الخميس، يونيو 05، 2014

قلوب مشتتة

قلوبٌ مشتتة .. بأس بيني .. ثقب أسود!

تجد البأس البيني المفزع، والقلوب المشتتة في كل مكان؛ على الرصيف، وفي وسط الشارع، وبين المشاة وسائقي العربات، وفي الأسواق، وفي المقاهي، وفي الأماكن العامة، وبين الكتائب بألوانها ومشاربها المتعددة. ثم تعلو قليلا حيث الإعلام وقنواته لترى على صفحة مرآته صورة بانورامية مخيفة للكوكب الليبي المنفلت من مداره البشري الحضاري، والسبب دائما هو قلوبنا المشتتة والبأس الذي بيننا، حيث تجمعت وتكاثفت تورمات تلك القلوب المشتتة والبأس البيني دافعة الكوكب الليبي وبقوة نحو مدار البارود والدم والمأساة، ذلك المدار الواقعة على خطه سلسلة دول نادي البؤس من افغانستان وحتى الصومال مرورا بالعراق وسوريا واليمن، وهي الدول التي تدور حاليا دون فكاك في مدار ثقب أسود هائل من دم وبارود وموت.

الصورة القاتمة عاليه بسرياليتها الساذجة رسمها دخان العادم لماكينة القلوب المشتتة والبأس البيني الشديد الضخمة العليا؛ حيث الكائنات المتنافرة العملاقة من وزراء ورؤساء وزراء، وحيث البأس البيني يتعاظم، والقلوب المشتتة تتزاحم كلما اتجهنا إلى الأعلى، ليصل المشهد إلى ذروته في المؤتمر الوطني حيث جسم المفاعل الذري العملاق المنتج للتسوناميات المتلاحقة من البأس والتشتت .

الصورة المعتمة عاليه تستوجب الندم من قبل أولئك الذين ساهموا في صنعها، ولو بالسكوت عن المنكر والاكتفاء بمشاهدة الحريق، ولكن ندم أولئك لا يفيدنا شيئا. المفيد هو أن تظهر هذه الصورة بكل أبعادها المخيفة وألوانها المفزعة أمام أعين وأفهام الفريق القادم الذي سيسير البلاد من حكومة انتقالية وبرلمان.

يتوجب على حكومة معيتيق إن قُدِّر لها تجاوز مرحلة الولادة المتعسرة التي تمر بها، الدفع بطاقتها القصوى نحو كوابح إيقاف الحركة المعيبة لكوكبنا الليبي المنفلت، والدفع به نحو مدار جديد يبعده عن المدار القاتل الحالي، ويدفع به نحو مسار آمن ينقذ ليبيا وشعبها من أنياب مدار الدم والبارود، تلك الأنياب التي بدهائها ووحشيتها فضلت أن تكون بروفتها الأولى في نفس المكان الذي نجحت فيه ثورة فبراير، وهي ضربة معنوية محكمة
لها مدلولاتها.

تمت البروفة الأولى بنجاح، وطابقت العينات المرفوعة من هناك نظيرتها التي تمتلئ بها مدارات الدم والبارود من أفغانستان حتى الصومال مرورا باليمن وسوريا والعراق، وأصبح الطريق ممهدا نحو القذف بليبيا في فوهة الثقب الأسود. 

الراشدون والخيرون من أمراء الكتائب والقبائل مدعوون الآن بحرارة لا تقل عن درجة حرارة بنغازي المحترقة، من أجل مساعدة الحكومة الجديدة والبرلمان القادم، وذلك فقط بإبداء بعض الليونة التي تخرج المحرك الحكومي من حالة التلبك والتوقف الحالية.

الراشدون والخيرون من نخب التيار الإسلامي المعتدل القادرون على الوصول إلى قيادات التيارات الإسلامية المتشددة والتي تورطت مؤخرا في حرب مع أبناء الوطن والدين، مطلوب منهم المسارعة إلى إخوانهم في اللون الأيديولوجي، ودفعهم إلى إعادة حساباتهم بما يضمن تحريك مدار ليبيا الحالي عن مدار الدم والبارود المفضي إلى الثقب الأسود، والذي تتزاحم على فوهته دول نراها تحترق وتتحطم كل يوم.

الحفرة التي تحت أقدامنا واسعة وعميقة، حتى أنها تجعلنا نقذف بكل منظار وكتاب!

محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com
http://libyanspring.blogspot.com
https://www.facebook.com/moh.a.shebani

ليست هناك تعليقات: