نحن فصاميون!
آه يا ليبيا لو أحببناكِ عمليا كما أحببناكِ كرويا!
بعد غروب شمس آخر أربعاء من شهر يناير الجاري انخرطت الأرض والسماء، وبدونما مقدمات، في كرنفال صوتي وضوئي مطرب ومرعب في آن . من ناحيتي أيضا اندهشت وارتعبت في آن، وسألت: ما هذا؟! قالوا: إنهم الليبيون ينفجرون فرحا بانتصار بلدهم ليبيا كرويا!
معظم الشباب الليبي، وعلى مدى زمن المباراة المقامة في بلد بعيد عنهم، تركوا كل شأن عزيز لديهم، والتصقوا بشاشات التلفزيون، وصبوا كل ما يملكون من طاقة ذهنية ووجدانية على تلك الكرة التي تنط وتحط بعيدا عنهم آلاف الأميال، وذلك من أجل أن يضعوها في مرمى الفريق المقابل، بل إن بعضهم بدا وكأنه يدفع تلك الكرة بنسيج قلبه وكبده من أجل زحزحة تلك الكرة البعيدة نحو شبكة الخصم، وإحراز هدف انتصار ليبيا التي يحبها الليبيون حبا كرويا فائق التصور والحدود!
أجل بكل هذا الحب الكروي الكارنفالي يحب الليبيون ليبيا، وهو حب لو أمكن التحكم في طاقته وتسخير هذه الطاقة في مسارب حب أخرى غير كروية لصنع الليبيون العجب العجاب.
لست كرويا، وكنت ساعة انفجار ذلك الحب الكروي العارم في بيتي صحبة صديق لي، وفجأة قذفت الأرض بمئات المقذوفات النارية متعددة الألوان والأصوات، حتى أنني عمدت إلى النافذة وأوصدتها خشية وقوع إحدى تلك المقذوفات المعربدة داخل البيت، وهو ما قد يتسبب في حريق.
مئات وربما آلاف المقذوفات انطلقت في وقت واحد، الأمر الذي جعلني أتساءل متعجبا: كيف علم كل هؤلاء المشجعين بالنتيجة الإيجابية مسبقا، ومن تم أعدوا لها هذا المخزون الهائل من هذه المقذوفات المكلفة؟!
المربع الذي يسكن فيه جيراني المحتفلون المعبرون بتطرف بالغ عن حب ليبيا كرويا، تسكن طرقه وأرصفته مئات الحفر، وهي حفر لا تزيد كلفة تصليح إحداها عن أرخص كلفة مقذوفة واحدة من تلك المقذوفات المعبرة بجنون عن الفرح، والمتجاهلة بريبة واضحة الحفر! وهذه الحفر الطرقية ما هي إلا مثال على مظاهر الحفر الأخرى التي لا تعد، كحفر الفقر والجهل والمرض وانعدام الأمن وسوء الإدارة والفساد، وغير ذلك كثير.
هكذا أنت دائما لا يعجبك شيء؛ قال صديقي، ثم أردف: دع الناس يفرحون حتى يعوضوا الذي أكلته الهموم من أعمارهم!
ها قد قلتها؛ إنهم يمارسون فرحا تعويضيا من أجل التنفيس عن أنفسهم، ولا يمارسون فرحا حقيقيا، يذكي العزيمة، ويجمع النفوس، ويصف الصفوف. نحن بحاجة إلى الفرح الدائم الاستقرار في النفوس، وليس الفرح العابر الذي يدغدغ مشاعرنا لساعة، ثم يقذف بنا في أتون إحباطنا الدائم المقيم.
البون شاسع وكبير بين ما يمارسه الليبيون من فرقعات حب عابر، وبالمناسبة، وتتحكم فيه مجرد كرة تنط وتحط، وبين حب مقيم قوامه الغيرة الدائمة الراسخة على الوطن، والتفاني في إصلاح شأنه، وعلو بنيانه. من ذا يماري في أن لسان حال جل الليبيين الآن ينطق بأقوى عبارات الخذلان للوطن، وأوهن عبارات الحب له. لا يمكن بحال مقارنة ما يمارسه الليبيون من أفعال سلبية فاترة، وربما مهلكة ضارة تجاه وطنهم، وما هو عليه حالهم وهم يمارسون الحب الكروي الفولكلوري العارم.
آه يا ليبيا لو أحببناكِ عمليا كما أحببناكِ ليلة البارحة كرويا!
أم نحن حقا فصاميون؟!
محمد عبد الله الشيباني
Libyanspring.blogspot.com
aa10zz100@yahoo.com
آه يا ليبيا لو أحببناكِ عمليا كما أحببناكِ كرويا!
بعد غروب شمس آخر أربعاء من شهر يناير الجاري انخرطت الأرض والسماء، وبدونما مقدمات، في كرنفال صوتي وضوئي مطرب ومرعب في آن . من ناحيتي أيضا اندهشت وارتعبت في آن، وسألت: ما هذا؟! قالوا: إنهم الليبيون ينفجرون فرحا بانتصار بلدهم ليبيا كرويا!
معظم الشباب الليبي، وعلى مدى زمن المباراة المقامة في بلد بعيد عنهم، تركوا كل شأن عزيز لديهم، والتصقوا بشاشات التلفزيون، وصبوا كل ما يملكون من طاقة ذهنية ووجدانية على تلك الكرة التي تنط وتحط بعيدا عنهم آلاف الأميال، وذلك من أجل أن يضعوها في مرمى الفريق المقابل، بل إن بعضهم بدا وكأنه يدفع تلك الكرة بنسيج قلبه وكبده من أجل زحزحة تلك الكرة البعيدة نحو شبكة الخصم، وإحراز هدف انتصار ليبيا التي يحبها الليبيون حبا كرويا فائق التصور والحدود!
أجل بكل هذا الحب الكروي الكارنفالي يحب الليبيون ليبيا، وهو حب لو أمكن التحكم في طاقته وتسخير هذه الطاقة في مسارب حب أخرى غير كروية لصنع الليبيون العجب العجاب.
لست كرويا، وكنت ساعة انفجار ذلك الحب الكروي العارم في بيتي صحبة صديق لي، وفجأة قذفت الأرض بمئات المقذوفات النارية متعددة الألوان والأصوات، حتى أنني عمدت إلى النافذة وأوصدتها خشية وقوع إحدى تلك المقذوفات المعربدة داخل البيت، وهو ما قد يتسبب في حريق.
مئات وربما آلاف المقذوفات انطلقت في وقت واحد، الأمر الذي جعلني أتساءل متعجبا: كيف علم كل هؤلاء المشجعين بالنتيجة الإيجابية مسبقا، ومن تم أعدوا لها هذا المخزون الهائل من هذه المقذوفات المكلفة؟!
المربع الذي يسكن فيه جيراني المحتفلون المعبرون بتطرف بالغ عن حب ليبيا كرويا، تسكن طرقه وأرصفته مئات الحفر، وهي حفر لا تزيد كلفة تصليح إحداها عن أرخص كلفة مقذوفة واحدة من تلك المقذوفات المعبرة بجنون عن الفرح، والمتجاهلة بريبة واضحة الحفر! وهذه الحفر الطرقية ما هي إلا مثال على مظاهر الحفر الأخرى التي لا تعد، كحفر الفقر والجهل والمرض وانعدام الأمن وسوء الإدارة والفساد، وغير ذلك كثير.
هكذا أنت دائما لا يعجبك شيء؛ قال صديقي، ثم أردف: دع الناس يفرحون حتى يعوضوا الذي أكلته الهموم من أعمارهم!
ها قد قلتها؛ إنهم يمارسون فرحا تعويضيا من أجل التنفيس عن أنفسهم، ولا يمارسون فرحا حقيقيا، يذكي العزيمة، ويجمع النفوس، ويصف الصفوف. نحن بحاجة إلى الفرح الدائم الاستقرار في النفوس، وليس الفرح العابر الذي يدغدغ مشاعرنا لساعة، ثم يقذف بنا في أتون إحباطنا الدائم المقيم.
البون شاسع وكبير بين ما يمارسه الليبيون من فرقعات حب عابر، وبالمناسبة، وتتحكم فيه مجرد كرة تنط وتحط، وبين حب مقيم قوامه الغيرة الدائمة الراسخة على الوطن، والتفاني في إصلاح شأنه، وعلو بنيانه. من ذا يماري في أن لسان حال جل الليبيين الآن ينطق بأقوى عبارات الخذلان للوطن، وأوهن عبارات الحب له. لا يمكن بحال مقارنة ما يمارسه الليبيون من أفعال سلبية فاترة، وربما مهلكة ضارة تجاه وطنهم، وما هو عليه حالهم وهم يمارسون الحب الكروي الفولكلوري العارم.
آه يا ليبيا لو أحببناكِ عمليا كما أحببناكِ ليلة البارحة كرويا!
أم نحن حقا فصاميون؟!
محمد عبد الله الشيباني
Libyanspring.blogspot.com
aa10zz100@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق