفوف. لم يحدث شيء من ذلك كله!
الناظر من بعيد إلى حال الليبيين، لا يجد وصفا يمكن أن يوصف به الليبيين، أكثر وضوحا من أن الليبيين مجموعة من الطرشان والعميان يتخاصمون!
حقا لا أحدا منا يسمع الآخر بالقدر الذي يسمح بكامل الاستيعاب، والقدرة على رد الجواب! وإلا فما هو سبب تداول نفس الكلام واجتراره، وتجدد نفس الاتهام المتبادل بين فريق وفريق وتكراره؟!
إن ما ذكرت عاليه محاولة متواضعة لتشخيص الحالة؛ فما هو يا ترى علاجها؟
الجواب:
خطوة إلى الوراء، وبعض الصمت، والشروع في إيقاد الشمعات، والتوقف عن لعن الظلمات.
ــ الرجوع خطوة إلى الوراء، والتوقف عن عادتنا السيئة في رش وجه من نحدثه برذاذ لعابنا.
ــ عندما نرجع إلى الوراء قليلا، سنرى بعضنا ببانوراما أوسع، تضطرنا إلى الصمت بعض الوقت من أجل تجديد الإحداثيات، وإعادة ضبط المؤشرات.
ــ ليس لدي أدنى شك في أن الرجوع إلى الوراء خطوات، سيسمح بالتقاط الأنفاس المؤدي إلى إخماد جمر النعرات، والتوقف عن لعن الظلمات، وإيقاد الشمعات، ومن تم رؤية بعضنا بعضا بحقيقة ما عليه كل منا من صورات، وليس هناك من صورة تعبر عنا أصدق تعبير من صورة مواطني ليبيا!
عند هذه الحالة فقط سوف يسمع بعضنا بعضا، وسيتحول حديثنا من حديث طرشان إلى تناصح إخوان، من أجل بناء الأوطان.
محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق