الخميس، أغسطس 21، 2014

الإدراك

الإدراك سيد الحواس!
سألت نفسي: لماذا جعل الله لنا خمسة حواس، وربما ست، وهو القادر على أن يجمعهم في واحدة؟!

يستطيع ماكرو الليل والنهار أن يعتِّموا على عيوننا ، فلا يروننا أو يسمعوننا إلا ما يريدون أن يعرضوه علينا في وسائل الإعلام التي سيطروا عليها ظلما وعدوانا، تماما كما فعل الدكتاتور السابق طوال فترة إمهال الله له؛ فلا أحد يجهل ما سرق القذافي من أموال الليبيين من مليارات، سخرها فقط في تعطيل عيون وآذان الليبيين، وذلك من أجل تمرير زوره وبهتانه.

ولئن كانتا حاستي السمع والبصر، بطبيعتهما، تجلبان لنا المسموع والمنظور على الحالة الخام التي هو عليها، ولا تجبراننا كثيرا على الاستكناه والاستنباط والاستقراء؛ إلا أن حواس الشم والتذوق واللمس وكذا سادسة الحواس، ورغم ما يبدو عليهم من قصور نسبي مقارنة بحاستي البصر والسمع، تراهم يأتوننا بالكثير الكثير من مكنونات ما نشمه ونتذوقه ونلمسه ونستلهمه، وذلك دون التقيد بمادته الخام التي هو عليها!

ترك الليبيون أعينهم وآذانهم لمن أجبرهم على تركها، فعزفوا عن مشاهدة قنواته التلفزيونية، وصموا ما تبقى من سمعهم عن سماع إفكه وترهاته، ولجأوا إلى ما منحهم الله من حواس أخرى، تعتمد تقنيتها الربانية على الاستقراء والاستنباط، فكان قرارهم الحكيم بضرورة إسقاط رأس الإفك والتزوير، وأسقطوه.

القذافي اعتمد على الشريحة الكبرى من كسالى الليبيين الذين اكتفوا بما أراهم هذا المحتال من صور مزيفة، وبما أسمعهم من أخبار مزورة في تحديد موقفهم منه، وهو ما أدى إلى طول مكوثه على أعناقهم العقود الطوال. ورثة القذافي يستعملون الآن نفس التقنية التي استعملها القذافي ووصاهم باستعمالها؛ سرقة المال واستخدامه في طمس الأعين والآذان!

ها هم بقايا فلول المغرر بهم من جنود القذافي وعُباده، يراهنون على البسطاء من كسالى الليبيين، والذين بات يكفيهم لتحديد موقفهم من أكبر أزمة تمر بالوطن الآن، مجرد سماع إشاعة واهية، أو رؤية مقطع سمعي أو بصري مزيف في وسائل إعلام هؤلاء الفلول.

أسأل أحد البسطاء والمفتون باستهلاك الجاهز: أعلم أنك لم تمر من المناطق التي يتواجد فيها قاطعو الطرق الذين باتوا أشهر من نار على علم، وأعلم أن سيارتك لم تُسرق إكراها منك، كما أعلم أنهم لم يخطفوا ابنك ويطالبونك بفدية، ولم تفقد أحدا من أقاربك بعذر أنه من منطقة معينة؛ كل هذا أعلمه، ولكن، ووفقا لحواس الشم والتذوق والتحسس والاستنباط والاستقراء التي زودك بها خالقك، قل لي من ترجح أنه يفعل كل ذلك؟!!!!!!!!!!!!

يتلخبط، ولكنه يصر على عادته السيئة في استهلاك الجاهز، ويقول لي كلاما يدل على حاجته لمزيل الصدأ !

حمدا لك ربي على تعدد حواسنا وما أودعت فيها من خاصية تمييز الغث من السمين والحقيقي من الفالصو!!!!

ليست هناك تعليقات: