الثلاثاء، يوليو 19، 2011

القائد حرب وشطرنج، ........


القائدُ.. حرب، وشطرنج، وسودوكو، وغُميضة  

أتوقع بعد فراغكم من قراءة هذه المقالة، قيامكم بالمطالبة ببقاء القائد الفذ، والحاكم المتميز، على كل من سواه من حكام، القذافي. ذلك لأنه الحاكم الوحيد الذي يثحكم ولا يحكم، كما أنه القائد الوحيد الذي يتميز بإجادته أربع لعب خطيرة في وقت واحد!

أجل؛ فقائدنا يحاربنا، ويلعب الشطرنج، ويحترف السودوكو، ويمارس الغميضة.

كيف هذا. يا هذا؟

أما عن قيام القذافي بشن أكبر حرب على الليبيين في بلدهم، وذلك بعدما حكمهم أكثر من أربعين عاما، فهو أمر شهدت به السماء والأرض.

كما أن قيام القائد بلعب الشطرنج أثناء تلك الحرب، فهو مشهد ظهر بالصوت والصورة، بل وشهد على ذلك النادي الدولي للشطرنج، ممثلا في رئيسه، والذي قام بنفسه بمبارزة فارس الشطرنج الذي لا يقهر.

وأما قيام القائد بإدمان لعبة السودوكو التي تعتمد اعتمادا كاملا، كما هو معروف، على الأرقام لحل أحاجيها، وكذا إتقانه للعبة الغميضة، التي يمارسها هذه الأيام، فهو ما سأقوم بالدندنة حوله في مقالتي هذه.   

في مثل هذه الأوقات من العام الماضي، 2010، كان قائد الأوهام المفتون حتى الهوس بملهاته الأثيرة، لعبة العبث بالأرقام، منخرطا حتى شوشته في تحريك أصابع يديه وربما قدميه، قابضا وباسطا لهم، المرة تلو المرة، مستخدما ذكاءه الفطري المخجل، ومنتشيا بوهم ثقافته البدائية البائسة، وذلك لا لشيء إلا للخروج على العالم بتوليفة رقمية مثيرة ولافتة للنظر. مثال 3×3 ــ 2010 .
ولتحقيق ذلك سخّر القائد إمكانيات ليبيا كلها، واستخدم كل الطرق الممكنة من أجل الزج بعدد من رؤساء الدول، ترغيبا وترهيبا، وتمكن أخيرا من استدعائهم، وعقد ثلاثة مؤتمرات قمة في طرابلس المسكينة، وفي زمن قياسي، ربما كان ثلاثة أشهر، أو يزيد قليلا.

كل الذي يهم القائد من وراء هذه المؤتمرات هو بناء مجده السياسي الكاذب، وإشباع عادته الشاذة القديمة، التلهي بالأرقام، وصياغة توليفات مثيرة منها.
3×3 ــ 2010. أليست توليفة جميلة.

بلى هي كذلك، فعقد ثلاث مؤتمرات قمة، خلال ثلاثة أشهر، هو بحق في منتهى الروعة. غير أن واقع الحال ليس كذلك، ذلك أن هذه المؤتمرات التي تم تسخير إمكانيات الدولة الليبية المهدورة من أجل تنفيذها، وبسفاهة ظاهرة، لن ترضي أو تفيد الشعب الليبي بحال، وإن أرضت القائد الأممي، وزخرفت  بنيان مجده الوهمي.

انشغل عنا قائدنا الوحيد وحاكمنا الأوحد في الصيف الماضي، كما هو ديدنه في كل فصول السنة، وتفرغ لاستقبال ضيوفه القمَمَيين الكبار. كما انخرط إعلامه الشخصي المتخلف الرخيص في النفخ في هذا الحدث الأعجوبة، حدث انعقاد القمم المتعددة في وقت قياسي، ممارسا علينا مَنـَّه المستفز المعهود، مرهقا أسماعنا بتعداد إنجازات القائد الأسطورة، وقدراته الخارقة.

وفي الوقت الذي كان فيه القائد مستمتعا بملهاته الرقمية، مؤتمرات القمة المتعددة في أشهر معدودة، ويحضر لأعراس مجده الثلاثة بإجراء البروفات المكلفة، والتي تؤمن تنفيذ هذه الأعراس الكونية، بالطريقة التي تليق بالقائد ومجده، كانت طرابلس المسكينة وساكنوها، يعانون أشد المعاناة من قفل للطرق دون مبرر، وما ينتج عن ذلك من تعطيل لأعمال الناس، وتعرضهم لإجراءات أمنية صارمة، ألقت بظلالها المرعبة على مشاعرهم، وربما ألحقت أضرارا مادية جسيمة ببعضهم، وذلك بسبب الحواجز الأمنية المرعبة التي قفلت عليهم أبواب رزقهم، وقطعت لهم طرقهم. ويجلس من نجا من أولئك المواطنين المساكين بعد انتهاء هذه الأعراس المترحة، ويسأل نفسه عن جدوى عقد هذه المؤتمرات القممية، وما يعود عليه من نفع من وراء ذلك، وسرعان ما يجد الجواب: لا فائدة ملموسة، سوى تلهي العقيد المريض بعادة العد وتصفيف الأرقام التي أدمنها. أما الخسارة فمؤكدة وباهظة ومحسوسة.

إن إدمان اللعب بالأرقام، قديم في جماهيرية القذافي السحرية، فما من حدث صغر شأنه أو عظم إلا وربطه العقيد الثائر بلعبة الأرقام.

" 1/9 " .. لا يفتتح مصنع أو مشروع أو غيره إلا في يوم 1/9، ولو أدى ذلك إلى إلحاق الضرر بالمصنع وزيادة تكاليف تأسيسه وصيانته. ولا يستعمل طريق تم رصفه إلا بحلول 1ــ9 ، ولو بقي هذا الطريق مقفلا الشهور الطوال منتظرا دوره.

" 7/7/77 " .. تم تحديد هذا التاريخ ذي الرقم المميز بتكلف وتعمد واضح وفاضح، وحدد كموعد لالتحاق الدفعة الأولى من التجنيد الإلزامي، وكذا تم تحديد موعد التحاق الدفعات الأخرى، وبتوليفة رقمية مثيرة، تتكرر فيها الأرقام، وتظهر على شكل لافت.

" 1000000 " جندي. شغل هذا الرقم القائد الضابط طويلا، وجعله نصب عينيه، وسخر كل إمكانيات الدولة من أجل الوصول بعدد المجندين إلى هذا الرقم، ولو أدى ذلك إلى إيقاف عجلة الاقتصاد، وتشريد الأسر، وتحطيم مستقبل الشباب بسبب توجيههم قسرا إلى معسكرات التدريب العسكري سيئة الصيت. بل ولو أدى ذلك إلى تحويل المدارس إلى ثكنات، والفتيات المحجبات إلى مجندات متبرجات.   

" 9-9-99 " من منا لا يعرف هذا الرقم الأيقونة، وكيف تكلف القائد وتعسف، بل وحاول التحكم في سرعة دواليب الأرض، وتطويع العدادات الكونية لليل والنهار من أجل ترويضها لتتوافق مع ما يدور في خيال العقيد المريض عن شكل توليفة تاريخ انعقاد أحد مؤتمرات القمة الأفريقية، كما لو أنه ساحر أو مشعوذ اشترط عليه شيطانه التقيد بطلاسم رقمية محددة لينفذ له ما يريد. وكان للقائد وشيطانه ما أراد، واحتل هذا الرقم مكانه في قائمة الطلاسم الرقمية الكثيرة للعقيد الرقمي العجيب، بل تم وضع هذا الرقم على ذيل طائرات الأيرباص الحديثة التي اقتنتها الشركة الأفريقية للطيران، وطار هذا الرقم الذي اخترعه العقيد الحكيم، فوق السحاب، وليطوق الكرة الأرضية الواسعة الشاسعة.


عندما كان القائد، مهندس النهر الصناعي العظيم، منهمكا في تنفيذ لعبته وملهاته المكلفة، النهر الصناعي، أرهق أسماعنا وعقولنا بسرد القوائم الطويلة عن الأرقام المتعلقة بطول الأسلاك الحديدية المستعملة في صناعة أنابيب النهر العظيم، والتي تطوق، كما حسبها العقيد الرقمي بسلامات أصابعه، الأرض آلاف المرات. والأمر نفسه ينطبق على مواسير ضخ المياه الممتدة لآلاف الكيلومترات، وكذا أحواض الماء العملاقة، والتي لاتساعها تنزل القمر كل ليلة وتستحم فيها، وغير ذلك من أعداد وأرقام فلكية تدهش السامع وتحيره، وفي مرات كثيرة تنتزع منه ابتسامة ساخرة دون أن يدري.

لم يفوت القائد أية فرصة من شأنها إشباع نهمه الرقمي الشاذ إلا واغتنمها، غير أنه لم يتطرق أبدا إلى الكثير من الأعداد المثيرة الأخرى من مثل؛ هزيمة جيش جماهيري تعداده مليون جندي، بطائراته ودباباته، أمام جيش دولة فقيرة، كتشاد مثلا، وكذا الأرقام المخجلة عن دخل المواطن الليبي المهضوم، وتدني مستوى معيشته، أو تلك المتعلقة بمؤشرات صحته ، وأمنه، ومستوى شفافية الحكومة التي تحكمه، وكذلك أرقام الفساد التي لامست السحاب، وغير ذلك كثير. وإذا صادف ووقع القائد في رقم مطب من مثل هذه الأرقام، يبادر بدهائه ومكره المعهود، ويجعل هذه الأرقام السلبية دليلا على أن القائد المنظر سابق لعصره، وأن الشعب الليبي هو الذي عجز عن استيعاب نظام الحكم الجماهيري البديع.  

وغالب ظني أن لدى القائد كنز رقمي آخر مثير يستمتع به منفردا عندما يخلو لنفسه، أو في خيمته، وهو يسامر أفراد عصابة تلك الخيمة، ومن بين تلك الأرقام القياسية المثيرة الكثيرة، تمكن القائد محرر الشعوب، وخلال ساعتين فقط لا غير، من ذبح 1200 مواطن ليبي، يحمل كل واحد منهم السلطة والثروة والسلاح. حقا إنه رقم مثير ومرعب ورهيب، ولكنه، ويا للآسف، غير قابل للنشر كغيره من أرقام مفزعة عديدة يعرفها جميع الليبيين.

القائد الرقمي في هذا الصيف، صيف 2011، يحيا أجواء مخالفة تماما لما كانت عليه في صيف عام 2010، ولكنه لم ينس عادته الأثيرة، العبث بالأرقام، وانهمك المسكين في تحريك أصابع يديه ورجليه، ممارسا نفس اللعبة، غير أنه هذه المرة يقوم بالعد التنازلي لنهايته، كما يعد وبمرارة بالغة تساقط مساعديه القدامى،  ووزرائه، وضباطه، وكذا أصدقائه رؤساء الدول، والذين تفرقوا عنه، وتبرءوا منه، عندما اكتشفوا أن من كان مضيفهم في العام الماضي، لا يعدو كونه قرصانا اختطف قطعة أرض اسمها ليبيا، وسجن أصحابها، وعقد مؤتمرات القمة من أجل إضفاء الشرعية على عملية اغتصابه المفضوحة.

أدرك مريدو القائد أن قائدهم في ورطة، وأنه في حاجة ماسة لممارسة ملهاته القديمة، العبث بالأرقام، وأنه يجب عليهم إحضار ما يسلي القائد لا ما يبكيه، فقاموا بسوق القطعان البشرية إليه، وأجلسوه في مكان معد بإتقان، ومزود بوسائل تعمية بصرية متقدمة جدا، بحيث يرى القائد من خلالها أعداد أصابع يديه العشرة مائة، وكذا يرى أصابع رجليه وأعضاء أخرى من جسده، كما أنه يرى المسيرة المئوية مسيرة ألفية، والمسيرة الألفية مسيرة مليونية، وهكذا.  
أفلح سماسرة البشر في مهمتهم الخبيثة، ووجد القائد ضالته في عدِّ تلك القطعان البشرية، وأمسك بقلمه وورقته وأخذ يقوم بتلك العملية المجهدة اللذيذة، عدِّ رؤوس الأنصار، المجلوبين بالدينار، وأخبرنا في ليلة مسيرة الزاوية المزعومة، بأن إجمالي عدد أنصار صانع عصر الجماهير، بلغ ستة ملايين إلا عشر المليون!

وبذكاء القائد الفطري المعهود، تمكن من استنباط عدد الخونة والمأجورين والمتآمرين، هناك في الجبل الأخضر، وفي بنغازي، واجدابيا، ومصراتة، والجبل الغربي، وغيرهم، والذين لا يتعدون وفق عدادات العقيد الرقمي الصدأة بضع عشرات الآلاف لا غير. ومرة أخرى يستخدم القائد الحكيم ذكاءه الفطري لاستباق حل اللغز الصعب: أين يذهب هؤلاء المنشقون؟ وأين يختبئون من العقيد المارد.

ولأن القائد يمارس هذه الأيام لعبة أخرى إلى جانب لعبة العد وفوازير الأرقام، ألا وهي لعبة الغميضة المسلية، والتي تفنن فيها العقيد المطارد أيما تفنن، وذلك بسبب مطاردة أبابيل السماء، وأولياء الدماء له هذه الأيام، وهو ما جعله يدرك وبذكائه الفطري المضحك المكان الوحيد الملائم لاختباء هؤلاء المارقين، وأي مكان أفضل من اسطنبول، التي، ويا لضلال العقيد وخيبته، ينعقد فيها مؤتمرا عالميا للبحث عن مكان يتسع لطمر جثة القائد الأممي الذي يلعب ويتقن لعبة الحرب والشطرنج والسودوكو والغميضة، في وقت واحد، أيما إتقان.

  محمد الشيباني
aa10zz100@yahoo.com

الجمعة، يوليو 15، 2011

تفخيخ طرابلس .


صدق مارغيلوف، أو كذب .. أكد البغدادي، أو نفى.
ذات مرة، وأنا أشاهد شريطا وثائقيا عن الضواري وحالها في غاباتها، لفت نظري مقالة المسئول عن الغابة، وهو ينصح أحد زوار هذه الغابة، والذي يبدو أنه اقترب أكثر مما يجب من أحد الأسود، ناظرا إليه بشيء من البراءة، فقال مسئول الغابة للزائر محذرا: إن هذا الأسد الذي أمامك، إنما ينظر إليك باعتبارك قطعة من لحم، يتوق إلى التهامها، لا أكثر ولا أقل.

تراجع الزائر بمجرد سماعه هذا التحذير المرعب، وأخذ ينظر إلى الأسد خائفا مرعوبا، بل بدا له وكأنه آلة فرم لحم، لا تفرق سكاكينها عند دورانها بين جيفة حيوان نافق، ويد إنسان رومانسي امتدت خلال القضبان برفق لتربت على رقبة الحيوان المسكين السجين، مستنكرة ما يمارسه الحراس الأشداء من غلظة تجاه الحيوانات القوية الضارية.

كان الكثير منا، وربما بعضنا لا يزال كذلك، ينظر إلى القذافي على أنه كبقية الحيوانات البشرية الأليفة، إذا شبع سكت جوعه، وإذا حكم أربعين عاما وهرم تعب وكل ومل وسهلت إزاحته.

هذا رأي قاصر لا يزال يحمله، بكل أسف، بعض الناس عن القذافي، وهو يقابل نفس الرأي الذي كان يحمله زائر الغابة عن ذلك الأسد المسكون بوحش الجوع، وذلك قبل سماعه تنبيهات وتحذيرات من يعرف ذلك الوحش حق المعرفة، ويعرف سلوكه العدواني القاتل عندما يجوع.

الذين تمكنوا من رؤية القذافي عن قرب، وهو مسكون بنزعة حب التسلط والكبر والحقد والخوف من الآخر، أدركوا قبل غيرهم خطر ذلك الوحش الضاري.  

رأوه هؤلاء مرة، وهو يذهب غاضبا حانقا من مكان احتفال بإحدى كليات جامعة طرابلس، وذلك بعد اكتشافه عدم قيام مريديه الثوريين بالواجب، وخلو مكان الاحتفال من طقوس الشنق المتعارف عليها في الأعياد الابريلية المقدسة. وحرصا من الابريليين على مشاعر قائدهم، قاموا، وبسرعة البرق، بإحضار أحد القرابين المحتفظ بها في الأمكنة المخصصة لذلك، وتمت الطقوس الابريلية الثورية الجماهيرية البديعة كما يحب القائد ويرتضي.

كما رأوه مرة أخرى، وهو متكئ على أريكته، في خيمته المكيفة، يصدر أوامره بقتل جرحى الحروب اللامقدسة التائهين في الصحراء المحرقة.

ورأوه مرة ثالثة، وهو يصدر أوامره بقتل ألف ومائتين سجين، توزعوا بين صبيان وشباب صغار، وآخرين أطلق عليهم سجانوهم مجموعة السجناء الأبرياء، وآخرين شيوخ ومرضى لا قوة لهم ولا حيلة.

صدق مارغيلوف أو كذب. أكد البغدادي أو نفى. كل ذلك لا يهم، أمام الحقيقة الواضحة وضوح الشمس، والتي لا يخفيها صاحبها، القذافي نفسه،  ولا يواريها، كما لا يجهد سامعها في تأويلها البتة.

ألم يصرح القذافي، في خطابه المشهور، "زنقة زنقة"، أنه سيجعل ليبيا، كل ليبيا، قطعة من جمر. وما طرابلس إلا جزءا من هذا الجمر الذي ينفخ فيه القذافي السنين الطوال، بل هي بؤرته.

نحن أهل طرابلس وساكنوها، نعلم علم اليقين الشعور العدائي الذي يكنه القذافي نحو طرابلس، ونتوقع منه ما قاله مارغيلوف وأكثر، ونوكل أمرنا وأمر طرابلس المختطفة المغتصبة إلى جبار السموات والأرض الذي ابتلى طرابلس بهذا الدخيل الحقير، وعصابته المتخلفة الحاقدة الجاهلة.

السؤال الملح، هو: كيف فهم الموالون للقذافي، على قلتهم، والذين بالقطع هم ليسوا بطرابلسيين؛ لا مولدا،  ولا نشأة، ولا هوى. وإنما هم طرقوا، ولبعض حاجتهم، باب طرابلس ذات يوم، ففتحت لهم طرابلس وأهلها القلوب قبل الأبواب، ولم تشعرهم طرابلس أبدا بغربتهم، رغم ما يصدر عنهم من همز ولمز فيها وفي أهلها، وكذا ما يبدونه من اعتداد واعتزاز مستفز بباديتهم ونجوعها، وخاصة بعد تحطيم الراعي لتاج الملك، وانتصار الخيمة على القصر.

ترى ما الذي سيفعله هؤلاء، عندما يدخل الثوار طرابلس؟

غريزيا، سيقوم هؤلاء بصد الثوار بكل ما في أيديهم من سلاح خصهم به معبودهم( معمر وبس)، وكذا بكل ما في قلوبهم من حقد وغل. وسيجعلون من سكان طرابلس المحايدين دروعا بشرية، لاعتقادهم أن المحايد في ظروف كهذه لا يختلف كثيرا عن العدو.

أما تكتيكيا وتنظيميا، فغالب الظن أنهم لا يعلمون ما يدبر لهم محبوبهم من مكائد تشيب لهولها الولدان.

"يا نفس دونك صاحبك".

هكذا يقول ويصرح القذافي كل يوم، ولكن هات من يستمع ويعي!

أجل. القذافي يقول، مشيرا بسبابته إلى جمهور الموالين المغفلين: أنتم درع الثورة التي صاحبها معمر وأهله ولا أحد سواه. أنتم أسلحة الدفاع الجوي. أنتم الألغام التي ستنفجر إذا وطأ حمى عرين العقيد أحدٌ ما.

كم أنت واضحٌ أيها العقيد المريد!

وكم نحن طيبون أغبياء!

وكم أنتم، يا من لا زلتم، لا تفرقون بين لون ورائحة الدم الذي يهرقه القائد  القاتل في كل مكان، ورائحة ولون العصائر التي يسكبها لكم مضيفكم القائد  المخادع الغرور على مآدب ابتزازه الفطري المفضوح، ليشتري بذلك الثمن البخس غفلتكم، وسويعات انتظاركم في فناء المسلخ، ومن بعد ذلك جماجمكم التي سيعبر عليها هو وأولاده وأحفاده، ثم ينسفكم بعد ذلك ويحرقكم، ويحرق طرابلس معكم.

قد أسمع حارسُ  الغابات  إذ  همس 
              وأدرك  الخير  مَنْ   بالهمس  يلتزمُ
وصوتنا   بُحّ   إنذارا   لمن   لمسوا 
              أنيابَ   ذئبٍ   وقالوا  الذئب   يبتسمُ

لكِ الله يا طرابلس.

لا عذر لكم أيها السفهاء الحقراء.

محمد الشيباني
aa10zz100@yahoo.com

                   

الخميس، يوليو 14، 2011

رمضان بدونك أجمل




رمضان أقبل،
         وبدونك أجمل،
                   يا هذا فارحل.

لو اكتفيت في مقالتي هذه بهذا العنوان، عاليه، لكفاني. أما لو كنت أكثر سخاء وكرما، وربما إثارة وشقاء، ووضعت تحت هذا العنوان المحرك للشجون، والنابش للذكريات الكثيرة الموجعة عبارة: "القذافي نازع البركة من الأشياء ومن الزمان ومن المكان"، لكفَّت هذه العبارة ووفَّت، ولأرحت نفسي وأرحتكم.

تُرى هل يُنعم علينا ربنا، فيذهب الطاغية القذافي، قبل أن يجيء رمضان، وينزع مشرط القدر القاهر الجبار ذلك الورم القذافي الخبيث المتجذر فينا مع كل التصاقاته التي لا تزال متشبثة به، رغم بلوغه المرحلة الأخيرة من مراحل حياته الخبيثة، فنعيد على الفور، ودفعة واحدة، حياتنا التي اغتصب هذا القرصان اثنين وأربعين عاما من أعوامها الغالية، ونعيد معها رونقها الضائع، وبهجتها المغتالة، وصفاءها الذي نغَّصه علينا هذا المخلوق الشقي الأثيم.

تُرى هل يكرمنا الله هذا العام، ونقف مع أفول شمس يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، ونطلق أعيننا في السماء التي ستكون أكثر اتساعا، وأصفى وأبهج ألوانا، ونُجيل أبصارنا في أرجائها الفسيحة، منقبين عن مفتاح كنز المغفرة، هلال شهر رمضان المعظم، والذي سرقه من سمائنا ووجداننا العقيد المريد، العقود الطوال. حيث سنرى ذلك الهلال كما لو أنه يطلع للمرة الأولى، أو كأنه مسافر عزيز علينا طال غيابه فاجتمعنا لاستقبال موكبه المفرح السعيد. عندها سنرفع أيدينا بدعاء لابد وأن الله سيحققه قبل النطق به. ذلك أن ذهاب القذافي من مكان ما، مدعاة لتحقق البركة في نفوس ساكنيه، وقبول دعائهم، وهو لم يزل خاطرا في القلوب.

تُرى هل يعيد إلينا رمضان هذا العام، الخالي من القذافي، مشتت ومفرق الجماعات، ما تناثر وتبعثر من حبات عقدنا الليبي الغالي، فتجتمع الأسرة الليبية الواحدة التي شردها وفتتها هذا الشقي، ولأول مرة بعد أكثر من أربعين عاما، على مأدبة إفطار واحدة، ويعود بعودتها واجتماعها عبق ذلك الإفطار الرمضاني الذي أذهبه عنا كدر الفراق، وانتزعته منا وحشة الغربة، وحرمنا منه، وعن عمد وترصد، حاكم أهوج، يعد إنجازاته بعدد ما يصنعه من هموم ومنغصات للناس كل الناس، ورعيته من باب أولى.

تُرى هل نصوم نهار رمضان الصيفي الطويل المرهق، فلا نشعر بعطش، ولا نعاني من ظمأ أبدا. وكيف نشعر بالعطش والظمأ، وقد ورد جميعنا ينبوع الحرية الدافق، وعبَّ من رائق شراب الانعتاق اللذيذ، ثم غسل هناك نفسه وطهرها من أدران العبودية للحكام المتسلطين، أنصاف الآلهة، والذي سيؤرخ العام 2011 المجيد الذي شهد سقوط القذافي بانقراض هذه السلالة ذات النسب الشيطاني اللعين.         

ترى هل نقوم بأداء صلاة تراويح رمضان هذا العام في مساجدنا العامرة، وقد عاد إليها عبقها المسروق، واسترجعت أمنها وأمانها المفقود. فلا نجد بوابات التفتيش ونحن ندخلها. ولا تضايقنا نظرات المخبرين الذين يعدون صفوف المصلين، ويحسبون عدد ركعات صلاتهم، ويحددون طريقة قراءة قرآنهم، وأنواع أدعيتهم، وقبل وبعد كل ذلك يفرضون عليهم من يؤمهم، ولو كانوا له كارهين.

تُرى هل سنتجول في رمضان هذا العام في شوارع مدننا وقرانا، فنرى صفاءها المعهود قد عاد إليها، وقد خلت من كل قذى كانت تقذفه في أعيننا صور الطاغية المرعبة، وترهاته المستفزة المقززة. كما نكتشف أن أذى الطريق؛ من بوابات ودوريات ومربعات أمنية قد أميط وللأبد من على وجه طرقاتنا الوادعة، فبدت مدننا، بعدما رحل عنها الأوصياء السفهاء الأدعياء، على غير ما نعرفها من فرط ما اكتنفها من جمال عذري آخاذ، عاد إليها بعد غياب طويل. وعندها سنعيش لحظة الاندهاش، وحالة المتاهة اللذيذة في أحضان من ننتظر ونحب، بعدما نكرناه لبرهة.

تُرى هل نقوم في سَحَر ليالي هذا الشهر الكريم، ونرفع أعيننا إلى السماء، فنرى أبوابها أكثر قربا واتساعا مما كانت عليه، ونسأل مندهشين مبهورين عن سبب ذلك؛ فلا نجد سببا سوى احتفاء السماء بخبر سقوط أكبر وأعتى شياطين الأرض، القذافي، ذلك القذافي الذي بسط الله له حلمه، فاغتر وظن أنه ظل الله  في أرضه، ووصيه على خلقه، حتى ضج منه الخلق الذين غلق عليهم أبواب الأرض؛ فلجئوا إلى أبواب السماء يطرقونها، فردَّ البشير: استجاب القدر.

تُرى هل ننتظر العيد، ونحن متأكدون، أن هذه العيد هي العيد الأولى التي لم يتفضل بها علينا الشقي معمر القذافي، وأننا بالفعل سنشرب جميعا نخب العيد الحقيقي الغائب، والذي تعتق خمره أربعين عاما ويزيد.

حقا سيكون رمضان بدونك أيها الدكتاتور المعمر أبهى وأجمل، وسنفعل كل الذي ذكرت وأكثر، بمشيئة الله وقدرته، ونعمائه وفضله. غير أن فرحتنا ستنغصها مرارة فقدان الأحبة الشهداء الذين أزاحوا بأرواحهم الشفافة البريئة الطباق الثقيلة لظلمك وجبروتك. تلك الأرواح التي لولا حجب البرزخ لرأيناها بجانبنا ترقص وتبتهج أكثر منا، وذلك لأنها تعيش الحياة الحقيقية، وتتنفس هواءها الخالي من أنفاس الطغاة، وترى نورها الرائق الذي لا تعكر ضياءه المقدسة ظلال الضالين المضلين، من أمثال القذافي وحزبه اللعين.

محمد الشيباني
aa10zz100@yahoo.com
     

الثلاثاء، يوليو 12، 2011


الاستعمار الحميمي

شركة الطاغية المتسلط القذافي وشركاه غير المحدودة الشر، اقتطعت ظلما وجورا واستبدادا، ثلاثة أرباع عمري الأهم، وأجبرتني، كما أجبرت الكثيرين غيري، على تجرع منتجها الأخطر، ألا وهو الوجبة الإعلامية القسرية المسمومة التي خلفت قائمة من الأمراض الثقافية والنفسية والاجتماعية والسياسية، وحتى العضوية البدنية، لدى كل الليبيين. وهي أمراض تظهر أعراضها بوضوح، وبالعين والأذن المجردة على قالب وقلب الجسم الليبي السقيم. عجل الله برأه.

ولأن التلبيس من أدوات شياطين الجن، كما هو أداة زملائهم شياطين الإنس، لم تنس شركة القذافي وشركاه للشر غير المحدود، أن تُلبس وتغلف منتجاتها المسمومة بأغلفة مزخرفة ذات مذاق آني مثير وجاذب. وأحد هذه الأغلفة، وربما أهمها على الإطلاق، هو المغلف السحري المعروف: محاربة الاستعمار.

ولأن الإنسان لا ينسى بعض عاداته السيئة حتى وهو يُغرغر، لم ينس القذافي  في خطاباته، أو غرغراته الأخيرة، أن يأتي بذلك  المغلف أو الفزاعة التي دأب على استخدامها كلما أراد دفع القطعان الشعبية إلى زرائبها، ومن تم تسهيل العملية الأصعب ، وهي تأديب وربما ذبح وسلخ بعض أشقياء هذه القطعان، والذين اكتشفوا الطعم اللذيذ القاتل قبل غيرهم.

"...... بيتجيبونا الاستعمار!!! "

هكذا صفَّر الراعي، القذافي، بصفارته المرعبة المعروفة، وأطلق هذه العبارة النارية، وهي عبارة قديمة جديدة قذفها القذافي، في عشية ذلك اليوم الأسود في تاريخ الليبيين، وقد شابهت هذه العبارة في سرعتها وحرارتها سرعة وحرارة طلقات الـ 14.5، وبالتوازي معها مكانا وزمانا.

أفلحت صفارة الراعي المشحونة بهاتين الكلمتين الناريتين، في أن تدفع قسما كبيرا من القطيع المتمرد الذي سمع الصفارة، ورأى كلاب الراعي الذئبية المدربة المحلية منها والمستوردة، وهي تحيط به من كل جانب، إلى الدخول وبسرعة إلى الزرائب العتيقة القمئة، وبذلك سهل على الراعي إتمام بقية فصول المسرحية ذات الاثنين والأربعين حولا، ونجحت للمرة الألف فزاعة محاربة الاستعمار.
ولأن طريقة الحل العكسي، فكرة تسكن نفسي، ولأن النتائج بنات المقدمات، وحتى نتمكن من خلق بيئة حوار بنّاء بعد سقوط القذافي، وخاصة مع أولئك الذين غرر بهم القذافي، وأقنعهم بأنه عدو الاستعمار الأول، وبأنه خط الدفاع الأخير في وجه المستعمرين الصليبيين، لا سيما الذين يشنون الحملة الصليبية رقم 1973، والذين ولعجائب الصدف، كانوا هم أحفاد المستعمرين والصليبيين السابقين الذين أسس عليهم القذافي دراما مسرحيته الثورية التحررية الطويلة. لكل ذلك لا بد لنا من الاستعانة بمنهج الإحصاء والتحليل والمقارنة لحل فزورة الاستعمار، أو قل أخطر الكلمات التي استعلمت في تغليف أسوأ أفعال الحكام العرب الطغاة،  والذين في مقدمتهم وربما خاتمهم، القذافي.

كان من المتوقع، وبنسبة عالية، خروج معمر القذافي كما خرج زميلاه؛ مبارك، والزين، وبدون حرب تحرير. غير أن القدر أراد غير ذلك.

أجل حرب تحرير. هكذا سمى بعض الخبراء الحرب الليبية الحالية. وهو اسم نجد له ما يبرره إذا اقتربنا وبشكل حميمي من كلمة استعمار لنكتشف الوجه الحميمي الناعم لهذه الكلمة، وما فيه من أذى وهلاك وشر يساوي أذى وهلاك وشر توأمه الاستعمار غير الحميمي المعروف، وربما يتفوق عليه.
هل الأقدار استثنت القذافي، كما قال أحدهم؟

هكذا يبدو، وذلك حتى تفضح الأقدار العادلة حقيقة القذافي الاستعمارية التي أخفاها على الكثير، ومارسها بحميمية خبيثة؛ فسلخ لحمنا عن عظمنا ونحن نضحك.       

مارس القذافي فعله الاستعماري الحميمي على مراحل وخطوات أهمها:
ــ قام، ومن أول يوم جاء فيه، بغرس إسفين بين مرحلة ولادة واستقلال الدولة الليبية، ومراحل عمرها اللاحق؛ فهوّن وحقّر تلك المرحلة بكل ما حوت من أحداث، وخوّن كل من ساهم في تلك الأحداث. وهو عمل خبيث لم تقم بفعله إيطاليا المستعمرة غير الحميمية.

ــ قام نظام حكم القذافي على تصورات وأفكار غريبة عن المجتمع الليبي وثقافته، فأحدث شرخا عميقا في وعي الشعب أدى إلى تشوهات خطيرة في بنيته الوجدانية والفكرية وحتى الاجتماعية. وهو عمل لم يتجرأ الاستعمار الذي عرفنا عن فعله، بل ربما تحاشاه لعدم جدواه.

ــ قام القذافي باستغلال إطلالته الأولى، وكاريزمته الكاذبة التي ساهم في صناعتها وخلعها عليه البسطاء وقليلو الثقافة والوعي، بالزج بالكثير من المغرر بهم في معسكره الذي أسماه المعسكر الثوري، وجعل بقية الشعب في المعسكر الثاني المضاد، وأشعل بين المعسكرين حربا لم تخمد مدى العقود. وهو تصرف لا يقدم عليه مستعمر آت من وراء البحار، وذلك لما يجره هذا الوضع من خسارة، جعلها القذافي وقودا لآلته الاستعمارية الناعمة، أو الحميمية الخبيثة.   

ــ لم نجد في أرشيف هذا النظام خطة تطويرية جادة في أي مجال من مجالا ت التنمية المعروفة، وهو ما أدى وبوضوح إلى الحالة التي عليها البلاد. ولكننا نجد في أرشيف المستعمر الإيطالي الخشن، بل وفي أرض الواقع، الخطط التنموية الجادة، والتي تم تنفيذها بالفعل، ولا زلنا حتى حينه نرى آثارها النافعة بيننا.

ــ لم يمنع الاستعمار الخشن غير الحميمي قيام الناس بالتعبير عن مجرد أفكارهم، ولم يقم الاستعمار الإيطالي على ما يروي لنا معاصروه بشنق شاب ليبي وجد متلبسا بجريمة صلاة الفجر بالمسجد المجاور لبيته.

 ــ لم نعرف عن إيطاليا قيامها بالتوقيع على بياض وثيقة ترهن موارد الشعب الليبي كلها، وذلك مقابل صفقة سياسية، الوحدة مع مصر مثلا، وهو ما فعله القذافي، وما شهد به السادات، ولم ينفه القذافي.

ــ  لا يتجرأ الاستعمار غير الحميمي مهما بلغت عدوانيته على عدم توفير مادة طبية أو دوائية سعرها سنت واحد، ثم يطلب من الغرباء مساعدته في أخذ تسعين ألف مليون دولار لعدم الحاجة إليها.

ــ يحرص المستعمر دائما على عدم خدش المشاعر الإنسانية والدينية، وخاصة ما تعلق منها بالراحلين إلى العالم الآخر، بدءا من معاملة جثة الميت ودفنه وإقامة الصلاة عليه، وربما بناء الشواهد المتعارف عليها في البلد المستعمر. غير أن ابن البلد القذافي المستعمر الحميمي، استكثر علينا ذلك؛ فقتل غيلة، واحتفظ بجتث المغتالين، وحرم على ذويهم مجرد لمس التراب الذي رغم جفوته، أناب عن الأقارب والأحباب في مؤانسة الميت المغدور الغريب في وطنه حتى الموت وبعد الموت، وفق طقوس الاستعمار الحميمي.    

ــ لم نعرف عن شريعة مستعمر أنها تقتل بتهمة الحب والكره، ولكن مستعمرنا الحميمي، القذافي، قتل الشهيد كعبار وعشرات غيره، لأنه فقط صرح بكره معمر القذافي ونظامه. وللتأكد يمكن الاطلاع على محضر المحاكمة الموجود بأحد مواقع المستعمر الناعم.

ــ .......
ــ ............
ــ ....................  الخ.

كثير وكثير جدا مما فعله المستعمر الحميمي، القذافي، لا يمكن إلا أن يكون المقدمات المنطقية لهذه النتيجة المأساوية التي نعيشها، والتي يمكن أن نطلق عليها حرب التحرير من المستعمر الحميمي اللذيذ القاتل.

فهل يحق لنا، أيها المغرر بهم حتى حينه، أن نسمي معمر القذافي المستعمر الحميمي؟

ليتكم تقولون نعم.

 محمد الشيباني
aa10zz100@yahoo.com

  

الاثنين، يوليو 11، 2011

لماذا لم يسقط القذافي؟

ِ                                   الامتحان النهائي
المادة: فكر
الموضوع: الوجود الحضاري لليبيين
عدد الأسئلة:   سؤال  واحد  هو:
لماذا لم يسقط القذافي بعد؟
اختر جوابا واحدا صحيحا من الإجابات المقترحة التالية:


لم يسقط القذافي حتى الآن، وذلك للأسباب التالية:ــ
ــ لأن اسم القذافي من الأسماء الشائعة المألوفة، يرسم رسمه في العين أنسا، ويقيم نطقه على الشفاه عرسا، ويغرس طيفه الشوقَ في القلوب غرسا.  
ــ لأن القذافي ذو إطلالة جذابة، ومحيّا مشرق، ووجه ملائكي، ودم خفيف.
ــ لأن لباس القذافي الذي يقابل به الجمهور لطيفا أنيقا، من سائر ما يلبس مواطنوه، ولا يحمل أي علامة من علامات الاستفزاز أو التصنع أو المكابرة.
ــ لأن أسلوب القذافي مشوق، وكلامه بليغ، ولغته فصحى، وصاحب حجة تتدفق من علمه الغزير المعتمد على آراء العلماء والفلاسفة والمفكرين.

ــ لأن القذافي يأتي دائما بالرأي السديد الذي يألفه الناس ولا يستهجنونه أو يستغربونه.
ــ  إذا تكلم القذافي أتاح مساحة واسعة لمستمعيه في محاورته والرد عليه.
ــ لم يشهد على القذافي بالكذب أبدا، وقط.
ــ لأن القذافي قليل الظهور، وإذا ظهر ظهر غِبّا، حتى زاده هذا في قلوب الناس قربا وحبا.


ــ لأن القذافي إذا خاطب الناس بدا متواضعا، لا ترتفع عيناه عن مستوى عيون من يحدثهم.
ــ لأن القذافي لا يحب سرقة الأضواء، ولا يأتي إلا في موعده، ولا يحدث دخوله أو خروجه أية ضجة.
ــ لأن القذافي لا يحب المدح والإطراء، حتى بلغ به الحال قيامه بمنع صوره من التداول، ومقولاته من الترديد، وإن كان محبوه أرادوا غير ذلك، فعلقوا صوره، دون أن يدري، في كل مكان، وأجبروا أطفال المدارس على ترديد اسمه كل صباح.
ــ لأن القذافي لا يتكلم إلا وفق أجندة، وإذا تكلم حدد وأوجز، وأغلب خطبه، إن لم تكن كلها، مكتوبة.

ــ لأن القذافي كريما سخيا إذا دعا الناس إلى مائدة خطاباته الممتدة لساعات، حتى أن منهم من ينام من دسم الكلام، وطول المقام، رئيس زمبابوي مثلا.
ــ لأن نبرات صوت القذافي رفيقة رقيقة يكاد يهمس بها همسا، حتى أن السامع لا يرجو عنها تحولا إلا مكرها. 
ــ لا يمارس القذافي أي تسلط أو دكتاتورية وهو يطرح أفكاره، ناطقا كان أم كاتبا، بل تراه يفتح قلبه، ويتيح نصه للنقاد بدون أي ابتزاز مادي أو معنوي أو خلافه.
ــ لا يستعمل القذافي البتة أي عبارة تفيد القطع والحتمية ونهاية المطاف والخاتمة والأبدية، وغير ذلك من ألفاظ لا ينطق بها إلا مالك الحقيقة المطلقة.

ــ لم يسجل على القذافي أي تراجع أو تخل عن موقف، ولم يسلم المفاعل الذري إلا لسواد عيني بوش الشبل، وربما مساهمة عينية منه في صندوق دعم الحملة الانتخابية.
ــ لم يشهد على القذافي الاستخفاف بالدين ورموزه.
ــ لم يشهد على القذافي الاستخفاف بالعلم والعلماء. 
ــ كل أفكار ورؤى القذافي يقوم بعرضها للتجربة والنقد والتمحيص، ولا يتبناها حتى تتبث للجميع صدقيتها.

ــ القذافي نادرا ما ينفعل وهو يخاطب الناس، وإذا انفعل ينفعل بأناقة ولطف ظاهرين حتى أنه عند انفعاله يبدو أجمل وأبهى، وأكثر أنسا ودفئا؛ مثال ذلك الخطاب الأخير الذي قالت عنه ميركل الحديدية أنه مرعب.
ــ لم يخاطب القذافي الناس إلا بلغة متفائلة باعثة على الأمل نافية لليأس.
ــ لم يخاطب القذافي شعبه متوعدا أو مهددا، حتى أن خطبه تكاد تخلو من كل كلمة مؤذية أو مرعبة؛ من مثل الدم، أو القتل، أو التصفية، أو الرصاص، أو غير ذلك.
ــ لا يحب القذافي التصفيق له وإطراءه بالهتافات السمجة الرخيصة، بل إنه يمنع مستمعيه من مجرد إبداء الإعجاب به، ولو بتصفيقة خفيفة لطيفة.

ــ لأن القذافي إذا تنقل في البلاد يتنقل كما يتنقل غيره من الناس، لا يُحدِث جلبة، ولا يصاحبه موكب، سوى حاملي الورود، ولا يغلق شارعا، ولا يزعج أو يشغل مارا، إلا محييا أو مصافحا له. 
ــ لأن القذافي لا يحب البهرجة ولا الإفراط في النفقات، حتى أنه إذا سافر يصطحب معه ناقته وخيمته، وبضع عشرات من عائشاته، وبضع مئات من حراسه بكامل عتادهم، فقط لاغير.
ــ لأن القذافي لم يقم ذات يوم بإلغاء القوانين، كل القوانين.
ــ لأن القذافي لم يقم ذات يوم بحرق وثائق الملكية العقارية.

ــ لأن القذافي لم يقم ذات يوم بحرق الآلات الموسيقية.
ــ لأن القذافي لم يقم ذات بمصادرة أموال الليبيين في ليلة واحدة.
ــ لأن القذافي لم يقم باغتصاب الملكيات المقدسة، ومنحها لمن لا يستحق,
ــ لأن القذافي لم يتخذ من عملية التأميم ذريعة لنشر فكره الاقتصادي الظالم.

ــ لأن القذافي أستثمر أموال البلاد في الخارج بما يعود عليها بأفضل الدخول. 
ــ لأن القذافي لم يلغ، بجرة قلم، التجارة، عصب الاقتصاد، ولم يشل حركة المنتجين الحقيقيين، ليصنع منتجين مسخا، عاثوا في الأرض فسادا.
ــ لأن القذافي لم يفسد العمل الديبلوماسي، بتحويله إلى عمل مخابراتي، أضر البلاد ومسح بسمعتها الأرض.
ــ ليس للقذافي ولا لأبنائه أية ممتلكات أو حسابات مصرفية، عدا ما يوفره من مرتبه كعقيد بالجيش الليبي.

ــ لا يحب القذافي الرتب، واقتصر رغم طول مدة خدمته كقائد أعلى للقوات المسلحة، على رتبة عقيد.
ــ القذافي لا يحب الألقاب، وكل الألقاب التي خلعت عليه، من قائد حتى ملك الملوك، كانت خارجة عن إرادته.
ــ لأن القذافي على علاقة متميزة مع شعبه، يحبهم ويحبونه، ويثق فيهم ويثقون فيه.
ــ لأن القذافي وفيا غاية الوفاء، حتى أنه بقى على وفاق تام مع أعضاء مجلس قيادة الثورة الإثني عشر، وعشرات الضباط الآخرين.

ــ  لأن القذافي خلال فترة حكمه ساد العدل، وعمت المساواة الناس، فلا مغبون بينهم ولا مظلوم.
ــ لأن القذافي حييا يدعو إلى مكارم الأخلاق، ولا يحب تبرج النساء، إلا اللواتي يحرسنه، أو يصحبنه في رحلاته من السلافيات وغيرهن.
ــ من شدة حرصه على حواء الليبية ألزمها، وبمجرد بلوغها، ارتداء لباس عساكر الميدان، لكسر حدة فتنتها، من جهة، وإطفاء شبق زملائها المرابطين معها في الثكنات الكثيرات، من جهة أخرى.  
ــ لأن القذافي يكره التعصب للقبيلة والعرق، ولأرض الولادة والنشأة، ولم يغلب فئة على أخرى، ولم يميز قبيلة على قبيلة.

ــ لأن القذافي لا يسكن البروج، ولا يتمترس وراء الأسوار والحصون، ولكن بيته بسيطا، يؤمه صاحب الحاجة بمجرد الطرق على بابه المكون من الخرسانات المتراكبة، والأسوار المتتالية، والجنازير المصطفة، والبنادق المصوبة، والأعين القادحة شررا وموتا.
ــ  لأن ليبيا في عهده ازدهرت، وحققت مستويات تنمية عالمية موثوقة ومعتمدة.
ــ لأن نظام الحكم في ليبيا شفاف وديمقراطي. كيف لا وهو النظام الجماهيري البديع.
ــ لأن مراكز السلطة متداولة، وفرص المشاركة في القيادة متاحة للجميع دونما تمييز جهوي أو شللي أو غيره، حتى أن عدد الوزارات والوظائف المرموقة، خلال الأربعين عاما، تم تقسيمها بالقسطاس المستقيم على رجال الخيمة، ولم يظلم أو يغبن منهم أحد البتة.

ــ  لأن القذافي لم يتشبث بالسلطة قط، وحدث مرة أن قدم استقالته، ولولا خوفه على قلوب محبيه أن تتقطع كمدا على فراقه، لم يعد عن غلطته. تلك الغلطة التي لم يقترفها لاحقا أبدا.
ــ  لأن القذافي ليس برئيس، ومن الطريف أنه لا يرأسه أحد.
ــ  لأن القذافي متفرغ لمصالح شعبه، ولا يتخذ قرارا، أو يقوم بمهمة خارجية، وخاصة أفريقية، إلا ومصلحة ليبيا تتصدر كل اهتماماته. 
ــ لأن القذافي لم يورط شعبه في حرب، ولم يغامر بأي نفس ليبية في أزمة خارجية، باستثناء بضع ألوف في تشاد، وبضع مئات آخرين هنا وهناك.

ـ لأن القذافي لم يكن محل شبهة في أي مصيبة حلت بالوطن، مثل مصيبة لوكربي، أو طائرة الحمرونية، أو أطفال الإيدز، ودليل ذلك مسارعته بإجراء التحقيق الفوري الشفاف في كل قضية.
ــ لأن القذافي لم يكن محل شبهة في خطف أو اغتيال الشخصيات الليبية والأجنبية، الكيخيا ومرافقوه والصدر ومرافقوه مثلا، ودليل ذلك إجراء التحقيقات الشفافة في كل تلك الأحداث، وإن لم يقم بنشرها، حفاظا على كرامة الأموات، ومشاعر الأحياء.
ــ  لأن القذافي بريء من دماء شهداء بوسليم براءة الذئب من دم يوسف ابن يعقوب.
ــ لأن القذافي لم يقم بتفجير أية طائرة، وحتى مليارات لوكربي، دفعها القائد حياء وشفقة على العيون الزرقاء من حرقة دموع فراق أحبتهم.

ــ لأن القذافي لم يقحم شعبه في أي مشكلة سياسية، تجلب لشعبه عداء الآخرين، وتضيق عليهم أرض الله الواسعة، أو تكبلهم بحصار، يدفعون المليارات من أجل فكه.
ــ لأن القذافي صاحبَ مهاتير محمد الماليزي، واستقدمه للاستفادة بتجربته، وغلق الأبواب على زعماء المافيات، وتجار المؤامرات، كارلوس مثلا.
ــ لأن القذافي كيسا فطنا محبوبا لدى زملائه الحكام، فلم يثبت أنه خاصم أحدا، أو تشاجر معه، أو حاك له المؤامرات.
ــ لأن القذافي صاغ نظاما اقتصاديا حديثا، يتماشى مع إمكانيات ليبيا ومواردها وعدد سكانها وموقعها وثقافة شعبها وخصائصه، وطبقه أحسن تطبيق.

ــ لأن القذافي لم يرهق ميزانيات الدولة بشراء السلاح، واقتصر على شراء القليل منه، واستعمله أخيرا، وللأحباب فقط، خوفا عليه من الصدأ.
ــ لأن القذافي لم يمنح قروضا وهبات مالية، لم يجن منها الشعب الليبي إلا لعنة اللاعنين. 
ــ لأن القذافي لم يقم بمنح هبات شخصية لأحد، داخل البلاد أو خارجها، محاباة لهم وكسبا لولائهم.
ــ لأن القذافي أحال الساحل الليبي الطويل إلى مدن اقتصادية وسياحية دولية، وأقام عليه الموانئ العالمية والمناطق الحرة، وغيرها.

ــ لأن القذافي شيد المدن، وأقام الأسواق والتجمعات المالية العالمية، حتى باتت ليبيا هونج كونج شمال أفريقيا، كما هي دبي هونج كونج وسنغافورة الخليج.
ــ لأن القذافي أكمل البنية التحتبة الصلبة؛ من طرق برية وحديدية وملاعب ومطارت ومنتزهات، وغيرها. وكذا البنية التحتية الناعمة؛ من شبكات اتصال ومرافق معلوماتية مختلفة.
ــ لأن القذافي أقام الخطط التعليمية، وأنشأ المؤسسات ومراكز البحوث، وتوأم بين جامعات العالم المرموقة والجامعات الليبية، حتى نافست الشهادات الليبية شهادات أوربا وأمريكا واليابان.
ــ لأن القذافي لم يقم بعسكرة كل المرافق، ومن بينها المدارس التي حولها إلى ثكنات، وشرد من فيها من طلاب، والأمر ذاته لحق بكل مرفق طالته العسكرة المتسلطة النزقة.

ــ لأن القذافي بنى الجيش الليبي بناء حديثا متطورا، عتادا وبشرا، وأوكل قيادته إلى أوثق وأعز الناس إليه، فلذات كبده. وهو ما جعل الجيش يبلي بلاء لا نظير له في الحرب المقدسة، من أجل مجد العائلة النبيلة.
ــ لأن القذافي بنى الروح العسكرية لدى الناس بناء أخلاقيا ووجدانيا، فحبب إلى الجميع القيام بواجبه العسكري نحو بلده.
ــ لأن القذافي اهتم بحاجات كل فرد ليبي، فكل الليبيين متعلمين، وكل الليبيين لديهم سكن، ولا يعاني أي فرد منهم من البطالة. بل إن القذافي حرص على محاربة العزوبية والعنوسة، فلا تجد في كل بيت إلا بضعة عزاب وعوانس فقط لا غير.
ــ لأن القذافي اهتم بصحة الفرد الليبي، وأنشأ المدن العلاجية العالمية.

ــ لأن القذافي أنشأ نظاما تأمينيا شاملا، أظل جميع أفراد المجتمع بظله، وغرس في نفسهم الرضا والطمأنينة.
ــ لأن القذافي حارب المخدرات ومنع تداولها، إلا من طرف التجار الكبار ذوي الحظوة لديه، أو لأحد أبنائه، أو مريديه. 
ــ لأن القذافي حرص على عدم مغادرة أي ليبي لبلده، إلا لمهمة، وجعل الليبي يرى بلده، وهي ترفل في ظل القذافي، أجمل بلاد الله وأحسنها.
ــ  لأن القذافي أشاع الأمن والأمان، وجعل كلمة رجل أمن ومشتقاتها، من الكلمات التي يتمضمض بها السقيم فيشفى، ويرددها الخائف المحزون فيأنس ويفرح.

ــ لأن القذافي هدم كل السجون التي بناها الملك الجائر، ولم تنعقد في عهده أية محاكمات رأي، ولم يعاقب أي فرد بنص قانوني جراء ما يعبر عنه أو يحمله من فكر، اللهم إلا تلك العقوبات التي تجري في الخفاء، حرصا من القائد الأب على مشاعر الناس.
ــ لأن القذافي لم يسجن معارضا، أو يشنقه بدون محاكمة. كما أن القذافي لم يرسل فرق الموت لملاحقة المعارضين بالخارج، ولم تسقط الشرطية الجميلة، فلتشر، إلا لأن كعبها انزلق على قشرة موز قذف بها أحد أعضاء اللجان الثورية من شرفة السفارة الليبية في لندن.
ــ  لأن القذافي توأم بين حق التعبير، وحق التنفس، حتى أنك ترى الليبيين يعبرون كما يتنفسون.
ــ لأن القذافي أنشأ المكتبات العالمية، وجلب أمهات الكتب، ووفر الكتاب بأسعار رمزية، حتى بات الشعب الليبي من أكثر الشعوب استهلاكا للكلمة، وبمتوسط قراءة يقترب من سطر واحد في العام لكل ليبي.   

ــ لأن القذافي مد يده الخضراء وجعل البيئة كل همه، وقاوم التصحر، وأنشأ محطات تحلية المياه، بل جعل ليبيا رائدة في هذا المجال.
ــ  لأن القذافي أقام الجوائز التشجيعية من أجل دفع الناس للابتكار، وتنمية المهارات.
ــ لأن القذافي شجع النجومية، وأقام وزارة أسماها وزارة اكتشاف ورعاية النجوم، وحصل بذلك على جائزة نوبل، وكذا تم تسجيل ذلك في سجل جينز الحاوي لكل أمر مستطرف.
ــ لأن القذافي جعل أبناء الليبيين أبناءه، ولم يخص عائلته وأبناء صلبه بشيء أبدا، حتى أن معظم الليبيين لا يعرفون حتى مجرد صور أبناء القائد، كما أنه لم يفكر البتة في أن يورث أحد أبنائه، سيف مثلا.       

ـــ  لأن القذافي لم يمض عليه في حكم ليبيا سوى عمر جيلين من أجيال بني آدم، كما أنه لم يقض سوى ثمانية دورات من دورات الرؤساء الأقزام، من مثل رؤساء أمريكا وبريطانيا وغيرها.
ــ لأن القذافي من فرط حبه لليبيين يمنع عليهم الخروج في الشوارع  محتجين أو غير ذلك، حذرا عليهم من ضربات الشمس، ونزلات البرد، وبلغ به الحرص عليهم في محاولة خروجهم الأخيرة أنه استعمل الرصاص كبير الحجم المستورد والمكلف جدا. ومن يستحق غيرهم ذلك؟
ــ لأن القذافي لم يقم باستقدام المرتزقة إلا من أجل تقديم وسائل الراحة لبعض الليبيين الذين خرجوا إلى الشوارع، والتقاط جثت بعضهم، التي لا يستطيع أصحابها الوصول إليها، وذلك بسبب الزهور والورود التي يغمر بها المضيفون محيط الجثة.
ــ لأن القذافي قام بمجرد علمه برغبة الليبيين في التغيير بالترحيب بهذه الرغبة، وأوفد ابنه الأثير لديه، محملا بباقات الورود النادرة، وخطابات التهنئة الرومانسية البليغة، والتمنيات للشعب الليبي بالنجاح. ونظرا لقصور الابن الشبل عن لعب دور كبير الضواري، الأسد، قام الأب بالقيام بالواجب كما ينبغي، ورحب بفكرة التغيير على طريقته المتميزة التي حاز بها لقبا عالميا في الأبوة المترفة.

ــ  لأن القذافي وبمجرد علمه برغبة شعبه، أقام خيم الاحتفالات في كل شارع وميدان، وحرص على تقديم هذه الخدمة على مدى ساعات اليوم.
ــ لأن القذافي، وتقديرا منه لما يبذله المحتجون من جهد، قام بتوزيع الحبوب الحيوية المنشطة، من أجل بث الحماس بين صفوف المحتجين، ليعيشوا متعة اللحظة، والتي انتظروها عقودا طويلة.
ــ  حرص القذافي على مؤازرة ودعم فكرة التغيير لدى الليبيين إعلاميا، فاستقدم لذلك نجوم التسويق السياسي، ذوي السجل المتميز في هذا المجال، حتى أن أداؤهم الإعلامي الفذ شد أنظار الدنيا، لمعجز ما أتوا به من أقوال، وما ساقوه من حجج نيرات.
ــ قام القذافي بإخلاء المقر الرئاسي، باب العزيزية، وجهزه للقيادة الجديدة، تماما كما فعل رئيس جمهورية غانا عندما قام في سنته الأخيرة في الحكم بتجهيز مقرا رئاسيا جديدا، وكان  يعلم بأن خلفه من يقيم فيه وليس هو.

ــ قام القذافي بتجميع القبائل الليبية، وحثها على التكافل والتضامن من أجل إنجاح عملية التغيير المباركة.
ــ بدا القذافي في غاية الزهد في المنصب. كيف لا . أليس هو من استقال ذات يوم، وهوشاب، فكيف به وهوعلى شفير الهلاك؟
ــ أصدر القذافي أوامره بتوزيع منحة مالية على كل عائلة للتوسيع عنهم في هذه المناسبة القومية السعيدة.
ــ لم تظهر على وجوه أبناء القائد أية علامة تشي بكرههم لما يريده الليبيون، وانتشروا في عموم البلاد فرحين ومهنئين، وكأنهم بذلك يقومون برد الجميل لليبيين الذين اجتمعوا أكثر من أربعين مرة بمناسبة ذكرى عرسهم السنوي الرهيب.      

ــ  لأن القذافي مكنه الله من الحكم أكثر من أربعة عقود، وهو ما يمنحه حق البقاء لمدة أطول. لم لا؟
ــ لأن الليبيين مكثوا العقود الطوال تحت كلكل ناقة العقيد، فكيف لهم بعد كل هذا الرضا والتسليم والانبطاح أن يطلبوا زحزحة الثقل لمجرد أخذ نفس أو تحريك عضلة من عضلات جسمهم المتيبس.
ــ لأن من يقود التغيير لهم مطامع في السلطة، وبعضهم كان إلى جانب القائد، ولكنه خانه، وانقلب عليه. 
ــ لأنه لا يجوز للشعب إسقاط النظام بحال، ولو كان هذا النظام متخلفا متعفنا دكتاتوريا مستبدا.

ــ لأن القذافي يعتصم بالله، ولم يعرف عنه لجوءه للسحرة والمشعوذين.
ــ لأن القذافي ليس زين العابدين ولا مبارك، ولا يأكل الطعام ويخرجه مثلهم،  كما أن ليبيا قطعة من الفردوس الأعلى أهداها الرب لصفيه معمر، وليست مصر الفرعونية، ولا هي تونس أرض الماعز والزيتون.
ــ  .................................
ــ  ................................
ــ ..................................    الخ( والله عييت، اللي عنده جهد يكمل)
فقط اسمحوا لي بذكر الحل المقترح الأخير وهو:
ــ لأن القذافي لا يمكن أن يعيش إلا حاكما أو قاتلا. ولأنه أفلح تناسليا في نسخ نفسه بعدد أبنائه وقادة لجانه الثورية العدوانيين. ولأن القذافي استثمر خططه الجهنمية الطويلة والمتقنة في تجهيل وتفريق الليبيين ليسهل عليه عند الحاجة ضرب بعضهم ببعض. كما أنه استخدم ثروة الليبيين في جلب قتلتهم، وجلب السلاح الفعال الذي يردعهم.

وختاما فإنه لي رجاء أخير، استودعه كل ذي لب، بأن يوصل هذا الاستبيان إلى أول شخص يعنيه هذا الأمر، وهو معمر القذافي، وأبناؤه، والدائرة المقربة منه، فقط للإطلاع على هذا الاستبيان، والذي أعددته من خلال نبشي في ذاكرة المواطن الليبي العادي جدا، والذي ليس لديه مطمع في مال أو جاه، ولم يسبق له أن تآمر، أو مارس أي فعل يضر بالبلاد. والله من وراء القصد.
محمد الشيباني
aa10zz100@yahoo.com
Libyanspring.blogspot.com