حريق ليبيا بين
حاملي الماء وحاملي الحطب !
داخليا وخارجيا؛
هناك حاملو حطب، وكذلك حاملو ماء! وحتى هذه اللحظة يبدو أن كميات الحطب المقذوفة
في أتون الحريق أكثر من الماء، وذلك لأن ألسنة الحريق تزداد كل يوم تطاولا !
وبديهي أن الماء
المحلي والماء الخارجي هما المعول عليهما لإيقاف تيار الدم الليبي المتدفق في شرق
البلاد وغربها، إلا أن الماء الخارجي لا يمكن له أن ينساب ويأخذ طريقه نحو حفرة
اللهب إلا إذا تدفق أمامه الماء المحلي وتخلص من حالة الركود التي تسببها العوائق والأحجار
الكثيرة في مجراه.
أكثر هذه العوائق
خطورة والمتسببة في ركود الماء المحلي لإطفاء حرائق ليبيا، هو ذلك الشعور القاتل
لدى كل من بيده إناء من ماء، بأن طرفي النزاع إن هما إلا ديكان لن ينتهي عراكهما
حتى يسحق أحدهما الآخر، وذلك تأسيسا على ما بينهما من خلافات سياسية وأيديولوجية
عميقة، كما هو شائع الفهم!
تعاظم كمية الحطب
المحلي، جاء في أغلبه من حالة انعدام الثقة
بين شركاء الوطن والمصير الواحد، وهذا الحطب المحلي هو أهم مكونات أطراف المعادلة
الأربعة؛ الحطبان والماءان !
أصناف انعدام
الثقة المؤججة للحريق الليبي كثيرة، بيد أن أهمها هو ذاك المتراكم في قلوب الفرقاء
الأيديولوجيين؛ فحتى أصحاب الأيديولوجيا الدينية ذات الأصل الواحد يحاول كل طرف منهم
أن يزيح الآخر، وبعنف!
يبدو الآن أن أشد
أنواع الحطب المقذوف في الحريق الليبي المشؤوم، هو ذاك الذي تكوم جراء الاحتكاكات
الكثيرة بين أصحاب التيار الإسلامي من جهة، وبين من يصفون أنفسهم بالليبراليين من
جهة أخرى، وذلك على مدى منظور يقدر بثلاث سنوات، ومدى آخر غير منظور يمتد إلى
الصراع المزمن بين أصحاب هذين التوجهين.
المواطن الليبي
البسيط، وهو ينظر إلى الحريق الليبي يقترب من أطراف ثيابه، يسوؤه كثيرا من يجتهد
في تكديس الحطب ويمنع الماء من الوصول إلى الحريق، وذلك بمبرر إحراز الهدف
الأيديولوجي الذي لن يجد من يحتفي به ويصفق له إذا خرج الحريق الليبي عن السيطرة
وأحرق الجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق