الأحد، مايو 11، 2014

معيتيق

مُعيتيق، والظرف الدقيق!

لو تمكن السيد معيتيق من رفع كفه الممتلئة الغضة البيضاء، ملوحا بها للجميع، وقد كتب عليها بخط واضح كلمة واحدة لا غير؛ مجرد اسمه: مُعيتيق! لو فعل ذلك، لحقق السيد معيتيق الخبطة الأولى المهمة، ولخطا الخطوة الأساس لكل خطواته الكثيرة الخطيرة!  فاسم معيتيق بضم الميم لا يمكن إلا أن يكون تصغيرا لاسم معتوق، والذي هو اسم المفعول لفعل العتق والانعتاق! وهل هناك من حقنة لقاح يجب على أي مسؤول ليبي أن يأخذها قبل ركوبه قطار السلطة الأفعواني المرهق أهم من حقنة اللقاح ضد الوقوع فريسة التجاذبات والتشاحنات والمناكفات التي عبثت بالمشهد الليبي طيلة سنوات ما بعد الثورة؟! 

أجل لو تمكن رئيس الوزراء مُعيتيق، وهو الشاب المتعلم القوي الغني من الانعتاق من الحاجات المذلة؛ الشعور بالضعف، والشعور بالفقر، والشعور بالجهل، وكذا الشعور بالارتباط المرضي بالقبيلة، كما يجب ألا ينسى أيضا ولو حقنة تنشيطية للِّقاح المانع من دوار الجنس الآخر! لو فعل كل ذلك وانعتق من كل هذه السلاسل والأثقال لحقق نمرة السؤال الإجباري الكبيرة المهمة. 

وبعقلية وذكاء حامل شهادة دكتوراه الإدارة، وربما الإرادة، وبقناعة واكتفاء الرجل وارث الثراء، يقوم السيد مُعيتيق بتحويل هذه السلاسل والحبال إلى قنوات تواصل شفافة وشرايين دم نقي بينه وبين كل مراكز القوة العاملة على الأرض. لو عمل مُعيتيق ذلك لتمكن من خطو الخطوة الأولى الجبارة ذات الأثر الدوميني  الدائم المتصل والعابر لكل الخطوات.

وبمجرد أن يفعل معيتيق ما سبق وينجح فيه، سيشعر على الفور بتحرره من رهاب ودوار الوقوف في المناطق العالية، ويقترب بسهولة واطمئنان من قاعدة الهرم، حيث يجد نفسه وجها لوجه أمام ما يكتظ به جذر الشجرة الليبية وجذعها من علل وأمراض قاتلة.

ليس له والحال كذلك إلا أن يشكل ويستدعي الوزراء! 
خطأ!
ما ذا يفعل إذن؟! يستدعي رجال الإطفاء!

أجل نحن لسنا بحاجة إلى وزراء، نحن بحاجة إلى رجال إطفاء!

ليبيا كلها تحترق، وعامة الناس يغلب عليهم الشعور بالإحباط والانهزام وخيبة الأمل، وهو شعور لا يلاشيه ويتغلب عليه إلا مشهد قدوم رجل الإطفاء ببزته المميزة، وبخبرته المشهودة، وبأدواته المتطورة الموثوق فيها، وقبل وبعد كل هذا بروحه الفدائية المشحونة إيثارا، والمملوءة حماسا وإصرارا! رجل الإطفاء فقط هو من يلتف حوله الليبيون الحائرون.

الحرائق الأمنية تحتاج إلى خطة إطفاء رشيقة سريعة تحول شلالات الدم إلى سائل إطفاء حديث وغير مغشوش، حيث يصنع هذا السائل مربعات أمنية تُحاصرُ فيها مواقد الجريمة الجبانة وتُبيدها. أما الحرائق الأمنية الكبيرة التي تعمل فيها العوامل الأيديولوجية، والقبلية، والمناطقية عملها، فإنها لا تداوى إلا بالتي كانت الداء، وداؤنا كما هو معروف هو قلة تصارحنا وشح ثقتنا المتبادلة، وهي علل لا تداوى إلا ببلسم الحوار الفعال. وبلاسم الحوار هذه هي أيضا يجب أن يحملها رجال برشاقة وشجاعة وجرأة وخبرة رجال الإطفاء!

أما حرائق الفساد الإداري والمالي التي غطى دخانها الآفاق، فإن دكتور الإدارة السيد مُعيتيق، لا أظنه يحتاج إلى من يقول له بأن خرطوم الرقابة والضبط المالي والإداري الذي يحمله الإطفائي الأمين الحصيف الرشيد هو الحل الوحيد لكوارثنا المالية والإدارية! 

إن أشد خراطيم إطفاء حرائق الفساد المالي والإداري وأكثرها نجاعة، توفرها الآن التقنية الحديثة، ونظمها المالية والإدارية الذكية، وليس ببعيد عنا ما أحدثته تقنية استخدام الرقم الوطني الإلكترونية من هزة في صرح الفساد والمفسدين. 

إن بيوت الخبرة المحلية والدولية المتخصصة في الرقابة المالية والإدارية متوفرة، وبالتأكيد لديها جميع بدائل الحل للغزنا المالي والإداري الليبي المحرج، وربما المخزي. 

لا أظن السيد معيتيق في غفلة عن الحريق الهائل ذي الأدخنة السوداء الذي يطوقنا جميعا، حتى أننا لا يسمع بعضنا البعض ولا يراه، أو نكاد!

سوف يتحتم على السيد معيتيق، وقد قذفت به الأقدار في وسط زوبعة الضجيج الليبي، أن يلعب دور المايسترو، وذلك بظهوره الذكي والفعال في وسائل الإعلام ومنابر الاتصال المختلفة، واستخدام عصا المايسترو الذهبية في توجيه الرأي العام المنفلت حتى التشظي، والملوث إلى درجة التسمم.

وفقك الله سيد معيتيق، وعتقك مما ابتلى به الكثير من كبرائنا. 

محمد عبد الله الشيباني
Aa10zz100@yahoo.com
http://libyanspring.blogspot.com
https://www.facebook.com/moh.a.shebani

ليست هناك تعليقات: